داروين والنّظريّة العِرقيّة بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 16/02/2021

داروين والنّظريّة العِرقيّة
بقلم رشدي الماضي

يذهب الباحثون أنَّ كتاب “أصْل الأَنواع” لداروين اتَّخذهُ العالم الانكلوسكسوني المَرْجعيّة الرّئيسية لإثبات نظريتهم التي تقول: إنّ “البقاء للأصلح”، أيّ “الأَبيض”، وأنّ هذا كلّهُ من فَضْل اللّه الذي “اختار” الانكلوسكسون، وبارك حروبهم “الخيريّة”…
بهذه الدَّارونيّة بلوروا “فِكرة أميركا” وحددوا أهدافها وثوابتها التّاريخيّة، ألّتي سُرعان ما
استثمرت في التَّنظير “للتَّفوق العِرْقي” اقتصادّيا وسياسياَ واجتماعيا واخلاقيا وثقافيا… الخ، وكذلك لتبرير وشَرْعنة سيطرتها على الدُول والأنظمة وامتصاص ثرواتها، و”تهميج” ما تريد من أخلاق وثقافات الشّعوب…
طبعا، لا يخفى على القارىء الرّائي أنّ تشارلز داروين أقام “للأَبيض” بُرجا جَعَلَهُ عَلْياءَهُ التي يُطلُّ منها على الأنواع السُّفلى من البشر… لينتقي منهم ما يحلو له “ليمدنهم” ويُهْمل ما يحلو له إمهاله…
هذا “البرج التّطوري” جعل “الشُّعوب الهمجيّة في العالم السُّفلي” مادّة للدّراسة، شكَّلت بالنَّتيجة “نافذة” مهمَّة لدراسة التّاريخ الغابر “للمتحضرين الانكلوسكسون” فظهرت نظرية “التّطور البشري” التي تقول: بأن المجتمعات تدرّجت من الهَمَجيّة إلى البريّرية، ثم إلى “عرش الحضارة الأعلى” الذي يَسْتوي عليه “الأبيض”!!! الذي ما كان منه إلّا أن يرى في هؤلاء “الهمج” لا يستطيعون أن يُقلّدوا “المتحضرون” إلّا بالقدر الذي تستطيعه “البهائم”!!! وها نحن “الانكلوسكسون” الآن نعمل على رفعهم الى “المستوى الرّفيع” في ركب “التطور الحضاري”…
ولا بُدّ أن نُسجّل ونحن بهذا الصَّدد أَنَّ داروين بنظريته قضى على الضّعيف بالانقراض الطّبيعي… فحذّر من الاهتمام الصّحيّ بالضُّعفاء وزرع المخاوف من موضوع العناية الفائقة بهم… حيث رأى أنّ ذلك يزيد من “ضعفاء” المجتمع “المتحضّر” فصار “القضاء الحتمي على الضّعيف ينطبق أيضا على كلّ مُسْتضعف، حفاظا على النّوع الأنساني!!!
لا شكّ أنَّ تاريخ حروب “الأَبيض الخيريّة” على مدى عقود، والتي عَمَّت أربع جهات الأَرض لترسيخ وتكريس التّفوق العرقي، أَدَّى، ولكن من حيث لا يدري، إلى نشوء فكرة الحضارة الإنسانيّة وتطورها، التي صنَّفت الشّعوب وفقا لمنزلتها وحاجاتها، فكرة شكّلت البيئة والمَهْد الذي ولدت فيه النّظريّة الشُّيوعيّة التي تعتبر أهم تطوّر طبيعي في تاريخ العقل… لبناء مجتمع “المدينة الفاضلة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *