مسرح الميدان يجهّز لأضخم عمل كوميدي محلي

مراسل حيفا نت | 15/04/2011

 

 
يقدّم مسرح الميدان في أيّار القادم إنتاجًا مسرحيًّا ضخمًا وفريدًا من نوعه، هو الكوميديا "خادم السيدين" للكاتب الإيطالي كارلو غولدوني.
تعتمد كوميديا "خادم السيدين" على أسلوب الكوميديا دي لارتيه، وهي نوع من الكوميديا التي كانت شائعةً في القرنين السادس عشر والسابع عشر، والتي اعتمدت على فنّ الارتجال. كان لكوميديا دي لارته نجاحً باهرًا في الك القرون، وأثّرت كثيرًا على المسرح وعلى الكتّاب المسرحيين، ومن أهمهم موليير، ومزج هذا الأسلوب من الكوميديا موتيفات مختلفة ومتنوعة من حقبات مختلفة في التاريخ، بدءً من روما القديمة وانتهاءً بكرنفال الأقنعة في البندقية.
 
عمل واحد، ثمانية نجوم!
تضم الكوميديا "خادم السيدين" التي يعمل على إنتاجها مسرح الميدان ثمانية ممثلين، من أبرز فناني الكوميديا والساتيرا في المشهد المسرحي المحلي، هم؛ عامر حليحل، حنا شمّاس، ايمن نحّاس، عنات حديد، أمال قيس، لنا زريق، جميل خوري وزياد بكري، والذين يمثّلون إثنتا عشر شخصيّة مختلفة، بأسلوب "كوميديا الأخطاء" أو "الكوميديا المجنونة"، إعتمادًا على التناقضات في سلوكيّات الشخصيّات المختلفة وتضارب أهدافها، بأسلوب ذكيّ يحاول الكاتب من خلاله أن يعبّر عن نظرته وفلسفته أزاء الطبقية والجشع والحب والبؤس بطريقة كوميديّة مضحكة جدًا، وهي من إخراج منير بكري.
ماذا تحكي إذًا الكوميديا "خادم السيدين"؟
كلاريسا تحب سيلفيو، وباتريسيا تحب فلوريندو، ولكن تاجر الزيوت السيد بانتالوني أبو كلاريسا يريد أن يزوّج إبنته لفدريكو أخ باتريسيا بسبب وعد قديم، ولكنه في ذات الوقت يريد تزويجها من سيلفيو إبن الدكتور لومباردي الغنيّ. تروفلدينو جائع كثيرًا ولذا يخدم السيد فدريكو، ولكنه ينتهز الفرصة ويخدم أيضًا السيد فلوريندو ليكسب المال القليل ويأكل، ولكنه يقع في مطبّات كثيرة ومضحكة بين السيدين المتواجدين في نفس المكان ونفس الوقت!
هل اختلطت عليكم الأمور؟ لا بأس!
هذا بالضبط أسلوب كوميديا الأخطاء، التي تقدم مجموعة واسعة من العلاقات والمحادثات والتصادمات بين شخصيّات عديدة ومعروفة مسبقًا، حتى تنصبّ في إطار واحد لتشكّل حبكة ذكيّة جدًا تستعرض عبرة مهمة بسلوب كوميديّ.
 
لماذا "خادم السيّدين"؟
قبل 300 سنة أطلق الكاتب الإيطالي كارلو غولدوني اصطلاح "خادم السيّدين" عنوانًا لمسرحية كوميدية لامعة أضحكت الجمهور، وعلى مدار هذه السنين لم تفقد من أهميتها وعصريتها، وتم إنتاج هذه المسرحية في عشرات الإنتاجات حول العالم.
كم من الشخصيّات الاجتماعيّة والسياسيّة تتحلّى بهذه الصفة عندما تفقد التوازن النفسيّ والسلوكيّ، وعندما تتمادى أيضًا في وصوليّتها التي تُفقدها المبدئيّة وتُفقد القيم في الوقت نفسه؟
هل أراد غولدوني أن يبرر تصرف الخادم تروفلدينو الذي يتضوّر جوعًا، ولهذا السبب يخدم سيّدين؟ وهل يبرر عصرنا هذه الأطروحة: خدمة سيّدين؟ أسئلة كثيرة تطرحها الملهاة بشكل ساخر مبالغ فيه، وربما من خلال المبالغة نستطيع أن نتوصّل إلى التّناقضات في سلوكيّات الشخصيّات المختلفة، وفي النهاية نصل نحن المشاهدين إلى تناقضات غابت عنّا وفقط الملهاة تستطيع كشفها؟
 
كارلو غولدوني في سطور
كارلو غولدوني (Carlo Goldoni) كاتب مسرحيّ إيطاليّ ومؤسّس الملهاة الإيطاليّة الحديثة. ولد في البندقيّة وتوفّي في باريس. كان والده طبيبًا، وجدُّه موثّق عقود ثريًا ومغرمًا بالفن المسرحيّ، فقد أقام في فيلّته الفاخرة مسرحًا خاصًا إلى جانب مكتبة عامرة.
هرب غولدوني من المدرسة مع فرقة مسرحيّة جوّالة، فنقله والده إلى باڤيا Pavia حيث درس الحقوق مدة ثلاث سنوات في جامعتها وطُرد بسبب كتابته المسرحيّة الهزليّة التي تعرَّض فيها لنساء عائلات معروفة في المدينة.
تلقّى غولدوني في عام 1761 عرضًا لإدارة فرقة الملهاة الإيطالية Comédie – Italienne في فرنسا، وهي من أشهر فرق الملهاة المرتجلة التي هاجرت هربًا من مضايقات السلطات الإيطاليّة، وتحولت في المهجر من الارتجال إلى النصوص الكاملة المدونةّ. قبل غولدوني بالعرض من فوره، على الرغم من حصوله على عروض أفضل ماديًّا في موطنه، لكنه كان حانقًا على جحود البندقيّة التي لم تقدّر جهوده، فلم تمنحه منصبًا ولا راتبًا تقاعديًا، إلى جانب تهجُّم عدوّه كارلو غوتسي عليه وعلى زميله الكاتب والممثل الشهير كياري Chiari في الأوبرا الساخرة "عشق البرتقالات الثلاث" Amore delle tre melarance في كرنفال عام 1761، مما أدى إلى قطيعة موطنه.
حصل غولدوني بواسطة دلفينا Delfina ابنة ملك بولونيا في عام 1765 على منصب معلّم اللغة الإيطاليّة للأميرة أدِلايد Adelaide ابنة الملك لويس الخامس عشر، فعاش في فرساي من دون راتب حتى عام 1769 حين منَّ عليه البلاط بمنحة سنويّة على ما سمّي بـ"اللائحة المدنيّة". بين العامين 1775- 1780 عاد غولدوني لتدريس الإيطاليّة في فرساي، ولكن للأميرة إليزابيت Elisabeth شقيقة لويس السادس عشر. وفي عام 1787 نُشرت مذكّراته الكاملة بالفرنسيّة، ثم صدرت أعماله الكاملة بالإيطاليّة في أربعة وأربعين جزءً بين 1788- 1795.
عندما ألغى المجلس الوطني للثورة الفرنسيّة اللائحة المدنيّة عام 1792 فقد غولدوني منحته وعاش في فقر مدقع. وفي مطلع كانون الثاني عام 1793 أصدر المجلس مرسومًا خاصًا بإعادة المنحة إلى غولدوني، الذي توفّي في السادس من شباط قبل أن يبلغه الأمر، مخلّفًا وراءه، حسب مذكراته، مئة وخمسين مسرحيّة، صار بعضها جزءً من تراث المسرح العالميّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *