بقلم الصحفي : شاهين نصار

هناك من لا زال يؤمن بالكلام الترويجي الذي لا طعم له بأن مخزن سلاح ايراني/تالبع لحزب الله هو الذي كان مستهدفًا في “هجوم على مرفأ بيروت”.. رغم عدم وجود أي دليل على صحة هذا الكلام البتة.

لنوضح بعض النقاط التي من شأنها أن تدحض نظرية المؤامرة:

1. لا مصلحة لاسرائيل بضرب حزب الله وفتح جبهة وحرب مفتوحة على لبنان… هذا ليس من مصلحةاسرائيل ولا من مصلحة لبنان… فحكومتي البلدين في حال يرثى لها وازمة الكورونا تخنق البلدين. والحرب ليست هي الحل.. المصالح العليا للبلدين تتفق الآن بالابتعاد عن افتعال حرب جديدة قد تؤول بالبلاد إلى أوضاع مأساوية كارثية زيادة عما هي عليه، وترمي بالمنطقة بأسرها في دوامة قد لا يكون لها نهاية.

2. تدور بعض الفيديوهات لأشخاص لبنانيون يتحدثون عن ضرب جوي بالصواريخ او ان طائرات كانت تحوم في أجواء بيروت وقت الانفجار.. من متابعتي الحديثة لوسائل التواصل الاجتماعي، لم أجد اي فيديو يُظهر الطائرات ولا فيديو يوثق صوت أزيزها… هناك فيديو متداول يوثق لحظة وقوع الانفجار الثاني (الذي ضرب صوامع القمح في المرفأ).. بضعة ثواني معدودات بعد الاول… لا يوجد أزيز للطائرات ولا للصاروخ المزعوم.

3. هل من مصلحة حزب الله تخزين سلاحه بجانب مخزون القمح والدقيق؟؟

على فكرة، العواميد التي تظهر بالصور الشائعة والمنتشرة هي بشكل واضح صوامع القمح في مرفأ ببروت. نحو 80% من مخزون القمح في لبنان مستورد. والمخزون بصوامع ببروت يشكل قسمًا مهمًا من المخزون المستقبلي للدولة ككل، كون مرفأ بيروت المرفأ الصناعي الأكبر والأهم في لبنان. لقد دُمر القمح الذي تواجد بالصوامع البيروتية او احترق او لم يعد صالحا للاستعمال اثر الانفجار، حسبما أكد وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة.

رغم ذلك أكد نعمة انه المخزون في لبنان يكفي وسيصل المزيد من الخارج.

4. المواد شديدة الانفجار بحسب اللواء عباس ابراهيم كانت مصادرة من مجموعات مسلحة. ولم يذكر أي مصدر لبناني من أي جهة تمت مصادرتها.

5. هناك مصلحة لدى بعض القوى اللبنانية بتحميل حزب الله وحلفائه في الحكم وبالأساس التبار الوطني الحر كامل المسؤولية للأزمة الحالبة التي يمرّ بها لبنان، وإن لم يكونوا هم سببها، فقد خرجت مظاهرات مضادة للفساد العام الماضي في لبنان تطالب بمحاسبة الفاسدين، وقد كانت مظاهرات جبّارة طالت كافة المحافظات اللبنانية، ومستحقة.

هنا من ينوي الاطاحة بالجنرال ميشال عون وأعوانه من سدّة الحكم، ليعود بنفسه الى السلطة. ليس دفاعًا عن حزب الله وبقية القوى المتحالفة معه.. لكني أتساءل: مش في حكومة وحدة بلبنان؟؟

6. عند قراءة الخارطة الجيوسياسية الحالية، ومشاهدة من المعني بتدمير لبنان بالكامل، قد تتجلى لك بعض الأمور. لا أعتقد أن إسرائيل كانت لتخاطر بحرب مفتوحة مع حزب الله في توقيت كهذا… ولكن هناك من هو معني بحروب كهذه، بالأخص في أروقة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، فقد حكي ترامب انه سمع “أن الحديث عن انفجار لمواد شديدة الاشتعال في لبنان كذب وقال إن قادة الجيش لديهم تشير الى أن الحديث عن هجوم على أسلحة لحزب الله”.. بالجيش الامريكي قالوا للصحافيين “اسألوا ترامب من أين له هذه المعلومات.. بالطبع لم تصدر عنّا”… باختصار، هناك من هو معني بدق الأسافين والذهاب بلبنان إلى شفير الهاوية، الحرب الأهلية!

7. سارعت إسرائيل لنفي مسؤوليتها لأي هجوم مزعوم يكن. وسارعت بالاعلان عن مبادرة لتوجيه المساعدات للبلد المجاور من الشمال، الذي كانت مسؤولة بشكل مباشر عن تدميره مرتين على الأقل.

8. بلدية تل أبيب رفعت علم لبنان على واجهتها الخارجية… تماشيًا مع التقليد الرائج في السنوات الأخيرة، كلما ضربت أزمة أو كارثة ما بلدًا أو مدينة ما، نعبر عن تضامننا برفع علم هذا البلد على ناطحات السحاب والعمارات المركزية… سؤال: أليست هي بلدية تل أبيب ذاتها التي تريد اقتلاع وتدمير مقبرة الاسعاف؟ يقولون إنسانية… وأين احترام البشر الفلسطينيين هنا؟ على بُعد شبرين عن شينكين؟

9. بكل حال من الأحوال.. نتمنى السلامة للمصابين الذين وصل عددهم نحو اربعة آلاف جريح ومصاب، سائلين الله عزّ وجلّ أن يمن لهم بالشفاء العاجل. ونوّجه تعازينا القلبية الحارّة لذوي الضحايا..

كلمة أخيرة: سينهض لبنان كما عوّدنا..