قوّة الكلمات بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 02/04/2021

قوّة الكلمات
رشدي الماضي

يؤمن المبدع الأصيل ب “قوّة الكلمات” ويرى بأنّ الزّمن بأبعادهِ المختلفة، “فَمَهُ” مليء بها…
وهذا ما يجعلُهُ، شاعراً كان أم أدبيّا ساردا، يمضي؛ ” مِن حَدّ السّكين إلى المستقبل”، الذي قد يكون بالنّسبة له هو الوطن، إذ لا يكون المستقبل إلّا بهِ…
وعليه، يُصْبح الوطن هو شخص المبدع ذاته، لأَنَّهُ وهو يمضي إلى “الغَد”، يضع الوطن ونَصَّهُ الإبداعيّ فوق كتفيهِ، مِمّا يجعل توالد الوطن يساوي نصوصه المتوالية التي ينتمي إليها، فما أَن تبلغ النّصَّ الأَخير حتّى يستوي الوطن كاملاً فوق حيّز الوجود…
ولا يخفى على المُتلقي الرَّائي أَن المبدع يشتقّ الوطن مِن الامكانيّة الانسانيّة المُجردة، وهي عادةً تُصاحب في لغةِ المبدع التَّحريضيّة السَّاخنة، العواصف والجزر والأَسلاك الشَّائكة ألتي تجعل المبدع عادةً يُرسل بالانسان العادي والقلقِ، إلى “كهوف” الصَّمت والسَّكينة؛ محطّةً أخيرة ومكانا!!!
ولمزيدٍ من شَرْح الموضوع، أعودُ إلى الفيلسوف الفرنسيّ غاستون باشلار وكتابهِ:
“جماليات المكان”… حيث يقول فيه:- ” إنَّ المُتناهي في الصِّغر هو أحد مآوي العظيمة “… مِمّا جعلَهُ يؤكّد بوضوح مدى علاقة “العمل الإبداعي” بالتّفاصيل الصَّغيرة، أيّ قُدْرة “المفردة” شعراً كانت أم نثراً، على اسْتيلاد أُمورها الكبيرة من أجزاء صغيرة… لِيُصبح المُتناهي في الصّغر هو سَيِّد القوى، بمعنى: أَنَّ كلّ ظاهرة تُشتقّ، ابداعيّا، من عالم لا يساويها… ولأَنَّ الابداعيّ يَسْتولد جبالهُ من نُثار لا يُرَى، يستطيع المبدع أنْ يتمدّد خلف ورقة العشب ويرى السَّماءَ أكبر!!! فالمعروف أنَّ المبدع في داخلِهِ “اشياء” لذلك يترك خارجَهُ “أشياء وأَشياء”…
في مثل هذا الوضع، يُصبح المبدع مُتعدد أَنواع الحراك، فنراهُ يذهب “اليوم” الى “المعركة” بينما يكون في “الغد” خطيبا في المتظاهرين وهكذا دواليك…
وبسبب هذا، أصبح بإمكان “النّصّ الابداعيّ” سواء مسَّ الشِّعر أو الرواية أن يتكلّم عن الموت والميلاد والأرض و.و.و… بُغيةَ إعلان “الخلاص والبشارة” كشرط انسانيّ تحتاجه الحياة كي تستنهض في أبنائها الإرادة والصُّمود والأمل والإيمان بالانتصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *