المتنبّي مدرسةٌ تصنع إنسانًا والحادثة الأخيرة قد تُغيّر حياتي: لقاء حصريّ مع خرّيج المتنبّي الشابّ الجريء باسل إبراهيم

مراسل حيفا نت | 18/04/2019

المتنبّي حكاية أجيال وراية بقاء

المتنبّي مدرسةٌ تصنع إنسانًا والحادثة الأخيرة قد تُغيّر حياتي: لقاء حصريّ مع خرّيج المتنبّي الشابّ الجريء باسل إبراهيم

كتَبَت وحاورت: رقيّة عدوي: مُدّرِسة في مدرسة المتنبّي

 

باسل إبراهيم؛ تخرّج من المتنبّي يحمل وسام الطالب المتميّز والشاب المهذّب والخلوق. كانت حياته ستبدو حياةً عادية، تُشبه حياة أيّ طالبٍ يتخرّج من المدرسة الثانويّة، يبدأ برحلة البحث عن الذات وتحقيق الأحلام والطموحات، إلّا أنّ حادثةً تقعُ على مقربةٍ منه، تضعه على المحكّ، يختار التضحيّة، ليكون باسلًا كما اسمه، يختارُ تطبيق القيم التي نشأ عليها في البيت وعزّزتها المتنبّي وعملت على غرسها طوال سنوات الدراسة فيها. باسل إبراهيم يملأ الدنيا ويشغل الناس؛ لقاء حصريّ، صريح، واضح وشفّاف.

هل لكَ أن تُعرّفنا على شخصك الكريم؟

باسل إبراهيم من سكّان حيفا، خرّيج المتنبّي، ذك الصرح التربويّ-التعليميّ لعام 2015. التحقتُ بعد الدراسة في المتنبّي بدورات تأهيليّة واجتزت المرحلة الأولى في الطبخ، إلّا أنّ الحادثة الأخيرة التي أخذت أبعادًا إعلاميّة مختلفة قد تُغيّر من مسار حياتي.

هات حدّثنا عن الحادثة الأخيرة.

كنت للتوّ مستيقظًا، سمعتُ صراخًا وأصوات عويل وبكاء، اقتربتُ من النافذة وإذ بالنيران تلتهمُ طابقًا من طوابق البناية المقابلة، كما وتصاعدت ألسنة اللهب والدخان لتملأ طابقًا من الأعلى ومن ذك الطابق كان الصراخ ينبعثُ مع أصوات الاستغاثة. لم أفكّر مرّتين، بل هرولتُ مسرعًا، كانت سيارة الإطفاء للتوّ تدخل الحارة، صعدتُ إلى البيت المحترق فكان الباب موصدًا، صعدتُ إلى الطابق الثاني ووضعتُ سترتي على فمي وأخرجت الطفل الأوّل وعدتُ لأُخرج الثاني، وطاقم الإطفاء قد وصل البيت في هذه الأثناء، فلم أنسحب أو أتراجع بل تابعتُ ما بدأت به، وساعدت طاقم الإطفاء على اخماد الحريق وإخراج الأم مع أطفالها.

ماذا تقصد بأنّ هذه الحادثة قد تُغيّر من مسار حياتك؟

أشاد طاقم الإطفاء بالعمل الذي قمت به، تحدّثوا معي وأثنوا على جرأتي وشجاعتي، طلبوا منّي تفاصيل شخصيّة عنّي وطرق التواصل معي، ليتمّ العمل لاحقًا على تأهيلي وضمّي للطاقم على أثر ما قُمت به.

في خضم إخراج الأمّ وأطفالها، بماذا كنت تفكّر؟ ألم تفكّر مثلًا بأنّك تُخاطر بنفسك؟ ألم تخش ألسنة اللهب والدخان؟

على العكس، كنتُ ملغيًّا، ملغيًّا تمامًا ومع ذاكرة ممحيّة وممسوحة. أفكّر فقط بانتشال الأم وأطفالها، أصلًا لم أفكّر بأنّهم جيراني، وأنّ هؤلاء الأطفال يحبّونني وأراهم كلّ يوم في الحارة، بل أنا أمام حالة إنسانيّة بحتة، إنسان يحتاج للمعاونة والمساندة عليّ التضحيّة لإنقاذه.

بعد الحادثة؛ ما هي ردّة فعل العائلة؟ هل كنت تتوقّع هذا الزخم الإعلاميّ؟

شكرتني العائلة واحتضنني الأطفال وقدّروا كثيرًا هذه الشجاعة والجرأة. أمّا بالنسبة للزخم الإعلاميّ فلم أتوّقع ذلك لأنّني أساسًا لم افكّر به ولا أبحثُ عن الشهرة. قلتُ لكِ بأنّني كنت أمام حالة إنسانيّة تستدعي التضحية لضمان نجاة الأم وأطفالها، هذا كلّ ما في الأمر.

المتنبّي؛ هل كان لها الأثر؟

طبعًا، المتنبّي ليست مجرّد مدرسة، بل هي تصنع إنسانًا بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى. أنا لا أنسى الكمّ الهائل من الفعاليّات، ورشات العمل والمحاضرات القيّمة التي دأبت وتدأب المتنبّي على تمريرها في المدرسة، بالإضافة لاستضافه الكثير من الجمعيات والأطر المختلفة لفتح آفاق الطالب على قيم مختلفة كالتطوّع، العطاء والانتماء. في المتنبّي تعلّمتُ أن أكون إنسانًا قبل كلّ شيء يتبنّى قيمًا ورسائل إنسانيّة جامعة، كالمحبّة، التسامح، السلام، الصفح، التضحيّة وتعلّمنا أن نكون جزءًا من هذا المجتمع ومن قضاياه الكثيرة.

هل من كلمة أخيرة؟

على الإنسان أن يتحلّى بالجرأة والشجاعة وأن يتحمّل مسؤوليّة ذلك. علاوة على أن يتعامل مع أخيه الإنسان متعاليًا عن الدين القوميّة، الجنس واللون وأن يسعده ما احتاج المساعدة وأن يتذكّر دومًا أنّ الثواب من هناك، من عند الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *