عرض فني وغني مثير لفرقة “سلمى” للفنون الاستعراضيّة

مراسل حيفا نت | 27/06/2019

عرض فني وغني مثير لفرقة “سلمى” للفنون الاستعراضيّة

مطانس فرح

دخلت قاعة المؤتمرات “كونغرسيم” في حيفا، يوم السّبت الأخير، لأجدها غاصّةً ومكتظّة بالمئات الّذين جاءوها، كما جئتُها أنا، منتظرين بكل تَوقٍ وبترقّب شديد، عرض طلّاب وطالبات معهد “سلمى” للفنون الاستعراضيّة.

رقص الطلّاب والطالبات، تمايلوا، وملأوا الحيّز.. أدهشوا وأمتعوا وفاجأوا، أحيانًا.. وفي المحصّلة، قدّم طالبات وطلّاب معهد “سلمى” عروضًا فنّيّة راقصة جميلة وممتعة، أسرت قلوب الأهل الفخورين بأطفالهم وأبنائهم وبناتهم، ولامست الحضور، فأدهشوا وأبهروا وشدّوا انتباه الجميع. رأيت براعم فنيّة، ووجدت في عدد منها نجومًا مستقبليّة لافتة ولامعة.

للغة الجسد والحركات الرّاقصة الجميلة والتّعبيريّة الهادفة وَقع على المتلقّي، قد يكون أشدّ تأثيرًا من وقع الكلمة.. فليس من المفهوم ضمنًا، ولا من السّهل بتاتًا، أن تجمع الفنّانة الحاضنة المحبّة فريال خشيبون، على خشبة مسرح واحدة أكثر من 250 برعمًا وبرعمة، وأن تُدمج بين جميع الأعمار، لتخلق صورًا فنّيّة استعراضيّة مصغّرة، تنمو وتكبر وتزهّر، في أحضان معهد “سلمى” للفنون الاستعراضيّة، لتقدّم عروضًا مثيرة، منوّعة، غنيّة بالحركات، تحمل في طيّاتها فنّا وجمالًا وإمتاعًا وطيبةً وعفويّة.

تنوّع العرض وتنوّعت فيه الأغاني والموسيقى والحركات واللّوحات الرّاقصة.. ما بين حديث وقديم، ما بين رقص شعبيّ وشرقيّ، مصري ولبناني، عربيّ وأجنبيّ، دبكة وباليه، كلاسيكيّ وتعبيريّ، “هيـﭗ هوﭗ” وغيره، حيث دأبت الفنّانة فريال خشيبون وطاقم المعلّمات والمعلّمين في المعهد على عدم تقديم عروض هابطة، واهتمّت بأدقّ التّفاصيل، وخصوصًا التّنوّع والتّجديد وعدم تَكرار ذاتها. فاهتمّت بالأزياء، أيضًا، الّتي لعبت دورًا كبيرًا في العرض؛ فألوان الأزياء الملوّنة، الزّاهية، الدّاكنة، والمزركشة، تماشت وانصهرت مع الأنغام والألحان والموسيقى، وزادت العرض رونقًا وجمالًا.

وفي هذا العرض المميّز الشّامل، شارك بعض فرق طلّاب وطالبات المعهد، فرقة “سلمى” للفنون الاستعراضيّة المتألّقة، هذه الفرقة الّتي تتمايل أجساد الراقصات والراقصين فيها على أنغام الموسيقى، لتحاور الإيقاع وترسم لوحات إبداعيّة راقصة فنيّة وجميلة، فجاء المزج مُبهِرًا.

تولّت عرافة العرض وأشرفت على تقديمه، على مدار ساعتين من الزّمن تقريبًا، ميساء خشيبون، بكلّ عفويّة وتلقائيّة وسلاسة وخفّة دم، فاستطاعت أن تدمج الجِدِّيّة والدُّعابة والفُكاهة معًا، في قالب جميل ومحبّب.. فهي تملك صوتًا عذبًا جميلًا، إلى جانب ما تتمتع به من مواهب فنيّة، ندرك بعضها ونجهل بعضها الآخر، فما خفي من مواهب على ما يبدو أعظم. كان تقديمها للحفل موفّقًا، فأطاعها المسرح، واحتضنها الأطفال، وأحبّها الجمهور.

لفتني، أيضًا، طلّاب المسرح في معهد “سلمى”، الّذين تميّزوا بأدائهم، وعادوا بنا إلى مرحلة طفولتنا الجميلة البريئة، من خلال تمثيلهم مشاهد مسرحيّة مأخوذة من أساطير كرتونيّة عالميّة معروفة، فوجدت في عدد منهم بريقَ نجوم فنيّة مستقبليّة لامعة.

بات المعهد عُنوانًا، يجمع الصّغير والكبير. بات بيتًا عائليًّا يتعلّم فيه أولادنا محاكاة الآخر بلغة الجسد والفنّ الرّاقي والتّعبير، لا بالعنف والمشادّات الكلاميّة. وتؤكّد لي، مجدّدًا، الفنّانة خشيبون أنّها ليست مجرّد معلّمة أو مدرّبة بارعة، بل هي أم حنون حاضنة لجميع طلّاب المعهد وطالباته.

وكم من الضّروريّ والهام وجود معهد كهذا في مجتمعنا، يجمع ضمن إطاره عددًا كبيرًا من بناتنا وأبنائنا، يتعلّمون فيه لغات فنّيّة منوّعة تُدمج الرّقص والموسيقى والتّمثيل، وفنّ العلاقات الاجتماعيّة الّتي نفتقدها أيضًا، بدل التّسكّع في الشّوارع والانجراف إلى الانحراف.. نعم! نريد المزيد من المعاهد في مجتمعنا، كمعهد “سلمى” للفنون الاستعراضيّة؛ فإحدى الطّرق لتعرُّف الشّعوب والمجتمعات، تعرُّف فنّه.

ومجدّدًا تتعطّل لغة الكلام أمام فريال خشيبون الإنسانة الفنّانة، الحريصة دومًا على إعلاء شأن الفنّ الجميل الرّاقي، الأم الحنون الحاضنة، الّتي تدأب وتعمل ليل نهار على تحقيق آمال وأحلام مئات الأطفال الّذين يتوقون إلى الوصول، فتحقّق بذلك أحلام طفولتهم. رسالتها الفنيّة سامية وراقية كرقيّها وسموّها الأخلاقي.

كل الاحترام.. في انتظار الجديد والمزيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *