الفلسطينيون وحكاية شعب لا يقهر/ بقلم: الإعلامي أحمد حازم

مراسل حيفا نت | 27/04/2021

الفلسطينيون وحكاية شعب لا يقهر/ بقلم: الإعلامي أحمد حازم

لم تتوقف الانتفاضة إلا في عام 1993 عندما تم في البيت الأبيض توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية

الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي أطلق عليه اسم “انتفاضة الحجارة” بدأت في الثامن من شهر ديسمبر/كانون أول عام 1987 وانطلقت من مخيم جباليا في قطاع غزة، وانتشرت بعدها في أرجاء الضفة الغربية، وظلت مستمرة بزخم مختلف لمدة ست سنوات. إسرائيل حشدت أكثر من ثمانين ألف جندي لوقف الانتفاضة، واستخدمت سياسة “تكسير العظام” الذي شجعها اسحاق رابين حين كان وزيرا للدفاع في تلك الفترة. الانتفاضة الأولى حملت أيضاً صفة أخرى. فقد أطلق عليها “انتفاضة المساجد” لأن القوى العلمانية توحدت مع القوى الإسلامية وجعلت من المساجد نقطة انطلاق للمظاهرات التي شملت كافة أراضي الضفة.
ولم تتوقف الانتفاضة إلا في عام 1993 عندما تم في البيت الأبيض توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، والتي معها بدأت المفاوضات العلنية المباشرة من أجل حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن لم يحدث أي تقدم ملموس للفلسطينيين حتى عام 2000، أي بعد سبع سنوات على مفاوضات أوسلو.
في الثامن والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر عام 2000 اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عندما اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي وقال إنّ الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، الأمر الذي أثار استفزاز الفلسطينيين، وامتدت الشرارة إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ”انتفاضة الأقصى”. وقد تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
الحجارة كانت سيدة الموقف في الانتفاضة الأولى بينما كانت القنابل الحارقة والكلاشينكوف هي التي أثبتت وجودها في الانتفاضة الثانية مع إرادة وصمود المنتفضين. أما الأحداث الحالية فقد التقى فيها مجدداً الحجر مع السلاح والتصميم على الدفاع عن “أقصى” المسلمين. بوركت أيها الشباب الفلسطيني، بوركت بما تفعله من تصدي للمحتل. لقد صدق الشاعر السوري نزار قباني عندما قال في قصيدة له عن شباب انتفاضة الحجارة:” “بهروا الدنيا..وما في يدهم إلا الحجارة.. وأضاؤوا كالقناديل، وجاؤوا كالبشارة.. يا تلاميذ غزة علّمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا..علمونا بأن نكون رجالا…فلدينا الرجال صاروا عجينا.”
نعم، على تلاميذ غزة أن يعلموا الحكام العرب كيف يكونوا رجالاً وقت المحن، لكن الحكام في واد وشباب غزة في واد آخر.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، قال خلال ندوة إلكترونية حول الأحداث في القدس:” القدس ليست وحدها وغزة حاضرة بمقــاومتها وصواريخها لحماية أهلنا في الأقصى المبارك”. صحيح أن هنية قد أفهم العرب بأن “القدس ليست فقط للفلسطينيين، بل هي عربية إسلامية، وهي محورية الصراع” لكن تلك الدول العربية والإسلامية التي يخاطبها هنية، فإن حكامها مصابون بالطرش والبعض منهم مشغول بكيفية الاعتراف بالدولة التي تحتل القدس، بعد أن اعترف بعض آخر بها ضارباً بعرض الحائط كل المقدسات الإسلامية فيها.
هم يعتبرون القدس “عربية إسلامية” وقت السلم فقط، أما في وقت تعرضها لمكروه واعتداءات، فلا دعم ولا إسناد للقدس، وبدلاً من وضع استراتيجية المشاركة في الدفاع عن القدس، نراهم مهتمون في عملية التطبيع. ولقد كان الشاعر العراقي مظفر النواب على حق تماما عندما خاطب الحكام العرب في قصيدة له بعنوان (القدس عروس عروبتكم) بالقول:” القدس عروس عروبتكم !! فلماذا ادخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها… لست خجولاً حين أصارحكم بحقيقتكم… إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم”.
وحالة الفلسطيني في الدفاع وحده عن القدس وتخلي الحكام العرب في الدفاع عنها، ينطبق عليها ما جرى مع النبي موسى وقومه عندما تخلوا عنه: ” قالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”. نعم الحكام العرب قاعدون والفلسطيني يدافع عن القدس بحماية رب العالمين.
الفلسطيني دمر أسطورة “م يركا فا” الدبابة الإسرائيلية التي قالوا انها لا تقهر وكاد النظام العربي الرسمي أو غالبية الحكام العرب أن يصنعوا منها ثمثال رمز للقوة، والفلسطيني لم تهمه “القبة الحديدية” أو غيرها من القبب واستمر في إسقاط الصواريخ على من يقصفون عزة بمقاتلات أف 35 وغيرها.
الانتفاضة الأولى انطلقت شرارتها من قِطاع غزّة، والانتفاضة الثانية المُسلّحة انطلقت من القدس المحتلّة بعد تدنيس شارون للأقصى مع جنوده، فهل نشهد هذه الأيام انطِلاق انتفاضة ثّالثة من الضفّة والقِطاع معًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *