شرح عام بأحكام الميراث بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 01/09/2021

شرح عام بأحكام الميراث

الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

 اقدم هذه المادة لأن هذا الموضوع يثير نقاشا حادا بين الناس فمنهم من يطعن بقسمة القرآن الكريم ويعتبره ظلما للمرأة ومنهم من يمنع الميراث عن مستحقيه وخاصة النساء بحجة كيف نعطي مالنا للغرباء وباعتقادي أن في كلا التوجهين تعد على شرع الله وعدم الفهم لطبيعة العدل الرباني ولا يكون هذا التعدي على الشرع الا لمعرفة الناس أن المال قوام الحياة ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) وينسون أنه أمانة بين أيديهم يجب أن ينفق على مراد الله قال تعالى ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) وعند موت الإنسان  ترجع تركته الى الورثة وحتى لا يكون تحكم البشر بهذا المال وضع له القرآن الكريم النظام الكامل الذي لا نجد تفصيلات كتفصيلاته حتى في أحكام الصلاة فقد تكفل ربنا بتقسيم المواريث في كتابه ومن راجع الحال الذي كان عند نزول آيات المواريث يجد أنه قبل نزول هذه الآيات لم يكن يرث إلا الذكور الذين يركبون الخيل ويستطيعون القتال فرد عليهم ربنا بقوله ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له اخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما * ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين , وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصىيبها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حكيم ) ثم يعقب القرآن على عقوبة من لم يلتزم بهذا التوجيه القرآني بقوله تعالى ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) وتختم سورة النساء بقوله تعلى ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ) ويظهر من هذه الآيات أمور عديدة أولها قبل توزيع التركة يجب على الورثة سداد الديون عن الميت بشرط أن لا يستهلك الدين أكثر من ثلث التركة ثم الوفاء بالوصية التي يوصي بها المتوفى بشرط أن لا يوصي لوارث , فالآية الأولى تتطرق الى نصيب كل من الأولاد ذكورا وإناثا والوالدين , والثانية نصيب الزوج والزوجة مع وجود الأولاد أو عدم وجودهم أما الكلالة وهو الميت الذي يموت وليس له أصول أو فروع كالوالدين والأولاد فإن كان له أخوة لأم فإنهم يرثون ثلث التركة وتكون القسمة بينهما بالتساوي ذكورا وإناثا , أما الآية الأخيرة تتعرض لمن مات وليس له أصول أو فروع وله أخوة أشقاء من أبيه وأمه فتركته ترجع اليهم ويكون نصيب الأخ الشقيق ضعف نصيب الأخت الشقيقة ,وقد فرض الله تعال توزيع التركة  وتولى بيان ذلك أولا حفظا للعلاقات الاجتماعية بين الناس ونحن نسمع عن عداوات شديدة بين الأقارب تمتد لسنوات طويلة سببها عدم توزيع التركة  ومن يدقق في الآيات السابقة يجد أنها راعت أمور كثيرة منها استقبال الحياة واستدبارها  ومنها تقديم ابن الميت على والده لأن الوالد مستدبر للحياة والابن مستقبل لها ثم أن نفقة الجد واجبة على حفيده إن كان محتاجا وقد راعت قوة القرابة ( الأخ لأب والأخ لأم )  وراعت المفاضلة بين الورثة مثل الابن وإبن الإبن  ومن ابرز الاعتراضات على الشريعة هي أن البعض يقول أن الشرع يظلم المرأة حيث يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين  وهذا جهل بالعدل الرباني والإنصاف بين العباد فلو نظرنا الى النظام المالي في الشريعة يجد ان العبء الكبير يقع على الرجل مثال ذلك الرجل يدفع مهرا والمرأة تأخذ مهرا ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) الرجل مكلف بالنفقة على البيت أما المرأة نفقتها واجبة على زوجها حتى ولو كانت غنية إلا أن تتصدق على زوجها قال رسول الله ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )  ففي حال مال الرجل مستهلك فمال المرأة مدخر أو مستثمر في مشاريع ولا دخل لزوجها بذلك وهذا يقول أن الشريعة راعت مصالح المرأة وحافظت عليها بحنان ولطف شديد ومع ذلك عند مراجعة الآيات الكريمات نجد أنه ليس بكل الأحوال يحصل الرجل على ضعف المرأة لأن الذكورة الأنوثة ليست هي الاعتبار إنما الاعتبار من يتحمل العبء الأكبر ثم أنك تجد أن في بعض الحالات تساويه  وبعضها تفوق عليه ولا تحصل على نصف ما يحصل عليه إلا اذا تساووا في درجة القرابة لذا تجد في القرآن ان حالات التركة وتوزيعها يصل الى أربع وثلاثين حالة من أحوال الميراث ترث فيها المرأة بنسب مختلفة فعشر حالات ترث المرأة مثل الرجل وعشر حالات ترث المرأة أكثر من الرجل وعشر حالات تحجب المرأة فيها الرجل وتأخذ الإرث كاملا وأربع حلات فقط يكون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين  نضرب لذلك مثلا اذا ماتت المرأة وبقي زوجها وابنتها فإن ابنتها ترث النصف ويرث والد البنت الربع فتكون البنت قد اخذت ضعف والدها  ومثال آخر اذا ترك الميت زوجة وابنتين وأخا له فإن الزوجة ترث ثمن المال والإبنتان الثلثين  وما بقي لعمهما وهو أخ الميت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *