لقد قام يسوع من القبر، كما سبق وقال، ومنحنا الحياة الأبدية وعظيم الرحمة

مراسل حيفا نت | 18/04/2019

لقد قام يسوع من القبر، كما سبق وقال، ومنحنا الحياة الأبدية وعظيم الرحمة

 

الأب د. يوسف متى، المُعلن رئيس أساقفة الجليل للملكيين الكاثوليك

 

بتحيّة الفصح هذه، نؤكد أيّها الأحباء، أن الله الذي رحمنا بيسوع المسيح، إذ أسلمه كفّارة عن خطايانا، قد أحبّنا حبّا شديدًا. ولأن الله أظهر محبته لنا بالمسيح يسوع القائم من بين الأموات، هو اليوم يطلب منا أن نكون على مثاله في المحبة والرحمة الإلهية، متمّمين قول المسيح: “أريد رحمة لا ذبيحة”.

يسوع المسيح هو وجه رحمة الآب. يبدو أن سرّ الإيمان المسيحي قد وجد ملخّصه في هذه الكلمة. لقد أصبحت حيّةً ومرئيّة وبلغت ذروتها في يسوع الناصريّ. إن الآب “الواسع الرحمة” (أف 2، 4)، وبعد أن أظهر اسمه لموسى بأنه “إله رَحيم ورَؤُوف، طَويلُ الأَناةِ كَثيرُ الَرَّحمَة والوَفاء” (خروج 34، 6)، لم يكفَّ أبدًا عن كشف طبيعته الإلهيّة بطرق مختلفة وأوقات عديدة من التاريخ. فلما “تمّ الزمان” (غلا 4، 4)، وعندما كان كل شيء قد جُهِّز بحسب مخطّطه الخلاصي، أرسل ابنه مولودًا من العذراء مريم ليُظهر لنا حبّه بشكل نهائيّ. من يراه يرى الآب (را. يو 14، 9). فيسوع الناصري يُظهر رحمة الله من خلال كلمته وتصرفاته وحضوره الذاتي الكامل.

نحن بحاجة على الدوام للتأمل بسرّ الرحمة. إنه مصدر فرح وسكينة وسلام. إنه شرط لخلاصنا. الرحمة: هي كلمة تُظهر سرّ الثالوث الأقدس. الرحمة: هي العمل النهائي والأسمى الذي من خلاله يأتي الله إلى لقائنا. الرحمة: هي الشريعة الأساسية التي تقيم في قلب كلّ شخص، عندما ينظر بعينين صادقتين إلى الأخ الذي يلتقيه في مسيرة الحياة. الرحمة: هي الدرب الذي يوحّد الله بالإنسان، لأنها تفتح القلب على الرجاء بأننا محبوبون إلى الأبد، بالرغم من محدوديّة خطيئتنا. فهناك أوقات نكون فيها مدعوين بشكل قوي لنثبّت النظر على الرحمة لنصبح بدورنا علامة فعّالة لعمل الآب.

لقد تحدّث قداسة البابا فرنسيس في العديد من المناسبات عن الرحمة. وخصّص سنة مقدّسة في عام 2015، وأعطاها أسم “سنة الرحمة الإلهية”، ليدلّ بذلك على عمق محبّة ورحمة الله للإنسان، كل إنسان مخلوق على صورته ومثاله. ولذلك فلتكن هذه السنة يوبيلا استثنائيًّا للرحمة كزمن ملائم للكنيسة، بعد أن رحمَنا الله في هذه الأبرشية. أبرشية الجليل للروم الملكيين، وبشّرنا بإعلان مطران جديد من هذه الأرض المقدسة. وابن أصيل لها. وهذا كله لكيّ يعزز شهادة الكنيسة للمؤمنين ويفعّلها. فإن هذا العيد الليتورجي، أي عيد الفصح، يشير إلى أسلوب عمل الله منذ فجر التاريخ. فبعد خطيئة آدم وحواء، لم يشأ الله أن يترك البشريّة وحدها تحت رحمة الشر. ولذلك فكّر وأراد أن تصبح مريم القديسة، التي هي بلا عيب في المحبّة (را. أف 1، 4)، أمًّا لفادي الإنسان. وإزاء خطورة الخطيئة يجيب الله بملء المغفرة. فالرحمة ستكون على الدوام أكبر من أي خطيئة، ولا يمكن لأحدٍ أن يضع حدًا لمحبة الله التي تغفر.

لقد تجلّت رحمة الله للعالم بالمسيح الفادي. إلها وإنسانا معًا، ليعطي للإنسان المعنى الحقيقي للحياة، التي أصلا خُلقَ فيها ودُعي ليعيشها مع الله وفي الله. واليوم إذ تجلّت محبة الله ورحمته على هذه الأبرشية، نعلن سوية وبفرح وثقة مرنمين.. المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور.

المسيح قام. حقاً قام.

فصح 2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *