الأسطورة في الشِّعر بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 23/02/2021

الأسطورة في الشِّعر
بقلم رشدي الماضي

يذهب الدَّارسون في موضوع تعاطيهم مع مصطلح الإنبعاث، بأنَّهُ تصُّور (استاطبقي)، يجسِّد في جوهرهِ رؤيا الذّات الحداثيّة، التي يتجلّى فيها خِواء الواقع وضحالتِهِ، وذلك من خلال ما تطرحه من بدائل كآليات اصلاحيّة على مستوى الفرد والمجتمع… تطرحها بغية رأب الصُّدوع والشُّروخ التي تنخرُ جَسَدَ المجتمع فيفكِّكهُ من منظور حضاريّ…
وانطلاقا مِن إيمانهم بضرورة صياغة رؤية نهضويّة ناجعة، أكّدوا على حتميّة قيام وظهور
“البطل الانبعاتي”، مُنقذا ومُخلّصا من هذا التّردي والانكسار المجتمعيّ…
طبعاً، لا يخفى على قارئ سطور واقعِنا، أنَّ مجتمعنا العربيّ “غارق” في ليلِ هذهِ “الهزيمة” الحضاريّة المريرة!!!
لذلك، آمَنَ الدّارسونَ أنَّ ظهور “البطل الانبعاتي” هو “اليد الفولاذيّة” القادرة على نَفْي تخلّفنا الحضاري ليعود الى منازلنا الصَّاج من غير انتظار…
وهو أَمر طبيعي فعادوا الى تيمة الأسطورة والشُّعراء الذين دلفُوا إلى عالمها… وكيف لا؟! والمعروف أنَّ في كلّ شاعر اسطورة مُعيَّنة… يسعى بكلّ ما اوتي مِن ابداع وخيال ال نقْلِها لِمُتلقيهِ، مع حفاظهِ على تحقيق مبدأ التّوازن بين مبدأ الذّات ومبدأ الواقع، لِيُبْقي للعمل الإبداعيّ وجودَهُ المُسْتقلْ … هذا…
ولكنّهٌ بالمقابل يقوم كشاعر يحمل رسالة اجتماعيّة أيضاً، باجتراح الشّرائح والمواقف والأحداث. “سُلَّماّ” يصعدهُ “بَطَلُهُ الانبعاتي” على نحو كبير، مُعْتمداً سلطان العقل البصير بغية اكتشاف المجهول من الحياة والبيئة التي ينتمي إليها.
يقوم الشّاعر بكلّ ذلكَ دون أن يغيب عن ذهنهِ ضرورة نَفْي المعنى والمغزى الغيبي عن الاسطورة، وابتكار المغازي الجديدة التي تُرَسِّخ مشروع المجتمع النّهضويّ… وتُسقط كامل أقنعتهِ الزَّائفة…
هذا التّيمة الانبعاثيّة المُنقذة، نقرأها جَلِيّة في إبداعات كوكبة مبدعينا، كجبرا إبراهيم جبرا، وعلي فودة ومحمود درويش وأحمد دحبور وغيرهم، حيث استنطقوا رموزهم الاسطوريّة استنطاقا جماليّا يستمد ديناميّتَهُ من ظروف العصر والحياة الاجتماعيّة والتّجربة الانسانيّة، التي أثرت كذلك فضاء كلٍّ منهم الرّؤيوي… وهو ما نلمسه في هذه اللّوحة الرّاقية:
على جبل العذاب أمامهم ولأجلهم، حملت آلافاً من الصُّلبان / ولم يجدوا لهم عذرا، فما شُبّهتُ حين صُلبت/ رسمتُ علامتي بالنّار…/ ما فطنوا لها/ وتُركتُ للنّسيان…/// حقّا أيُّها “البطل” ستظل بذرتنا الخصبة وغدنا الجديد…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *