مصارف الزكاة بقلم الشيخ رشاد

مراسل حيفا نت | 28/04/2021

مصارف الزكاة
الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي
لقد حدد القرآن الكريم مصارف الزكاة , أي لمن تجب الزكاة بسورة التوبة فقال تعالى (إنما الصدقات للفقراء , والمساكين , والعاملين عليها , والمؤلفة قلوبهم , وفي الرقاب , والغارمين , وفي سبيل الله , وابن السبيل , فريضة من الله والله عليم حكيم ) وقد اعتنى القرآن بهذه المصارف حتى لا تذهب الزكاة الى من لا يستحقها لان امام المال الكثير من النفوس تضعف وتريد الاستزادة من المال ولو بغير حق فنزع القرآن إمكانية التلاعب في توزيع الزكاة من ايدي الناس ليصبح التوزيع واجب مقدس وقد جاءت هذه الآية لما بعض ضعاف النفوس لمزوا رسول الله بالصدقات فرد عليهم القرآن بقوله تعالى (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون . ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا الى الله راغبون ) ومباشرة يذكر القرآن مصارف الزكاة وبذلك قطع المطامع وجعل امر الزكاة جليا واضحا يروى أن رجلا جاء الى رسول الله فقال : أعطني من الصدقة , فقال له رسول الله ( إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقة , حتى حكم هو فيها , فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك )وجاء هذا الاهتمام بالصدقة ( الزكاة ) لأن من السهل جمع المال ولكن الأهم ، توزيعه على المستحقين له , لذا تعالوا ننظر سريعا الى من يستحق للزكاة فقد بينت الآية أن اول صنفان يستحقان الزكاة هم (للفقراء والمساكين ) واليوم الشغل الشاغل للجان الزكاة بهذا الصنف لأنه الأولى وتأتي هذه الأولوية حسب الترتيب القرآني حيث أمرنا أن نبدأ من حيث بدأ الله , وهنا ملاحظة لا يقصد بالفقراء والمسكين الذين يجوبون الشوارع للتسول فهذه مهنتهم وقد تجلب عليهم الأموال الكثيرة فعند ذلك تزول عنهم صفة الفقراء والمساكين ولكن الفقراء والمساكين أمرهم يحتاج الى بعض التفصيل فقد ذهبت طائفة من العلماء الى القول ان الفقراء والمساكين هو اسم لصنف واحد وقال المفسر الطبري : الفقير : هو المحتاج المتعفف الذي لا يسأل الناس , والمسكين : هو المحتاج المتذلل الذي يسأل ) وهنا لا بد من الانتباه الى أن الفقهاء المالكية الشافعية والحنابلة ,قالوا : الفقر والمسكنة يدور حول من لا توجد له الكفاية مثال انسان يحتاج كل شهر الى عشرة آلاف شاقل دون تبذير واسراف ولا دخل له الا خمسة آلاف شاقل فيدخل في هذا المصرف أما الحنفية فقالوا هو دون النصاب أي بقيمة 85 غرام ذهب او يملك اثاث وأدوات ويحتاجها لحياته اليومية ويعطى هؤلاء من الزكاة بالقدر الذي يخرجهم من حالة الفقر والمسكنة الى الحياة الكريمة بشرط أ لا تكون الحاجة بسبب كسل فقد ذهبت الشافعية والحنابلة الى القول ( لا يجوز صرف الزكاة . الى غني من سهم الفقراء والمساكين , ولا الى قادر على كسب يليق به , يحصل له منه كفايته وكفاية عياله ) لقول رسول الله ( لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ) والمرة : القوة والشدة , والسوي : المستوي السليم الأعضاء الا إذ تفرغ للعلم فيأخذ من الزكاة . وقد ذهب بعض العلماء الى ضرورة إعطاء الفقراء والمساكين من الزكاة بقدر يخرجه من الفقر والحاجة الى الغنى حتى لا يحتاج الى زكاة مرة أخرى ومن أروع المشاريع ان تكون له حرفة يعمل بها ويعان على ذلك في آلات حرفته .أما المصرف الثالث للزكاة فهو مصرف (والعاملون عليها ) وهم الجباة للزكاة حيث يجمعونها ويوزعونها فإذا كان هؤلاء قد تفرغوا لهذا العمل عن طريق لجان خاصة او جمعيات خيرة وتركهم لهذا العمل قد يضر بمصالح الفقراء عندها يعطوا اجرة من الزكاة ليحصوا الأموال فيجمعون الزكاة ويحصوا المحتاجون للزكاة ويضبطون أسمائهم ويتابعونهم بشكل مستمر لا كما نرى عند بعض اللجان التي لا يتفرغ احد لهذا العمل , فهؤلاء لا يستحقون من الزكاة أي شيء , هؤلاء يجب أن يكونوا على دراية بكل فقه الزكاة حتى لا يأكلوا أموال الناس بالباطل وأن يكونوا أمناء ثقات قال تعالى على لسان ابنة شعيب ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) قال رسول الله ( من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا (ابرة خيط ) فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة ) وهؤلاء لا يجوز لهم اخذ الهدايا من مخرجي الزكاة . أما المصرف الرابع: ( والمؤلفة قلوبهم ) فهؤلاء أما أناس يتوقع شرهم فإن أعطوا من الزكاة تحولوا عن شرهم الى الخير أو أناس حديثي عهد بالإسلام فإن أعطوا من الزكاة ثبتوا على ايمانهم , أما المصرف الخامس فهو ( في الرقاب ) أي دفع أموال من الزكاة لتحرير العبيد وهذا السهم بهذا التوجه لا مكان له لان الرق اصبح من الماضي ولكن يمكن ان يصرف هذا السهم على الاسرى بأن تدفع الاموال الى المكاتبين من محاميين او دفع من اموال الزكاة لفك رقابهم من الاسر ملاحظة : بهذه الطريقة انحصر الرق بالنظام الاسلامي , المصرف السادس : هو ( والغارمون ) هم المدينون الذين تحملوا الدين بسبب النفقة او علاج ام تأثيث البيت ونحو ذلك بشرط أن لا يكون فيه اسراف ولا تبذير بل بقدر سد الحاجة قال قتادة (المستدين بغير سرف , ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال ) المصرف السابع ( وفي سبيل الله ) وهذا يعود لكل عمل خالص يتقرب به الى الله والمصرف الثامن ( وابن السبيل ) وهو المسافر الذي ينتقل من بلد الى آخر فانقطعت به السبل روى الطبري عن مجاهد ( لابن السبيل حق من الزكاة وإن كان غنيا ,إذا انقطعت به السبل )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *