بسيسو ومُفْردة الملصق!!! بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 18/11/2020

بسيسو ومُفْردة الملصق!!!

رشدي الماضي

يقول الذي عشق فلسطين والمتنبي في قصيدتهِ: “في دفتر الماء…”:-

  • أخاف كلَّ قرَّائي على الحيطان قد صاروا صورْ…”، وقد أعاد هذا القول أيضا في قصيدته “الغزالة”…

لا يخفى أنَّ شاعرنا الكبير طيّب الذّكر معين بسيسو أثار ويثير الألم والأسى في هذه الأبجديّة الحزينة، لأنَّهُ يربط بينه وبين قارئ، رحل، كما يربط في آن، بين القارئ الرّاحل ومُلصق على الجدار…

فشاعرنا يرثى قارئا، ويحاور قصيدة تسحبها جداول النِّسيان، وإذا عًدْت وقرأتها قارئي/قارئتي سترى/ي أنّ معيننا رأى علاقة بين المتنبي والمُلصق المعلّق..

وقد ذهب دارسو سيرتنا الشِّعريّة أنَّ المُلصق مفردة من مفردات المنفى الفلسطينيّ… فهو استهلال يوميّ حزين، وظالم في حزنهِ، لأنَّهُ لا يُشْهر إسمًا إلّا بعد رحيل صاحبه، ولا يعْرض ملامح انسان مجهول إلّا بعد أنْ تتوارى الى الأبد!!!

ونحن قد نرى المُلصق في البداية، “يدًا سَخِيَّة كريمة” لأَنَّهُ يحمل صورة راحل جديد، وجعله يستقرُّ فوقَهُ، ولو الى حين…

لكنّ شاعرنا يشدّنا حين يقول: “أخاف كلَّ قرائي على الحيطان، قد صاروا صورْ…” نعم!!! يشدّنا الى خوفِهِ الصّادق، فالملصق، كما نعِيهِ ببصيرتنا، يستقبل ما شاء مِنَ الأفراد والبشر، على حيطان مُتناثرةٍ، لكنّها، وهو ما نعرفهُ، حيطان لا ذاكرة لها!!!

وهذا ما يؤكّدهُ شاعرنا، فالقرَّاء يغيبون، وتتكاثر الملصقات وتذوب، ولا يبقى إلّا الجدار… جدار المنفى الذي منح الفلسطينيّ الغربة ومَنَعهُ حتى عن الجدار، فتركهُ نَهْبا للرّياح، وجعل الملصق، دائما، وحيدا، حتّى يصل الى نهايتهِ ويتناثر… وكيف لا؟!!! وورقهُ يتراخى إذا جاء المطر، ويتقصّف حين تُشرق الشَّمس، ثمّ يتوزّع في الفضاء، إنْ حملته الرّيح، وهكذا لا يبقى إلّا الجدار!!!

كم كنتَ ولمّا تزل، صادقا يا معين!!! وكم أقرأكَ حزينا صادقا، وأنا أراكَ تتأمّل قارئَكَ الذي ذهب وعاد صورة على الجدار، على جدار، يا رفيقي لا ذاكرة له!!!

ويا لقَسْوةِ القَدَر، أيّها الغائب الحاضر، الذي عشق فلسطين وأحبَّ المتنبيّ، فقد استعجلتَ الرَّحيل قبل الأوان، وأعطاك المنفى ملصقا كالآخرين… لكنَّ ملصقكَ ستظلّ تؤْنِسُهُ الشّمس ويُبلّله المطر وتداعبهُ الرّيح، ولا يُعثرُ على الجدار الذي يتكئ عليه…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *