تحقيق خاص: جمعية نمو.. “بزنس عائلي” قد يؤدي لإغلاق “البيت المسيحي”

مراسل حيفا نت | 15/10/2020

ظهر مؤخرًا موضوع جمعية “البيت المسيحي” بعد أن قررت “لجنة التخصيصات” في بلدية حيفا في شهر تموز الماضي عدم تجديد تخصيص المبنى المملوك للبلدية في شارع “غوتليف شوماخر” في الحي الألماني، والمخصّص للجمعية منذ عام 1989.

في هذا التحقيق الخاص يكشف موقع “حيفانت”، ولأول مرة، تفاصيل القضية، بعد حصوله على برتوكول “لجنة التخصيصات” التابعة للبلدية ووثائق رسمية أخرى من مسجّل الجمعيات ووزارة القضاء. فمن حق الجمهور العربي في حيفا أن يعرف:

 

  • ما هي أسباب قرار البلدية وقف اتفاقية تخصيص المبنى لجمعية “البيت المسيحي”؟

  • متى بدأ الخلاف بين الجمعية والبلدية؟

  • هل هناك في المبنى حضانة أطفال ربحية؟

  • لمن تتبع هذه الحضانة؟

  • من هي جمعية “نمو” وكيف تُدار؟ هل هي جمعية خيرية أم مصلحة اقتصادية؟

 


 

مبنى “البيت المسيحي” في الحي الألماني

 

لجنة التخصيصات: حضانة ربحية

وجاء في بروتوكول “لجنة التخصيصات” من يوم 8.7.2020  على لسان مندوبي قسم الرفاه في البلدية أنّه “حسب المعروف لنا تقام في المكان دورات خاصة يُطلب من العائلات الدفع مقابلها – وبما أنّه لا يوجد تعاون مع الرفاه فلا نعلم عن عائلات محتاجة تتلقى دعمًا ولم يقل مندوبو الجمعية شيئًا عن هذا في المحادثة الهاتفية. وتبيّن في جولة أجريت في المكان أنّ هناك على ما يبدو حضانة أطفال”.

 

شكوى لمسجّل الجمعيات

أما قسم الأملاك فجاء على لسان مندوبيه في نفس البروتوكول: “في نهاية العام 2017 تلقينا في قسم الأملاك شكوى سرية تم توجيهها إلى مسجّل الجمعيات حول تفعيل روضة أطفال لأهداف ربحية في الملك. توجّهت البلدية إلى الجمعية للحصول على توضيحات وتمت الإجابة على يد مدير عام الجمعية. وقال المدير العام د. جبران أن الجمعية لا تشغّل روضة أطفال لا بشكل مباشر ولا بشكل غير مباشر”.

 

بروتوكول “لجنة التخصيصات”

 

وأضافوا: “في رسالة طلب تقديم توضيح حول النشاط الجاري في الملك اليوم في أعقاب تقديم طلب لتجديد التخصيص، تلقينا رسالة مدير الجمعية التي ذكر فيها أن: “مؤسسة البيت المسيحي لا تطلب تخصيصًا لمدرسة/ كلية/ مؤسسة ثقافية (تتطلب رخصة) أو مؤسسة رياضية (تتطلب رخصة) أو روضيات أطفال أو حضانات تتطلب رخصة. ومنعًا لأي التباس”، يؤكد المدير العام أن “القصد في رسالتنا التي ذكر فيها نشاط حضانة لتطوّر الطفل، هو أن الجمعية تقيم ورشات ودورات لمرافقة تطوّر الطفل ومرافقة الأهالي والتوجيه المهني لتطوّر تقام خلال النهار”، حسبما جاء في البرتوكول.

وبحسب أقوال قسم الأملاك: “لغرض الرقابة على الاستخدامات التي تقوم فيها الجمعية فعليًا اليوم، تم إرسال مفتش من قسم الأملاك لزيارة المبنى. ولم يسمح المدير العام للبيت المسيحي بدخول المفتش لزيارة المكان في ساعات الصباح دون تنسيق مسبق”. وفي هذا السياق علم “حيفانت” أن المفتش المذكور حضر إلى المكان في الموجة الأولى من جائحة “كورونا”، وقامت المعلمات في الحضانة بمنعه من الدخول إلى المكان.

أما قسم الهندسة فأشار إلى أن الملعب الرياضي البالغة مساحته 180 مترًا ليس جزءًا من المساحة المخصصة للجمعية. وأنه يتوجّب “فتح الملعب لاستخدام الحي بشكل حر”. أي دون جباية رسوم استخدام للملعب.

وخلصت “لجنة التخصيصات” حسب البرتوكول إلى أن “الجمعية لم تمكّن مندوب البلدية وقسم الأملاك من التوجّه للمكان، وذلك بخلاف أنظمة التخصيصات”، وأن “الجمعية تعمل بشكل لا يتّسق مع أهداف التخصيص”.

 

وساطات خائبة

وعلم موقع “حيفانت” أنه خلال العامين الأخيرين حاولت إدارة “البيت المسيحي” التوجّه إلى إدارة البلدية ورئيسة البلدية من خلال عدة “وسطاء” وتلقّت وعودات بأن الأمور على ما يُرام وبأن البلدية ستغضّ النظر عن التجاوزات المذكورة وستوافق على تجديد التخصيص. إلا أن هذه الوعودات لم تجد نفعًا وذهبت أدراج الريح.

 

“نمو” – دورة مالية أكثر من مليون شيكل عام 2018

 

من هي جمعية “نمو”؟

تأسست جمعية “نمو” عام 2017 بهدف “دفع وتحسين ودعم تطوّر الطفل في المجتمع العربي”، ويتركّز نشاطها في مجال “الحضانات اليومية والتعليم ما قبل الابتدائي”.

وبحسب التفاصيل المذكورة في موقع مسجّل الجمعيات فإن مؤسسي الجمعية هم السيد إبراهيم غطاس والسيد جريس ضو. والمديرة العامة للجمعية هي السيدة ريما ضو غطاس (زوجة إبراهيم وابنة جريس). ومع أن صفحة الفيسبوك التابعة للجمعية تشير إلى عنوان هو شارع “غوتليف شوماخر” (مبنى “البيت المسيحي”) إلا أن عنوانها الرسمي لدى مسجّل الجمعيات هو شارع بيت لحم 45 في حيفا، أي محل إقامة السيد غطاس الشخصي.

وبلغت دورة الجمعية المالية حسب التقارير الرسمية في العام 2018 مبلغ 1,047,220 (مليون وسبعة وأربعون ألفًا ومائتان وعشرون) شيكل جديد. وفي العام 2017 كان المبلغ 754,758 (سبعمائة وخمسة وأربعون ألفًا وسبعمائة وثمانية وخمسون) شيكل جديد.

وفي تقاريرها المقدّمة إلى مسجّل الجمعيات لم تبلغ الجمعية عن تلقيها أي دعم أو حقوق من البلدية أو أي جهة رسمية أخرى. مع العلم أنها تستخدم مبنى “البيت المسيحي” منذ أيلول 2017.

 

تعيين الزوجة/الإبنة كصاحبة حق توقيع في الجمعية

 

علامات سؤال كبيرة

بالإضافة إلى تعيين مديرة عامة (ريما ضو غطاس) هي زوجة أحد المؤسسين (إبراهيم غطاس) وابنة المؤسس الآخر (جريس ضو) بأجر مرتفع يصل إلى 20 ألف شيكل جديد شهريًا (حسب التقارير)؛ يتضح من الأوراق الرسمية وجود علاقات عائلية متشابكة بين بعض أعضاء الجمعية وأعضاء الإدارة ولجنة المراقبة.. كما أن بعض الشخصيات مرتبطة بحزب سياسي هو “التجمع الوطني الديمقراطي”.

وفي الجانب المالي، العلاقة بين جمعية “نمو” وجمعية “البيت المسيحي” غير واضحة، حيث لم تظهر في الأوراق الرسمية أي اتفاقية بين الطرفين. وفي تقارير جمعية “نمو” لا ذكر لحصولها على دعم من بلدية حيفا من خلال “البيت المسيحي”.

 

جمعية “نمو” – علاقات عائلية وحزبية وتعيين “مدير عامة” بدون مناقصة

 

 

تدخّل المطران والجبهة

بعد نشر القرار نشرت صحيفة “كولبو” المحلية تقريرًا عن الموضوع. وذكرت فيه تفاصيل برتوكول “لجنة التخصيصات” بخصوص الحضانة. كما نشرت الصحيفة عن الرسالة التي وجّهها سيادة المطران يوسف متى راعي أبرشية عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل للروم الملكيين الكاثوليك إلى رئيسة البلدية د. عينات كاليش روتم، والرسالة التي وجّهها السيد رجا زعاترة عضو البلدية إلى المدير العام للبلدية، مطالبين البلدية بالعدول عن القرار.

 

سيادة المطران يوسف متى

 

“البيت المسيحي”: نطالب البلدية بإعادة النظر

وطلب موقع “حيفانت” تعقيب جمعية “البيت المسيحي”، ووصلنا بيان إعلامي سرد مسيرة المؤسسة منذ تأسيسها عام 1978. وجاء فيه: “قبل سنتين تقدمت المؤسسة بطلب تجديد الفترة كالعادة، إلا أن الانتخابات حالت في حينه دون تعيين جلسات للجنة التخصيصات البلدية (ועדת ההקצאות)، فعقدت تلك اللجنة جلستها الأولى بعد الانتخابات في شهر تموز   2020 أي سنتين بعد تقديم الطلب. وفي هذه الجلسة اتخذت اللجنة قرارا غير مبرر، وبشكل مبهم وتعسفي، برفض طلب جمعية مؤسسة البيت المسيحي، دون النظر في حقائق الأمور، ودون علم أحد من الجمعية، متسترين على قرارهم المجحف وهكذا أدرج الموضوع على جدول البحث في المجلس البلدي الذي تبنى بدوره قرار لجنة التخصيصات. ولقد تبين لنا فيما بعد، أن قسم الرفاه في البلدية كان قد طلب من رئاسة البلدية الحصول على المبنى وإخراج المؤسسة منه”.

وجاء أيضًا: “…نظرًا للإدارة التنظيمية والمالية الناجعة، فقد منح مسجل الجمعيات البيت المسيحي موافقة  الإدارة السليمة (אישור ניהול תקין)  كل عام وتم منح الموافقة الأخيرة هذا العام وهي سارية المفعول حتى 12/2021. في الوقت نفسه، منحت مصلحة الضرائب مؤسسة البيت المسيحي شهادة/موافقة بموجب المادة 46 من قانون ضريبة الدخل سارية المفعول حتى 12/2023. وتجدر الإشارة إلى أن جمعيات قليلة تحصل على مثل هذه الموافقة من ضريبة الدخل”.

“وإزاء قرار البلدية الأخير هذا، الذي ليس له ما يبرره في الواقع، الأمر الذي استوجب التدخل المشكور لشخصيات ومؤسسات رسمية وشعبية، دينية وعلمانية، كي تعيد البلدية النظر في قرارها غير الموضوعي، والمستند على معلومات خاطئة ومخالفة للواقع، ودونما مراعاة لما تقدمه مؤسسة البيت المسيحي من خدمات للمواطنين العرب بشكل خاص، على كافة الأصعدة الثقافية الرياضية التربوية والتعليمية والاجتماعية، سيما للشباب والأولاد والأطفال الذين لا يجدون مأوى لائقا، وملجأ دافئا، وناشطا مفيدا لهم كمؤسسة البيت المسيحي. زد على ذلك،  فإن البلدية لم تقدم أي مقترح بديل لأي مبنى آخر يمكن تخصيصه لمؤسسة البيت المسيحي لمتابعة نشاطاتها فيه”.

واختتم البيان الموقّع من مدير عام مؤسسة للبيت المسيحي د. ريمون جبران: “وعليه، فإننا نطالب البلدية بإعادة النظر في قرارها، وأن تواصل تخصيص المبنى في شارع شوماخر لصالح مؤسسة البيت المسيحي، الذي لا بديل له في حيفا ولا مثيل، من حيث ملاءمة المبنى  وقربه من الأحياء العربية”.

ولم يردّ الدكتور جبران في البيان على أسئلة “حيفانت” بخصوص الحضانة الربحية وهوية المسؤولين عنها، ولا عن طبيعة العلاقة بين جمعية “البيت المسيحي” وجمعية “نمو”.

 

من اليمين: ريما ضو-غطاس، ريمون جبران، وابراهيم غطاس

 

زعاترة: نعمل على إلغاء القرار 

وطلب موقع “حيفانت” تعقيب عضو البلدية السيد رجا زعاترة. ووصلنا التعقيب التالي:

“قبل نحو الشهر توجّهت إلينا إدارة “البيت المسيحي” للتدخل في موضوع قرار “لجنة التخصيصات” (ועדת הקצאות) يوم 20.7.2020 بشأن المبنى الذي تستخدمه الجمعية منذ 30 عامًا. ولم تكن لدينا معرفة سابقة بالموضوع وبأنّ هناك إشكالية بين الجمعية والبلدية وطلب تجديد تخصيص المبنى منذ عام 2018.

“هذا القرار مجحف وغير سليم ويجب إلغاؤه وإبقاء المبنى تحت تصرّف الجمعية. ولم يُجلب الموضوع للنقاش في المجلس البلدي. ومنذ أن عرفنا عن الموضوع من إدارة الجمعية ضغطنا بعدة وسائل وطرحنا الموضوع على رئيسة البلدية وعلى المدير العام للبلدية الذي يرأس “لجنة التخصيصات”، بالتنسيق التام والدائم مع إدارة الجمعية. وهناك بوادر إيجابية ونأمل أن تثمر الجهود لإلغاء القرار.

“وقد يكون لدى البعض نقد على جمعية “البيت المسيحي” ونشاطها، وضرورة وجود خدمات بأسعار مخفّضة لتكون في متناول الجميع. وهذا بحد ذاته مشروع. ولكن أي محاولة للتصيّد في المياه العكرة لأي هدفٍ كان، أو إثارة فتن طائفية في مدينة مثل حيفا هو أمر مرفوض ونربأ بأنفسنا عن الخوض فيه. وحتى لو كانت للبعض مآخذ هنا أو هناك على “البيت المسيحي” فالمطلوب الآن هو الحفاظ على هذا المكان الذي يقدّم خدمات لأولاد وعائلات عربية”.

 

رجا زعاترة

 

تعقيب بلدية حيفا

وصلنا التعقيب التالي من مكتب الناطق بلسان بلدية حيفا: “جميع الجمعيات التي تحصل على تخصيص تخضع لرقابة بلا استثناء. وحيثما يتم الكشف عن تجاوز الجمعية لالتزاماتها وتعمل بعكس الأنظمة ولاتفاقية التخصيص، تعمل البلدية على وقف الاتفاقية”.

ولم تتطرق البلدية في ردّها إلى سؤال “حيفانت” حول عدد المباني البلدية المخصصة لجمعيات عربية.

 

“نمو” تتهرّب من التعقيب

وطلب “حيفانت” تعقيب جمعية “نمو”. وتم توجيه الأسئلة إلى السيد بلال حصري (عضو إدارة الجمعية) والسيد إبراهيم غطاس (مؤسس الجمعية). ووعد حصري بأن يصلنا تعقيب من “الناطق بلسان الجمعية” (أي غطاس). بينما تهرّب الناطق من الرد على الأسئلة وعلى الاتصالات الهاتفية.

وتم توجيه الأسئلة التالية إلى السيدين حصري وغطاس: هل تدير الجمعية حضانة أطفال ربحية؟ ما هي تكلفة كل طفل شهريًا؟ هل هناك تعاون مع قسم الرفاه البلدي وهل يوجد أطفال من عائلات فقيرة؟ ما هي طبيعة العلاقة بين جمعية “البيت المسيحي” وجمعية “نمو”? هل هناك اتفاقية موقّعة بين الجمعيتين؟ ما هو المبلغ الشهري أو السنوي الذي تدفعه جمعية “نمو” لجمعية “البيت المسيحي” لقاء استئجار الحضانة؟

 

“حيفا نت” سيواصل التغطية

ويؤكد موقع “حيفانت” أنه سينشر أي تعقيب يصله، وسيواصل متابعة هذا الملف ونشر المزيد من الوثائق والمستندات.

 

واحدة من عشرات الوثائق التي بحوزة “حيفانت”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *