الاسراء والمعراج والكورونا

مراسل حيفا نت | 24/03/2020

الاسراء والمعراج والكورونا

الشيخ رشاد أبو الهيجاء

إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

كلما هل علينا هلال شهر رجب كنا نستعد للاحتفال بذكرى الاسراء والمعراج التي تصادف على اصح الروايات ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر ولكننا استقبلنا هذا العام شهر رجب بوباء الكرونا الذي يشكل خطرا حقيقيا على المعمورة بكاملها وبكل النواحي . يهدد حياة العديد من الناس كما يهدد الاقتصاد العالمي والعلاقات الاجتماعية وقد يغير هذا الوباء من عاداتنا وتقاليدنا وهذا يفرض علينا الاخذ بكل أسباب الوقاية من اجل الحد من الخسائر والمتتبع لسيرة رسول الله يجد ان حادثة الاسراء والمعراج جاءت في ظل محنة المطاردة والملاحقة لرسول الله واصحابه فمنهم من قتل مثل سمية ام عمار وزوجها ياسر ومنهم من لقي اشد الوان العذاب مثل عمار بن ياسر وبلال بن رباح وزنيرة  وغيرهم الكثير ولم يجلس رسول الله مكتوف الايدي دون ان يحرك ساكنا مع ان الدفاع عن هؤلاء كان من المستحيلات وقد عبر عن ذلك رسول الله حين رأى ياسر وزوجته سمية تحت العذاب فقال لهم ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) فما كان من رسول الله إلا أن يضع خطة متكاملة يحمي فيها أصحابه هذه الخطة تشكلت من عدة طرق لضمان النجاة أولها تجهيز الأرض التي تحتضن الصحابة فقد أشار الى أغلبيتهم بالهجرة الى الحبشة لان فيها ملك لا يظلم عنده احد , وبذلك يضمن سلامة اجسامهم من الأذى ولو بشكل مؤقت, وبما انها ليست الأرض المرجوة لتأسيس دولة الإسلام فكان لا بد من أن يجهز الأرض المناسبة فكان يعرض على القبائل نفسه ويطرح عليهم فكرته حتى وقعت كلماته بردا وسلاما على قبائل المدينة المنورة ( يثرب ) الاوس والخزرج لانهم كانوا على اطلاع ان هذا الزمان زمان ظهور نبي آخر الزمان نتيجة اختلاطهم باهل الكتاب فاسلم معه عدد قليل وازداد هذا العدد الذي يبايع رسول الله بالحماية كما يحمي احدهم اهله وزوجته , فبعث اليهم مصعب بن عمير داعيا ومعلما حتى دخل الإسلام كل بيت من بيوت اهل المدينة وبينما أصحاب رسول الله في الحبشة يتوجه الرسول الى الطائف ظنا منه انهم سيكونون احسن خلقا وحماية للجوار ولكنهم كانوا أصحاب سوء فسلطوا عليه صبيانهم وعبيدهم ليرجموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفة فعاد ادراجه الى مكة وفي الطريق يجلس للاستراحة والتفكر وتقييم هذه الخطوة وبما انه لا يعمل الا بأمر الله فجمع بين أسباب الدنيا وأسباب السماء فتوجه الى الله بأن يفرج الهم ويزيل الغمة فقال ( اللهم اليك اشكو ضعف قوتي , وقلة حيلتي , وهواني على الناس يا ارحم الراحمين , انت رب المستضعفين , وانت ربي , الى من تكلني ؟ الى بعيد يتجهمني ؟ ام الى عدو ملكته امري ؟ ان لم يكن بك علي غضي فلا تبالي , ولكن عافيتك هي أوسع لي , اعوذ بنور وجهك الذي اشرقت له الظلمات وصلح عليه امر الدنيا والآخرة من ان تنزل بي غضبك , او يحل علي سخطك , لك العتبى حتى ترضى , ولا حول ولا قوة الا بك ) وبعد كل هذه الاسباب يأتي امر الله برحلة الاسراء لينطلق الرسول بصحبة جبريل عليه السلام من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ومن ثم عروجا الى السماء قال تعالى ( سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير ) هذا السرد لمقدمات الاسراء والمعراج يقول بأن الاخذ بالأسباب بكل الطرق المادية الممكنة دون معصية لله ثم الاستعانة بالله رب الأسباب هي الطريق الاسلم للنجاة لان كل شيء بأمر الله الذي اذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون , فإن كان الرسول يأخذ بالأسباب فلا بد لنا ونحن نعيش معركة الحياة ان نأخذ بالأسباب المادية والمعنوية المستمدة من الايمان بالله تعالى وهذا يفرض علينا أن نستمع الى توجيهات أهل الاختصاص لمواجهة هذا الوباء فإن التزم كل فرد منا بتعليمات وزارة الصحة وأغلق الناس ابوابهم على انفسهم ولم يخرجوا الا للضرورة القصوى فإن هذا الوباء سيمر سريعا دون ان يجني الكثير من الأرواح اما اذا بقي المجتمع مستهترا ومستخفا فإننا سنرى كارثة هذا القرن بأصعب مشاهدها وعندها كل من لم يلتزم بالتعليمات سيكون آثما ومجرما بحق مجتمعه ولا يعتقد انسان ما ان الالتزام بمثل هذه التعليمات مخالفا للدين فقد وضع الرسول أسس الوقاية وهو اول من فرض الحجر الصحي ولكنه لم يغفل باعتزازه بالعبودية لله رب العالمين , وملخص الكلام خذوا بالأسباب للنجاة واستعينوا بربها القائل ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *