حق الآخرين علينا بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 18/11/2020

حق الآخرين علينا

الشيخ رشاد أبو الهيجاء

إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

قبل ان اخوض في هذا الباب اقدم قوله تعالى ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )ففي هذه الآية  دعوة الى القول السديد الذي يجمع ولا يفرق يصلح ولا يفسد . الى الكلمة التي ترفع من درجة صاحبها عند الله وعند الناس , وهذه الكلمة الطيبة التي ترسخ قواعد التراحم بين العباد , ولا يغفل احدنا عن الواقع المرير الذي يمر به مجتمعنا العربي نتيجة سلوك أبنائه .فقد تجد من لا يقبل ان يؤدي ما عليه من حقوق ويطالب بحقه ولو ظلما وعدوانا مما يؤدي الى التباغض بين الناس والغيبة بينهم والنيمة والافتراء , وقد نستغرب أحيانا من التناقض الكبير في سلوك البعض فقد تجد من يجتهد في الصدقة ولكنه يضمر الشر للآخرين , تجد من يكرس جل وقته لتعريف الناس بربهم وهو حسود , وتجد من يجتهد بالنوافل ولكنه لا يكف شره عن جيرانه  وغيرها من المظاهر التي تثير الاشمئزاز والاستهجان  لهذا السلوك الذي يتنافى مع إرادة الله الذي يذكر عباده ويدعوهم بقوله ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبن الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) وهذه الآية تؤكد ضرورة التمسك بما جاءنا من الله لأن ما جاء من عند الله الف بين قلوب كانت متناحرة مثل الاوس والخزرج في يثرب وكانت رحى الحرب دائرة بينهم لأعوام عديدة فجمعهم رسول الله على كلمة الحق حتى اصبحوا اخوانا وبذلك انقذهم من ان يحترقوا بلظى الحرب أو بلظى نار الآخرة  وهذا ما نطمع به من أبناء شعبنا لان تاريخنا واحد وحضارتنا واحدة وثقافتنا واحدة ومصيرنا واحد ونتطلع الى ان يؤلف الله بين قلوب أبناء مجتمعنا كما الف بين القبائل العربية قال تعالى ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم )  بحفظ حقوق الآخرين تسلك الطريق الى مرضاة الله وتتصدق على نفسك صدقة وان كنت تعمل على رعاية مصالح العباد قال رسول الله ( كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس : تعدل بين اثنين صدقة , وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها , او ترفع له عليها متاعه صدقة , والكلمة الطيبة صدقة , وبكل خطوة تخطوها الى الصلاة صدقة , وتميط الأذى عن الطريق صدقة ) ومعنى هذا الحديث ان كل مفصل من مفاصل هذا الجسد يجب ان تتصدق عنه كل يوم بصدقة وبين كذلك انك اذا اديت حقوق العباد ورعيت مصالحهم وحافظت على صلاتك فهذه الاعمال كفيلة لتغطية حاجات الجسد من الاعمال الطيبة ولكن يزين هذه الاعمال ويطيبها حب الخير للناس وسلامة الصدور لهم لذلك دلنا الرسول على احدى الطرق لسلامة الصدور فقال ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , ألا ادلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) وحذر من ضد ذلك فقال ( إياكم وفساد ذات البين , فإن فساد ذات البين الحالقة , لا أقول تحلق الشعر وإنما تحلق الدين ) وقد يسأل سائل اذا ماذا علينا فعله ؟ فالجواب ان تعمل بكل ما قدمت وتسير على خطى اهل الجنة . يروى ان رسول الله كان يجلس بين أصحابه فاراد ان يبين أهمية العمل بعمل اهل الجنة فقال ( يطلع عليكم رجل من اهل الجنة ) فطلع عليهم رجل من الأنصار , يتساقط ماء الوضوء من لحيته , وقد علق نعليه في شماله ( وصف يظهر بساطة هذا الرجل )  وفي اليوم الثاني قال لهم ( يطلع عليكم الآن رجل من اهل الجنة  ) فطلع عليهم نفس الرجل على نفس الهيئة , وفي اليوم الثالث يعود رسول الى القول ( يطلع عليكم الان رجل من اهل الجنة ) فطلع عليهم نفس الرجل بنفس الهيئة مما اثار حب الاستطلاع عند عبد الله بن عمرو بن العاص وكان شابا ورعا تقيا فتبع الرجل بعد ان انفض المجلس حتى وصل الى بيته فقال له : اني خاصمت ابي فأقسمت ان لا ادخل عليه ثلاث ليال , فان رأيت ان تؤويني اليك حتى تحل يميني فعلت , فقال : نعم . فكان عبد الله بن عمر بن العاص يحدث انه بات معه ليلة او ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل بشيء غير انه اذا تقلب في فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم الى صلاة الفجر , فيسبغ الوضوء , قال عبد الله غير اني لا اسمعه يقول الا خيرا حتى كدت احتقر عمله , قلت يا عبد الله انه لم يكن بيني وبين ابي غضب , ولكني سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس ( يطلع عليكم الان رجل من اهل الجنة ) فاردت آوي اليك فانظر عملك . فلم ارك تعمل كبير عمل . فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ؟ قال : ما هو الا ما رأيت , غير اني لا اجد في نفسي غلا لاحد . ولا احسد احد على خير اعطاه الله اياه . قال عبد الله بن عمرو : ( هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) فهل من سالك طريق اهل الجنة فهذه ساحة التنافس ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *