زاوية اقتصادية تحدّيات القيادة النسائية: معركة الميزانية ومواجهة الشعبوية في مؤسساتنا, ” الحلقة الثالثة عشر ” بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 22/06/2024

تحدّيات القيادة النسائية: معركة الميزانية ومواجهة الشعبوية في مؤسساتنا

كعادتنا كل صباح اثنين، يكون ملقانا في المقهى في شارع يافا. ربيع، أميرة ووداد. نحن أصدقاء منذ زمن بعيد تجمعنا المحبة، وتكللت صداقتنا بالوفاق الثقافي والعمق الفكري، الذي كان يحتاج إلى رفاق درب لإتمام المسيرة.  

لكن هذا الصباح لم يكن مثل كل الصباحات، لأن وداد أصرت أن نلتقي بأسرع وقت لنقاش موضوع ملحّ، وهو موضوع ميزانية كبيرة عُرضت عليها من وزارة التربية والتعليم، بعد سنين من المحاولات، لتنفيذ مشروع مجتمعي كبير في الجمعية التي تعمل بها.  

تبادلنا التحيات، ولم نتحدث عن حياتنا الشخصيةالخاصة، بل دخلت وداد في الموضوع مباشرة: “يا جماعة، عندي مشكلة، وهي بالرغم من أننا حصلنا على الميزانية، لكن مديرة قسم الموارد البشرية، البعيدة كل البعد عن كيفيةإدارة المشاريع أو الميزانيات، أقامت الدنيا وأقعدتها فقط لأنها ابنة خالة رئيس أحد الأحزاب العربية، وباتت تحرّض عليَّ وعلى كل مشروعنا بأنه صهيوني، مع أن كل ما تقوله كلام فارغ. لكن هذه التي اسمها نهاية طويلة اللسان وعقلها أصغر من عقل برغشة، ولولا صلتها برئيس الحزب لما تمكنت أصلاً من أن تكون أكثر من ربّة منزل، وحتى هذا كثير عليها، لأنها لم تتمكن من أن تكون كذلك رغم تقدم سنها.”  

ما المشكلة؟ سأل ربيع، “أنت المديرة وتعرفين، أن الأحزابالعربية هي التي طالبت بهذه الميزانية. كما نعلم نحن من أنتن وأنت تعرفين نفسك حق المعرفة، وأن مشروعك هو للنهوض بالشباب في المجتمع، وإبعادهم عن الجريمة والانحلال الأخلاقي، والتقدم بهم نحو الرقي المجتمعي، بما في ذلك مشروع تعزيز الهوية، بأشرف وأنبل نهج ممكن.”  

“يا ربيع”، أجابت وداد، “إن نهاية أنشأت تحالفًا ضدي، ولولا العيب لقلت إنها أنشأت تكالبًا ضدي، من أصحاب العقول الجوفاء، التي تتقن فقط التملق للزعيم وإحاطتهبالشعارات الشعبوية الطنانة.”  

فضربت أميرة على الطاولة مصرحة، “لماذا نحن نسويات؟ لماذا تعبنا طيلة هذه السنين؟ ليأتينا الزعيم المأفون بعد كل هذه السنين في نضالنا النسوي، ويملي علينا ما نفعل، وبالتالي يتحالف ضدنا أتباعه الذين لم يقدموا شيئًا. أليس هذا ما ناضل من أجله نوابنا العرب الشرفاء منذ عشرات السنين، لأن تكون لنا ميزانية نصرفها من أجل شبابنا؟والآن أصبحنا نسويات ناضجات متعلمات، مثقفات، بوسعنا أن نقود المجتمع وندير شؤونه”.  

اسمعيني يا وداد، نفذي المشروع ولا تكترثي بأحد، فنحن أكبر مرجعية ولنا كل المصداقية.”  

عندها أوضح ربيع، الخبير بإدارة ميزانية الدولة، “هذا عنائي منذ عشرين عامًا، يطلبون الميزانية في الكنيست، ثم يحصلون عليها، توزع، ولكن لضعفهم في عالم الإدارة لا يستغلونها، ولا يصرفونها، بل تعود كما هي في نهاية كل عام إلى صندوق الدولة. وأشد ما يؤسف، أنه عندما يمارس أي طرف واع حقه باستغلال هذه الميزانية وصرفها بشرف لخدمة مجتمعه، يلصقون به أبشع الاتهامات لإخفاء فشلهم.”  

حينها تدخّلتُ وقلتُ، “هذا عالم كبير، يحتاج لخبرات مهنية، وموقفكم هو موقف جبار، فاستمروا ولا تخضعوا لهذه الشعبوية القاتلة الحارقة. أما عن حيثيات إدارة الميزانيات الحكومية، في البلديات والمجالس والجمعيات، سوف أطرحعددا من المقالات لشرح ملابسات هذا الموضوع لقرائنا الأعزاء.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *