التَّحليل النّفسي والأدب بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 11/01/2021

التَّحليل النّفسي والأدب
رشدي الماضي
يذهب عدد من العارفين أنَّ المنهج النَّفسي في التفسير هو محاولة ليست بالقديمة لمقاربة الأدب من منظور نفسي…
تناول هذا الموضوع المفكّر جان بيلمان نويل في كتابه “التَّحليل النَّفسي والأدب” الذي نَقَلهُ الى العربيّة الباحث حسن المودن ونشره المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة، عام 1997…
اهْتمَّ المؤلّف أن يُقدِّم أُطروحة بحثيّة جديدة ومختلفة – حول التّحليل النَّفسي والأدب – لذلك، عمل أوّلًا على “تحصينها” بتأكيدات يَدْعمُ مِن خلالها ما سعى إليهِ، فأبرز الحقيقة التي مُفادها أنّ التّحليل النَّفسي عَمَّر قبل بَحْثِهِ أكثر من ثلاثة أرباع القرن، ولا يَخْفى أنَّهُ أراد بذلك أنْ يجعل فرضيّاتهِ تبدو – للجميع – غير قابلة للجدال…
طبعًا، مؤلّفُنا أراد ذلك كي يجعل قُرَّاءَهُ يسلّمون مَعَهُ بأنَّ كُلّا من الأدب والتَّحليل النّفسي “يقرأ” الإنسان في حياتِهِ اليوميّة وداخل قَدَرِهِ التَّاريخيّ…
وعليه، شكّلَ كتابَهُ من ستَّة عناوين كبيرة، يُحَتمِّلُ دال “القراءة” قاسمها المُشْترك مثل: القراءَة مع فرويد”، “قراءة اللاشعور”، أنْ يقرأ الانسان نَفْسَه بنفسه” الخ.
ورغم أن كاتبنا جعل “دال القراءة” في عناوين الفصول جميعا، حيث أبرز بذلك اعتماد مُنْجزهِ مِنْهجًا مرتبطا بالهرمنيوطيقا أو التَّأويل، ومُتّصلًا بنظريات القراءة… نعم!!! رغم ذلك فإنَّهُ أرادنا في آن أنْ لا نغضّ الطّرف من رؤية العالم المحيط بنا مِنْ خلال الآداب الجميلة، والتقاط تأثيرات اللَّاشعور على الأفراد، الذين يعرفون أنّهم لن يتمكّنوا أبدًا منَ الانفصال عمّا يقولونَهُ، ولكنّهم مع ذلك يواصلون رَسْمَ الهدف الذي يُتيحُ لهم التَّوصّل الى حقائق جديدة وذلك بالحديث عن الانسان وهو يتحدّث، وهنا… أجدني مضطرًا أن ألِجَ الى فصل: “القراءة مع فرويد” مؤسّس التّحليل النّفسي، فالمعروف أنّ فرويد كان مبهورا – ولكن ليس الى جدِّ العمى – بما يعرفهُ أصحاب العقول الخارقة التّي لا تملك وسائل التَّحليل… ومع ذلك نلمس مدى تأثّرِهِ بنظريّاتهم… وهذا ما نقرأهُ في مؤلّفاته مثل: الإبداع الأدبي وحلم اليقظة”، “الغرابة المقلقة” الخ… وكلّها تتعلّق بين اللاشعور واللغة…
فقراءة اللاشعور تهدف بهذا الرّبط مع اللغة الى تناول العلاقة بين الحلم والنَّصّ الأدبي وفِعْل الكلام، أيّ “رغبة” الحلم التي تتكلّم!!!
هذا، وحينما يبحث كاتبنا في “التّمثيلات اللاواعية في النّصّ الأدبي” يطرح عِدّة أسئلة مثل: ما الذي أقرأ عندما أقرأ؟ وماذا يقرأ الكاتب عندما يقرأ؟ ثمّ يجيب: بأنَّ الأثر الأدبي، سواء أنتجناهُ أو استهلكناه، يقرأ القارئ فيه نفسه لِنَفسِهِ أولا وأخيرًا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *