* المحقّق الخاص سعيد عيسى لصحيفة “حيفا”: ما رأيتموه وقرأتموه وسمعتموه هو غيض من فيض ممارسات التّعذيب والتّعسف الّتي جرت داخل دار رعاية المسنّين

مراسل حيفا نت | 23/02/2017

ليس كلّ ما يلمع ذهبًا
مكتب تحقيقات خاص يكشف عن فظائع وبشائع التّنكيل والاعتداء داخل “القبّة الذّهبيّة”!
* المحقّق الخاص سعيد عيسى لصحيفة “حيفا”: ما رأيتموه وقرأتموه وسمعتموه هو غيض من فيض ممارسات التّعذيب والتّعسف الّتي جرت داخل دار رعاية المسنّين “القبّة الذّهبيّة المناسبة” * محكمة الصّلح في حيفا تمدّد اعتقال ممرّضة مسؤولة وأربعة مُعالجين، بينهم عربيّ من النّاصرة *

مطانس فرح
توجّه قبل نحو خمسة أشهر، إلى مكتب التّحقيقات الخاص “עורב חקירות” في حيفا، لصاحبه سعيد عيسى، مُعالِج في مجال التّمريض صاحب ضمير حيّ (الاسم محفوظ في ملفّ التّحرير)، يعمل في دار رعاية المسنّين “נאות כיפת זהב” (القبّة الذّهبيّة المناسبة) القابع في مِنطقة “كريات إليعزر” في المدينة، طالبًا خدمة طاقم المكتب، معتمدًا على مهنيّة وخبرة المكتب، لكشف فضائح تقشعرّ لها الأبدان.
وبعد عملٍ مضنٍ وتدريبات مكثّفة للمُعالِج، وتحقيقات مستمرّة للمكتب وتوثيقات شبه يوميّة، تمّ الكشف عن فظائع ارتكبت بحقّ المسنّين والعجزة داخل “القبّة الذّهبيّة” اللّامعة، على مدار أشهر متتالية، يندى لها الجبين وينتفض أمامها الضّمير البشريّ من سباته.
وقد نشر مراسل القناة التّلفزيونيّة الثّانية، يوسي مزراحي، “ڤيديوهات”، حصل عليها من مكتب التّحقيقات، توثّق بالصّوت والصّورة، بشائع هذه الجرائم الّتي كانت بمثابة كابوس يشبه “فيلم رعب”، لعدد كبير من الأبناء والبنات الّذين ائتمنوا طاقم دار رعاية المسنّين “القبّة الذّهبيّة” على أثمن وأغلى ما لديهم، ائتمنوهم على آبائهم وأمّهاتهم، أجدادهم وجدّاتهم، مقابل مبالغ شهريّة طائلة!
وأظهرت مشاهد الڤيديوهات أمورًا مقزّزة.. فهنالك شبهات لإهمال واستهتار أديّا إلى وفاة إحدى المسنّات؛ يتعرّض المسنّون العاجزون إلى التّهديد والوعيد والتنكيل؛ يتمّ شرب الكحول خلال العمل؛ تستخدم سياسة العربَدة والتّرهيب؛ يُمَنهج التّنكيل الكلاميّ والجسديّ؛ تعذيب للمسنّين وإساءة معاملتهم وقضّ مضاجعهم؛ يغرق المسنّون لساعات في برك من البول وآخرون يلطّخون بكميّات ممّا تلفظه أمعاؤهم عند قضاء حاجاتهم؛ يُترك المسنّون للنّوم في الكراسي المتحرّكة بدل الأسرّة؛ وغيرها من الأعمال اللّا-إنسانيّة.
وبعد نشر التّقرير في القناة التّلفزيونيّة الثّانية، توجّه محقّقون من الشّرطة إلى سعيد عيسى طالبين الحصول على كافّة الصّور والڤيديوهات والتّوثيقات لمتابعة التّحقيق بالموضوع، وتقديم لوائح اتّهام خطِرة بحقّ المعتدين الأوغاد.
وعلى الفور، وأمام بشاعة ودمامة أعمال التّنكيل والاعتداء، وشبهة الإهمال الّذي تسبّب بوفاة إحدى المسنّات، قامت الشّرطة بإلقاء القبض على أربعة موظّفين/معالِجين وممرّضة من حيفا والنّاصرة و”كريات يام”، بشبهة الاعتداء والتّنكيل والإهمال. مؤكّدةً أنّه سيتمّ تقديم المعتدين والمتورّطين إلى العدالة لنيل جزائهم.
هذا وكانت قد مدّدت محكمة الصّلح في حيفا، يوم الثّلاثاء الأخير، اعتقال ممرّضة مسؤولة وأربعة معالجين، بينهم عربيّ من الناصرة. حيث أشار القاضي في قراره إلى أنّ هنالك شبهات خطيرة للاعتداء الجسديّ والنّفسيّ على المسنّين، والتّسبّب لهم بكدمات وجروحات عدّة، إضافةً إلى قضّ مضاجعهم ومنعهم من النّوم، عدا إهمالهم وتعذيبهم.
وأكّد القاضي في قراره على أنّ مواد التّحقيق تُظهر بشكل خطير جدًا، الإهمال وسوء المعاملة والاعتداءات المستمرّة الّتي تعرّض لها بعض المسنين.
وكان قد تظاهر أمام “القبّة الذّهبيّة”، في “كريات إليعزر”، العشرات من أفراد عائلات المسنّين المقيمين فيه، إضافة إلى عدد من أقارب بعض ممّن لاقوا حتفهم في دار رعاية المسنّين المذكور، محتجّين ومعربين عن سخطهم وغضبهم واستيائهم عمّا يدور داخل مسكن المسنّين، وخوفهم وقلقهم على سلامة أعزّائهم المسنّين.
وفي حديث خاصّ لصحيفة “حيفا” مع المحقّق سعيد عيسى، الّذي ساهم في فضح وكشف أهوال ما جرى داخل دار رعاية المسنّين “القبّة الذّهبيّة”، قال بتأثّر وألم واضحَيْن: لقد صدمتني مشاهد التّعذيب والتّنكيل بمسنّين عاجزين، وبالإهمال الّذي لحق بهم من قبل عدد من المعالِجين وطاقم التّمريض. مؤكّدًا أنّ ما رأيناه وقرأناه وسمعناه هو غيض من فيض أهوال أفظع وأبشع ينتفض أمامها الضّمير البشريّ من سباته.
وعن كيفيّة كشفه لهذه الأعمال التّنكيليّة والإجراميّة الّذي يندى لها الجبين، قال عيسى: توجّه إلى مكتبنا في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي معالِج يعمل في دار رعاية المسنّين، عارضًا علينا الموضوع، طالبًا منّا مساعدته لفضح وكشف الأمر إكرامًا للمسنّين ولصحوة الضّمير الإنسانيّ. لم أتوقّع بادئ الأمر ما يمكننا كشفه من مآسٍ وتنكيل بحقّ المسنّين، فجاءت النّتيجة عنيفة صادمة(!).
وفي ردّ على سؤال صحيفة “حيفا” حول كيفيّة كشف القضيّة، أجاب عيسى: بعد أن توجّه إلينا الشّاب قمنا باستجوابه عن الموضوع، ومن ثمّ بإرشاده على مدار أسابيع لكيفيّة استخدام الكاميرات المستورة والمخبّأة والآليّات المختلفة وتوجيهه وتدريبه على أسلوب الحديث والاستفسار وكيفيّة مساءَلة المسنّين والتّصوير والتّوثيق، بشكل مِهْنيّ، من دون أن يثير أيّ شكوك.
وأضاف المحقّق سعيد عيسى: وفور نشر التّقرير الموثّق والمصوّر في القناة الإسرائيليّة الثّانية، توجّه إليّ ضابط المعلومات في الشّرطة طالبًا الحصول على كافّة الصّور والڤيديوهات لاستكمال التّحقيق، كما تمّ استدعائي لمركز الشّرطة لتقديم إفادة.
وأشار عيسى إلى أنّ عمليّة التّوثيق لم تكن سهلة واستمرّت على مدار عدّة أشهر، وتمّت تحت إشرافه الدّائم، وبمساعدة طاقم مكتب “עורב חקירות” المهنّي. واختتم حديثه قائلًا: لم أتوقّع أن أشاهد أفلامًا وصورًا وأسمع تسجيلات تقشعرّ لها الأبدان، ففي حوزتنا عشرات التّسجيلات والصّور أقسى وأشدّ ضراوةً ومرارة من تلك الّتي تمّ نشرها. فتدخّل الشّرطة الفوريّ، لم يأتِ من فراغ، حيث هنالك شبهات، أيضًا، بالتّسبّب لحالتي وفاة من جرّاء الاستهتار والإهمال.
ترقّبوا لقاءً موسّعًا خاصًّا مع المحقّق سعيد عيسى حول هذه القضيّة، وأعمال طاقم مكتب “עורב חקירות” في العدد القادم من صحيفة “حيفا”.

unnamed (18)

unnamed (16)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *