المسيحي الحقيقي يملك قلب الله ويعرف معنى الرحمة والحنان

مراسل حيفا نت | 21/02/2020

المسيحي الحقيقي يملك قلب الله ويعرف معنى الرحمة والحنان

الارشمندريت اغابيوس ابو سعدى

  • “المسيحي الحقيقي لا يخاف من الاقتراب من الخطأة والمخاطرة بسمعته لأنّه يملك قلب الله الذي لا يريد لأحد أن يهلك.
  • “في ذلك الزَّمان كانَ العَشّارون والخاطِئونَ يَدنونَ مِن يسوع جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَقولون مُتَذَمِّرين: “هذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!”.
  • لقد كان هذا الأمر يشكل عارًا حقيقيًّا لهؤلاء الأشخاص، تصوروا ما كان الأمر سيكون عليه لو وجدت وسائل الإعلام في ذلك الوقت. لكن يسوع قد أتى من أجل هذا الأمر: ليبحث عن الذين ضاعوا وابتعدوا عن الرب ويعيدهم، وهذا ما يقدمه لنا إنجيل اليوم من خلال هذين المثلين، هما يريانا قلب الله وكيف أن الله لا يتوقف أبدًا في البحث عن الخاطئ بل يذهب إلى العمق، حتى النهاية ليحمل الخلاص للإنسان، فهو لا يتوقف في منتصف الدرب ويقول: “لقد فعلت من جهتي ما بوسعي لكن المشكلة منهم!” بل يخرج من ذاته ويذهب بحثاً عن الضائع والضال.
  • لكن الكتبة والفريسيين يتوقفون في منتصف الطريق، لأن ما يهمّهم فعلاً هو ربحهم ومصالحهم. لكن هذا ليس فكر الله، فالرب لا تهمه الأعمال، الله هو أب ويريد أن يخلص جميع أبنائه ولذلك يخرج بحثًا عنهم ليخلّصهم، وهذه هي محبة الله. لكن من المحزن أن نرى الرعاة الذين يتوقفون في منتصف الطريق! من المحزن أن نرى المسيحي الذي لا يشعر في داخله وفي قلبه بالحاجة للخروج والذهاب ليخبر الآخرين عن محبة الله وصلاحه! كم من الأشخاص هم كهؤلاء الكتبة والفريسيين، يعتبرون أنفسهم أبرارًا وصالحين ويرفضون الاقتراب من الخطأة لكي لا “يتدنّسوا”. لنتأمل بما كانوا يتذمرون عليه في ما بينهم قائلين: “لو كانَ هذا نَبيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الاِمرأةُ التي تلمِسُهُ وما هي! إنَّها خاطِئَةٌ” هذا هو الاحتقار، لقد كانوا يستغلون الناس ويحتقرونهم في ما بعد.
  • أن نكون رعاة يتوقفون في منتصف الطريق هو لفشل كبير، على الراعي أن يتحلّى بقلب الله ويذهب إلى العمق حتى النهاية لأنه لا يريد لأحد من هؤلاء أن يهلك. فالراعي الحقيقي والمسيحي الحقيقي يحمل داخله هذا الحماس وهذه الغيرة: لا يمكن لأحد أن يهلك! ولذلك لا يخاف من أن يقترب من الخطأة. يقوم بما عليه القيام به ويذهب حتى النهاية إذا تطلب الأمر، يخاطر بحياته ويخاطر بسمعته، يخاطر برفاهيته وبأن يخسر منصبه أحيانًا شرط أن يكون راع صالح! هذه هي أيضًا دعوة المسيحي.
  • يسهل علينا جدًّا أن نحكم على الآخرين وندينهم كما كان يفعل الكتبة والفريسيّون، لكنه ليس تصرُّفًا مسيحيًّا، ليس تصرفًا يليق بأبناء الله، لأن ابن الله لا يبحث عن راحته وسكينته بل يذهب حتى النهاية ويبذل حياته في سبيل الآخر على مثال يسوع! إذ على المسيحيين أن يقتربوا من الذين يتوق المجتمع لإقصائهم وأن يمدوا لهم أيديهم تمامًا كما فعل يسوع مع مهمّشي زمانه، وهذا ما يجعل من الكنيسة جماعة حقيقيّة.
  • الراعي الصالح والمسيحيّ الصالح يخرج دائمًا من ذاته نحو الله بالصلاة والعبادة نحو الآخر ليحمل إليه رسالة الخلاص. الراعي الصالح والمسيحي الصالح يعرفان حقًا معنى الرحمة والحنان. هؤلاء الكتبة والفريسيّون لم يعرفوا أبدًا معنى الرحمة والحنان، لم يعرفوا معنى أن يحمل ذلك الرجل خروفه الضال على كتفيه فرحًا ويعود به إلى الحظيرة. إنهم أناس لا يعرفون معنى الفرح وبأن الفرح الحقيقي يأتينا من الله، من قلب الآب الذي يخرج بحثًا عن الخاطئ ليخلّصه! فما أجمل أن نخرج بحثًا عن إخوتنا وأخواتنا البعيدين عن الرب دون أن نخاف مما قد يقوله الآخرون عنا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *