اياكم والكذب بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 18/02/2021

اياكم والكذب
الشيخ رشاد أبو الهيجاء
إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي
لقد ورد على سمعي في هذه الأيام كلمة ( الكذب ملح الرجال ) وقد سمعتها من عدة شباب فكان هذا الامر مستغربا عندي وسألت نفسي هل يعقل ان من شبابنا من يعتقد مثل هذا الاعتقاد ؟ وهل غفل هؤلاء عن مواطن الرجولة والمقولة التي تقول ( اذا كان الكذب ينجي فالصدق انجى ) وأقول لهؤلاء انتبهوا الى عاقبة هذا الخلق الذميم الذي وصف على انه ( حلية الفجار , وزينة الفجار ) وقال احدهم ( الكذب رذيلة ممقوتة , وسجية ملعونة , وعادة ذميمة , وطبع لئيم يضر بصاحبه قبل أن يضر غيره , لأنه يهدي الى الفجور , وسوء الخلق , وسوء الخلق سبيل الى النار ) ويؤكد هذا المعنى حديث رسول الله (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) وقال رسول الله ( اسألوا الله العافية فإنه لم يعط احد خيرا من العافية بعد يقين , وإياكم الكذب , فإنه مع الفجور, وهما في النار ) ويستدل من التوجيه النبوي ان النبي يحذر الناس من الكذب والتساهل به لأنه يضر بدنيا المرء وآخرته , ففي الدنيا يكون الكذاب مذموما وفي الآخرة يسود وجهه عند تطاير الصحف ويشهد كتابه المكتوب فيه كذاب , في يوم قال عنه ربنا ( _ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) وقال ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى المتكبرين ) وما يتخلق احد بمثل هذا الخلق الذميم الا لظنه بانه بهذا الخلق يحقق آماله وأمنياته ولكن ما بني على باطل يبقى باطلا لا أمل فيه والله يقول في كتابه ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) فلا يهتدي الى طريق الحق ولا يهتدي الى طريق السعادة التي تحقق له امنياته واحلامه لذا قال ربنا ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) وما يمكن إنجازه بالكذب من متاع الدنيا او مصالحها يبقى لا اعتبار له لأنه يجلب على صاحبه الويلات ( متاع قليل ولهم عذاب اليم ) ولا شك ان المتتبع لما سبق من آيات واحاديث وكلام العلماء يستنتج استنتاجا قاطعا ان هذا الخلق ينم عن نفس مريضة وشخصية ضعيفة لا يمكنها ان تصدع بالحق وأصحاب هذه النفوس وصفهم رسولنا الكريم بقوله ( آية المنافق ثلاث , إذا حدث كذب , وإذا وعد اخلف , وإذا اؤتمن خان ) واذا كان صاحب هذا الخلق من أصحاب المراتب العليا في مجتمعه تكون عقوبته اكبر لأنه مطالب بأن يقوم على مصالح الناس بأمانة وصدق دون مداهنة ومصانعة , وكذبه يدل على خيانته للناس لذا قال رسول الله ( ثلاثة لا يدخلون الجنة : الشيخ الزاني , والامام الكذاب , والعائل المزهو ) وفي رواية ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان , وملك كذاب , وعائل مستكبر ) وعن مالك بن دينار انه قال : قرأت في بعض الكتب : ما من خطيب يخطب , إلا عرضت خطبته على عمله , فأن كان صادقا صدق , وإن كان كاذبا قرضت شفتاه بمقراضين من نار , كلما قرضتنا نبتتا ) فالكذب لا ينفع وان ظهر للبعض ان مكسبا قد تحقق فالحرام الذي تحقق من الكذب يذهب ويذهب الحلال ويمحق البركة من الرزق لذا قال رسول الله ( اليمين الكاذبة , ومنفقة للسلعة , ممحقة للكسب )فعلى أصحاب المحال التجارية ان يتجنبوا الكذب على الزبائن لأنه يكسبهم المال الحرام وقد حذرهم رسول الله وبين لهم فضل الصدق في البيع والتجارة وحذرهم من الكذب الذي يؤدي الى سرقة أموال العباد قال رسول الله ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا , فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما , وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) وعند الترمذي من حديث رسول الله ( التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء ) وعنه أيضا عن رفاعة ان النبي قال ( يا معشر التجار ) فرفعوا اعناقهم وأبصارهم اليه فقال لهم ( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق ) ومن عجيب ما قاله الشاعر فيه
كم من حسيب كريم كان ذا شرف قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا
وآخر كان صعلوكا فشرفه صدق الحديث وقول جانب الفندا
فصار هذا شريفا فوق صاحبه وصار هذا وضيعا تحته ابدا
فيا شبابنا ويا شعبنا من كان فيه شيء من هذا الخلق فليدعه وخاصة من يرمون الناس بأعراضهم وعفتهم وشرفهم فهؤلاء يرتكبون ابشع صور الكذب وللأسف نرى ونسمع عن هذه الحالات بشكل مستمر لذا اذكر الجميع بقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * الا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *