رأس السنة الهجرية _( 1446 ) بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 07/07/2024

رأس السنة الهجرية _(  1446 )

بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

اليوم الاحد 07/07/2024  اول ايام السنة الهجرية 1446 , وتهل السنة ونحن نعيش محنة صعبة لم نشهد مثلها من قبل ولذا علينا أن ندرس سيرة رسول الله وأصحابه لنعلم أن الابتلاءات والمحن لم تكن تثنيهم عن الحق ولم تجعلهم يتنازلون عن الثوابت التي تربوا عليها ومن اراد أن يكون بصحبة الأنبياء والصالحين لا بد له من الصبر والمصابرة , وان كنا بصدد الهجرة الى المدينة المنورة ولكن الدارس لسيرة رسول الله يعلم أن هذه الهجرة كانت قد سبقتها هجرة الصحابة الى الحبشة حيث أن رسول الله رأى شدة المحنة التي يمر بها اصحابة من قتل وتعذيب بكل ألوان العذاب فقال لهم ( لو خرجتم الى أرض الحبشة فإن بها ملك لا يظلم عنده أحد . وهي أرض صدق , حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه ) وكان من بين الذين هاجروا من مكة الى الحبشة مشيا على الاقدام او على الدواب عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله , وأبو حذيفة وزوجته , والزبير بن العوام , ومصعب بن العمير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم والذي اطلع على تراجم هؤلاء يجدهم اما من اهل بيت رسول الله او من المقربين اليه لنعلم أن اهل بيت رسول الله لم يكونوا متنعمين بالديباج والزبرجد بل كانوا اول من خاض غمار المحن والابتلاءات ولكنهم صبروا على الحق وقد يسأل سائل لماذا هاجروا اصلا ولما لم يثبتوا على دينهم في مكة ؟ والجواب مكة تآمرت على رسول الله واصحابه وارادت القضاء على هذا الدين الناشئ ودورهم حمايته لأن بحمايته يمكن حماية الوطن الذي تركوه وهذا حصل بعد الهجرة الثالثة الى المدينة المنورة بثمان سنوات لأن الدين واقامة دعائمه اساس ومصدر لكل قوة  وقد تغيب الرسول عن الهجرة الى الحبشة لأن دوره لم ينته في مكة ولكن بغياب اصحابه واهل بيته من المؤمنين انزلت قريش اشد الوان العذاب برسول الله فقرر ان يخرج مهاجرا الى الطائف لعله يجد النصرة من اهلها للقرابة التي تربط اهل الطائف باهل مكة  ولكن اهل الطائف لم يكن حالهم في الرد على رسول الله الا بتحريض الصبيان والغلمان والعبيد على رسول الله يرمونه بالحجاة حتى سال الدم من قدميه وصديقه في هذه الهجرة زيد بن حارثة شج في رأسه عدة شجاج لأنه حاول منع الحجارة من ان تصل الى رسول الله فخرج الرسول من الطائف حزينا كئيبا ووقف يدعو ربه ( اللهم اليك أشكوا ضعف قوتي , وقلة حيلتي , وهواني على الناس , يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي , إلى من تكلني ؟ الى بعيد يتجهمني ؟ أم الى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي , ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات , وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك , لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك ) وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن طريق الحق محفوفة بالأشواك وأن رسول الله كان القدوة الحسنة للمؤمنين على مدار التاريخ حتى في تلقي الوان العذاب بالصبر والثبات وحسن التوكل على الله واليقين بأن الله لن يخلفه وعده بنصره والمؤمنين والافت للنظر في هذه الهجرة أن ابني ربيعة الذان كانا اشد المحرضين على رسول الله رق قلبهما عليه فبعثا عداس النصراني  بقطف عنب الى رسول الله فلما وضع عداس قطف العنب بين يدي رسول الله وقال : كل . مد رسول الله يده وقال بسم الله , ثم أكل فقال عداس متعجبا : والله هذا الكلام لا يقوله اهل هذه البلاد , فقال له رسول الله , ومن أي البلاد أنت ؟ فقال من أهل نينوى . فقال رسول الله ( من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ ) فقال عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ قال الرسول ( ذلك أخي , كان نبيا وأنا نبي ) فأكب عداس عليه يقبيله . وقد علق احد العلماء الاجلاء على هذه الحادثة فقال (وجاءت النصرانية تعانق الاسلام وتعزه , إذ الدين الصحيح من الدين الصحيح كالأخ من أخيه , غير أن نسب الأخوة الدم , ونسب الدين العقل ) وعاد الرسول الى مكة بعد ذلك ليكمل مشوار دعوته وبدأت الوفود التي تأتي الى مكة حاجة على عقيدة الكفر منها من يدخل الاسلام ومنها من اصبح يشكك في عقيدة الجاهلية والطغيان مما اثار حفيظة اهل مكة وقرروا قتل الرسول الكريم بعد أن انزلت بمن آمن معه اشد الوان العذاب فأذن بداية لأصحابه بالهجرة الى المدينه وهنا السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختار الرسول المدينة عن سواها ؟ والجواب أن الرسول اخذ بكل الأسباب لتهيئة الجو المناسب لرسالته لأن طبيعة رسالة الاسلام اذا وجدت الجو المناسب الهادئ والبعيد عن العنف تمكنت من التغلغل في عقول ونفوس الأصفياء لذا عرض نفسة على القبائل التي وفدت الى مكة ومنها قبائل المدينة التي كانت تسمى يثرب فبايعوا الرسول بيعة العقبة الاولى ثم الثانية والتي من خصائصها حماية رسول الله ومن يهاجر معه كما يحمون اهلهم ثم انه بعث مصعب ابن عمير يعلم اهل المدينة تعاليم الاسلام حتى دخل الاسلام كل بيت من بيوتها  لذا لما هاجر اليهم الرسول استقبلوه بنشيد ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالامر المطاع جئت شرفت المدينة  مرحبا يا خير داع ) وللحديث تتمه في الاسبوع القادم باذن الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *