احداث قبل الاسراء والمعراج ( 1442هجري) بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 04/03/2021

احداث قبل الاسراء والمعراج ( 1442هجري)
بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

كلما هل علينا هلال شهر رجب الذي هو من الأشهر الحرم لأن الأشهر الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد : اما السرد ذو الحجة وذو القعدة ومحرم اما الفرد فهو شهر رجب قال تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) فبهلاله تهل علينا ذكريات عطرة طيبة من سيرة رسول الله والتي تدل على مدى المعاناة التي عاناها هو واصحابه حتى اوصلوا لنا رسالة السماء , فمن اسلم مع رسول الله لربه لقي أشد الوان العذاب بشكل فردي أو جماعي , فلم تتردد قريش في استعمال كل الوان العذاب مثل الكي بالنار او الضرب والشتم والاستهتار فعمار بن ياسر كان يكوى بالنار ثم يغمس بالملح ليزداد ألمه وكانوا يلحون عليه ان يكفر بالله ويذكر اللات والعزى ( اصنام لهم ) بالخير فمن شدة ما نزل به من أذى ذكر اللات والعزى بخير فاطلقوا سراحه فجاء يمشي على استحياء الى رسول الله وقص عليه خبره فقال له رسول الله ( كيف تجد قلبك ؟ قال : قال مطمئن بالإيمان . قال رسول الله : فإن عادوا فعد ) بمعنى ما دام قلبك مطمئن بالإيمان فان عادوا الى تعذيبك فاذكر اللات والعزى بخير حتى لا يصيبك مكروه , اما والداه ياسر وسمية فقد قتلا فكانت سمية ام عمار اول شهيدة في الإسلام , أما بلال فالقي في الصحراء على الرمل ووضعوا على بطنه حجرا وركلوه بأقدامهم ليترك دينه فأبى وكان يردد أحد , أحد . وصهيب الرومي كان يوضع على حجارة اوقدت عليها النار حتى احمرت حتى حفرت بظهره الحفر الى يوم لقي الله وزنيرة عمي بصرها وعثمان بن عفان يعلق ثم توقد النار من تحته وغيرهم الكثير فأشار رسول الله على أصحابه بالهجرة الى الحبشة , وفعلا تمت الهجرة الى الحبشة ولكن الرسول بقي يصارع ويقارع الطغاة من اهل قريش فكان مما لقيه رسول الله على أيديهم ان قريش تعلن حصارا شاملا اقتصاديا واجتماعيا ومعاناة نفسية على رسول الله وعلى البطن الذي هو منه ( بنو عبد مناف ) حيث شمل الحصار بوثيقة علقت في الكعبة ان الحصار يشمل كل بني مناف مسلمين وكفارا . فلا يزوجوهم ولا يتزوجوا منهم , ولا يبايعونهم ولا يجالسونهم ولا يدخلون بيوتهم ولا يكلمونهم ولا يقبلوا من بني هاشم صلحا ولا تأخذهم بهم رأفة ولا يشترون منهم ولا يبيعونهم حتى يسلموا رسول الله ليقتلوه وهذا الحصار استمر ثلاث سنين فكان النساء والصبيان يبكون من شدة الجوع وأكلوا ورق الشجر والجلود فجاءت مجموعة من المشركين أخذتهم الحمية وقاموا الى الوثيقة ليمزقوها فوجدوا ان دودة الارضة قد اكلتها . واتهم رسول الله بالسحر والكهانة والكذب , فقرر رسول الله التوجه الى الطائف لعله يجد متسعا لنشر دعوته فقال له احدهم : ما وجد الله أحدا يرسله غيرك ؟ وقال آخر : والله لا اكلمك أبدا , لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام , ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك , فطلب منهم الرسول الكتمان ليعود الى مكة ولكنهم سلطوا عليه الغلمان والنساء والعبيد ليرجموه بالحجارة وزيد بن الحارث يدافع عنه فسال الدم من رسول الله فلما خرج من الطائف آوى الى بستان وأخذ يدعوا الله فمما قاله (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك الحمد حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك )وهذا يدل على مدى حزن رسول الله وأسفه لما لقي وقد عبر عن ذلك حين سألته ام المؤمنين عائشة قائلة : هل أتى عليك يوم اشد عليك من احد ؟ فقال (لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان اشد ما لقيت إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل فلم يجبني لما اردت . فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بفرن الثعالب . فرفعت رأسي فإذا انا بسحابة تظلني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال ( إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك , وقد بعث الله اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم , فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد , ذلك فيما شئت , إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي ( بل ارجو أن يخرج من اصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا ) فلم يستطع رسول الله العودة الى مكة الا بجوار رجل مشرك وهو مطعم بن عدي . وزاد همه وتجرأ عليه السفهاء في مكة بعد موت عمه أبو طالب وزوجته خديجة بنت خويلد حيث ماتا في عام واحد وهما كانا السند والعضد لرسول الله فخديجة كانت سنده في البيت تواسيه وتخفف عنه وعمه تكفل له بالحماية بعد ان طلب من رسول الله التخلي عن دعوته نزولا عند رغبة قريش فقال له رسول الله (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته) فبعد موتهما تجرأوا عليه فعفروه بالتراب وانزلوا فيه الوان العذاب فجاءت حادثة الاسراء والمعراج لتقول لنا اذا ضاقت الأرض بما فيها على محمد صلى الله عليه وسلم فإن افق السماء تتسع له لتمسح عنه احزانه وليعيش عالما كله الطهر والرفعة بالقرب من سدرة المنهى في السماء السابعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *