ظواهر اجتماعية في ظل الكورونا بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 21/09/2020

ظواهر اجتماعية في ظل الكورونا

الشيخ رشاد أبو الهيجاء

إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

الكثير من الظواهر الاجتماعية أصبحت مصدر ازعاج  لأنها تساعد على انتشار الامراض وبشكل خاص مرض الكورونا الذي اشغل الناس واصبح يلقي بظلاله على جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية حيث ان العامل الاجتماعي يتأثر بشكل صارخ من العامل الاقتصادي . والعامل الاقتصادي يتجه نحو البطالة وقلة السيولة في ايدي الناس ومما لا شك فيه ان هذا الحال ستتبعه ظاهرة العنف والتي هي في انتشار سريع , وكلما انتشر الفقر في مجتمع ازدادت فيه ظاهرة العنف ولذلك علينا العمل على التغيير في عاداتنا حتى تتلائم مع الواقع الجديد الذي نعيش فيه , فالتبذير في الاعراس والمآتم وحفلات أعياد الميلاد والمناسبات التي نبتدعها كلها قابلة للتغيير لتوافق الشرع وحاجة المجتمع لان سلوكنا بشكل دائم له شق روحاني ايماني اما ينتفع المرء منه ايمانيا او غير ذلك , وشق اجتماعي اما بالخير ينتفع المجتمع منه واما بالسوء الذي يترك اثره الى أعوام عديدة .فالأعراس في ظل الكرورونا التي يدعى اليها الكثير  من الناس فهي مصدر قوي لانتشار هذا الوباء فمن باب المسئولية يجب على الأزواج وعلى ذويهم الاقتصار على عدد قليل من الناس فهذا يجنبهم من العدوى الجماعية التي اصبحنا نراها بعد كل عرس يقام في قرانا وبلداننا العربية وخصوصا ان من المرضى من يتعمد التواجد بين الناس ولا يكترث الى حالهم وهو بذلك كأنه يقتلهم لأنه استخف بحقهم الأساس وهو الحياة بكرامة ودون المس بهم ماديا ومعنويا فهذا الذي يشارك بالأعراس وهو يعلم انه مريض بمرض معد لا يمكن ان ينتمي الى مجتمعه لقول  رسول الله ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) ومن الاهتمام بأمورهم ان تحرص كل الحرص على صحتهم لذا من ابتغى الاجر الثواب الجزيل من الله فعليه بحال شعوره بوعكة صحية كسعال او حرارة مرتفعة او ضعف في الجسم وغير ذلك ان يلزم بيته  ولا يخرج منه الا للحاجة الماسة حتى يشفى من مرضه وعليه اجراء الفحوصات المناسبة ليتأكد انه غير مصاب بمرض الكورونا ليدفع الضرر عن الناس وقد قال رسول الله ( لا ضرر ولا ضرار ) وقال ( لا يوردن ممرض على مصح )  وكم سمعنا عن أناس يخفون مرضهم كأنه عار ويشاركون الناس بصلاتهم وافراحهم واتراحهم وقد تعلمنا من عمر بن الخطاب درس حين مر بامرأة مجذومة ( مرض معدي بالجلد ) وهي تطوف حول الكعبة فقال لها :يا امة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك . فجلست في بيتها ولم تخرج منه فلما مات عمر مر بها رجل فقال لها : ان الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي . فقالت : ما كنت لاطيعه حيا واعصيه ميتا . فظلت في بيتها حتى ماتت . وعمر من الذين قال بحقهم رسول الله ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضو عليها بالنواجذ ) فعمله سنة يجب ان تتبع وخاصة في ظل هذا الواقع الذي نعيش فيه فلا ينبغي ان ندعو الاعداد الكثيرة من الناس لأعراسنا ويكفي العدد القليل ليتم الاشهار وفي ذلك حفظ لسلامة الناس وفي ذلك ايضا نستجيب للحق القائل في كتابه ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )وقال ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) وحتى يترجم هذا التوجه في حياة الناس كان رسول الله يقول لبعض اصحابه الذين يرغبون بالزواج ( التمس ولو خاتما من حديد ) وقال لآخر ( زوجتك بما معك من القرآن ) لييسر على الشباب الزواج فاليوم تبذير في المأكل والمشرب ونفقات العرس تجعلنا كأننا نجحد نعمة الله علينا . حيث الطعام يلقى في سلة المهملات وهذا له مضار اقتصادية على الفرد والمجتمع ومضر بالبيئة وتحرق مقدرات المجتمع ولو هذه الولائم تختصر وينفق المال المتبقي على طلاب العلم لوجدنا الطوابير من الشباب المثقف الذي يبني ولا يهدم يرفع من همة مجتمعه ولا يهبط به الى الحضيض . وقد يسأل البعض هل يكفي ان نحتفل بعدد قليل في الزواج ؟ هذا يأخذنا للقول ان الزواج يتم بعقد زواج صحيح مستوف للأركان وهي:  الايجاب والقبول أي ان يقول ولي الزوجة للزوج : زوجتك ابنتي ويرد عليه الزوج : قبلت زواج ابنتك بحضور شاهدين والمهر المفضل القليل  لقول رسول الله ( اقلكم مهرا أكثرهن بركة ) وهذا النظام نحتاج اليه بكل حال وبشكل خاص في ظل التدهور الاجتماعي والاقتصادي التابع لانتشار وباء الكورونا لان الزواج رباط مقدس بين اثنين لا يحتمل المعكرات مثل الديون والهموم التي تصاحب الاعداد الكبيرة من شبابنا والتي قد توصلهم الى فك هذا الرباط المقدس بعد اشهر او سنوات قليلة : وما يقال في الاعراس يقال عن المآتم ففي ظل انتشار هذا الوباء تكفي التعزية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وذلك حتى لا تنتقل العدوى بين المعزين ومن كان مضطرا للحضور الى بيت اهل العزاء فلا يمكث كثيرا عندهم ولا يصافح ولا يقبل . اما باقي المناسبات التي ابتدعناها مثل حفلات أعياد الميلاد وغيرها فلا حاجة لها خاصة في مثل هذا الواقع ومن اصر فليكن داخل الاسرة المصغرة أي بعدد قليل يعد على أصابع اليد لا كما يفعل البعض حيث يقولون حفل مصغر داخل البيت ويشارك فيه العشرات من الناس مما يسهل انتشار الوباء وهناك الأمثلة الكثيرة التي سمعنا عنها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *