ليالي الظَّمأ بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 02/05/2021

ليالي الظَّمأ
رشدي الماضي

تُمثّل رواية “ليالي الظّمأ” للأديب المغربي عبد الجليل الوزّاني، نموذجا ثريّا لدراسة “التّناص”، لكون بناؤها
الفنّي قائما على تفاعل النّصوص…
يتجلّى ذلك في التّقاطع والتّداخل بين الخطاب الرّوائي وبين الخطاب السّيري، مِمّا أَبْقى “التّناص” مظهراً مميّزا للرواية، نظرا لأنَّ بناءَها الفنّي قائم على أساس “التَّناص”…
وقد استعمل المؤلّف هذه التِّقنيّة بهدف كَسْر الحواجز بين الأَجناس الأَدبيّة، ومن ثَمَّ تأسيس كتابة نصيّة شاملة جنح فيها إلى استدعاء السِّيرة الذاتيّة لإثْراء النّسيج الكلّي لروايته…
وأسارع هنا إلى التّأكيد أَنَّ المؤلف لم يهدف من وراء ذلك، إلى محاكاة الواقع فحسب من خلال استدعاء ماضي شخصيتهِ، بقدر ما سعى إلى محاكاة الأدب نفسه مُتحقّقا في نصّ آخر، هو بالتّحديد نصّ “السّيرة الذاتيّة” لأَبي العِزّ…
وهكذا، عمل الكاتب إلى خلق شكل فنّي للرّواية يستمد عناصره من محاكاة نظرية الأدب المرتبطة بإشكاليّة كتابة النّصّ الرّوائي من جهة، وتداخله مع السِّيرة الذاتيّة من جهة أخرى…
وتبرز” للمسافر” قراءةً في هذه الرّواية، حقيقة تُمَكِّن الكاتب من المَضيّ أشواطا من التّجريب والصَّنعة، وهو ما نُطْلِقُ عليه عادةً، التَّداخل الرِّوائي والسِّير ذاتي، بحيث تتقلّص الحدود بينهما، وتكاد هنا… هناك تمَّحي…
وعليه، يُصبح الشّكل الرّوائي القائم على الوِحْدة شكلا ديناميّا، يَجِدُ انسجامَهُ في التّفاعل النّصيّ والانفتاح في آن… فأصبح هذا التّفاعل والانفتاح وعمليّة التَّداخل النّصيّ، أصبح يَسِم النّصّ الرّوائي بصبغة حواريّة تُزاوج بين الإبداع والنَّقد، وهو ما راهن عليه المؤلّف نزوعا تجريبيّا…
ومن الضروريّ أن نضيف للتّوضيح، أنَّ “السّيرة الذاتيّة” في رواية “ليالي الظَّمأ” تحضر بصورة جَليّة فيها، مَتْناً ومصطلحا وعَنْوَنة… ولغرض التَّحديد: فإنَّ مفردة “السِّيرة” وردت عديداً من المّرات في الرّواية، كما وردت مرّتين على لسان الشَّخصيّة الرّئيسة فيها “ابراهيم”، فها هو حينما ينتهي من قراءَة السّيرة الذّاتيّة “لأبي العزّ” تسترعي انتباهه الصّفحة الأخيرة، فيتساءَل:-
هل هذه هي النّهاية؟… لكن قناعته أكّدت له أَنّها ليست النّهاية التي أرادها الكاتب لنفسه!!! فيُضيف: لا بُّدَّ أنّ هناك أوراقا سقطت سهوا او عمدا!!! وحال حائل دون وصولها إليه… لكنَّهُ يتوقّف قليلا… ثُمَّ يتساءَل: هل من الضّروريّ أن تكون هناك نهاية أُخرى غير هذه؟!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *