الصُّورة في السَّرْد… بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 23/06/2020

الصُّورة في السَّرْد…

رشدي الماضي

 

الصُّورة في السَّرد، تصوير لغوي، وعقلي، وذهني، وخيالي، وحسّي، قد تنقل العالم الواقعي، أو قد نتجاوزه نحو عوالم خياليّة وافتراضيّة أخرى.

لكن أهمّ ما فيها، هو طبيعتها اللغويّة والفنيّة والجماليّة الخاصة، وارتباطها بمتخيلات غنيّة وثريّة… وهناك فريق من الدَّارسين يُطلق عليها الصُّورة السَّرديّة ذات الوظائف العديدة..

ومن أبرز هذه الوظائف في السَّرْد هي:- الامتناع الذي يتحقّق بالقراءة، والذي أَطلق عليه الفرنسي رولان بارت “لذّة القراءة”، وكذلك “الإقناع”…

لأنّ القَصْد من وراء تشكيل الصًّورة، هو نقل حالة أو شعور أو فكرة تتحقّق من خلال خلق نوع من التَّعاطف مع قضيّة مُعيّنة، وقد تؤدّي الصّورة وظائف اجتماعيّة حين تأتي بظاهرة موجودة وتُعيد تشكيلها في الصّور لسّرديّة، إمّا لإبرازها، أو كشفها أو فضحها، بهدف إلزام المتلقي على اتخاذ موقف مًؤيّد أو معارض لها…وهذا ما دفع بعض الأوساط المعنيّة الى استخدام الصّورة في الدّعاية السياسيّة من أجل تحقيق بعض التّغييرات الاجتماعيّة، أو بهدف مواجهة الخصوم أثناء المعارك السياسيّة الدّاخليّة أو الخارجيّة…

وللصورة السّرديّة في حال كونها متحرّكة أو ثابتة وظائف متعدّدة ومتنوّعة نذكر منها على وجه التحديد:

– الوظيفة النّقديّة: والتي تعتمد مقولة: “أنا أنقد إذن أنا موجود”، ممّا جعلها تساهم في جعل المتلقي بعامّة والمثقّف بخاصّة يُطوّر قدراتِهِ التفكيكية والتحليليّة والتأويليّة للبحث عن المعنى في النّصّ وثُمّ الإمساك بدلالتِهِ، سياسيّا، أو اجتماعيّا، أو ثقافيّا أو اقتصاديّا…

– الوظيفة الجماليّة: وهي عمليّة البحث والتقاط كامل التجليات الجمالية الحاضرة في النّصّ السَّردي، ولا يخفى أنّ ثقافة الجمال واحدة، وهي التي يسعى الأديب المبدع الى بعثها أو إرسالها الى مُتلقّيه ليطوّر رؤيتهم الجماليّة…

– الوظيفة التّواصليّة: وهي في جوهرها ثقافيّة حيص تضمن كيفيّة جعل الصّورة في السّرد مُدْرَكة من المُتلقّي، ليساعده هذا الإدراك على الإمساك بالامتدادات الزّمنيّة والمكانيّة والفضائيّة، ومن ثَمّ تطوير قدراتِهِ وجعله عاشقا للثّقافة وقيم الجمال…

ولا شَكّ أنّنا من خلال هذا التّحديد نرى بالصّورة السَّرديّة أداة توعويّة وفنيّة وذوقيّة وتخييليّة، تختزن قدرة وطاقة قويّة على تنمية وتطوير اشْتغالِهِ على لغة سردِهِ كي يخلق صورا ابداعيّة جديدة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *