حفل توقيع كتاب “ميلانخوليا الوجود – رجفات ولوحات قصصيّة قصيرة”

مراسل حيفا نت | 08/03/2018

حفل توقيع كتاب “ميلانخوليا الوجود – رجفات ولوحات قصصيّة قصيرة”
في معرض الكتاب الذي أقامته
مكتبة “كلّ شيء” لصاحبها الأستاذ صالح عبّاسي في يافة الناصرة
Photo 1

Photo 2

Photo 3

Photo 4

Photo 5

نصّ كلمة الدكتورة كلارا سروجي-شجراوي مؤلّفة الكتاب
مساء الخير وأهلا بكم
جاءت فكرة مجموعتي القصصيّة الجديدة “ميلانخوليا الوجود” في معرِض قراءتي لأبي بكر الرّازي الطبيب والفيلسوف من القرن العاشر الميلادي عندما كتبَ عن العلاقة بين دراسة الفلسفة وإصابة الإنسان بالميلانخوليا أي السّويداء أو بلغتنا البسيطة الإكتئاب. لم يتكلّم وقتها في سياق رسالته “السيرة الفلسفيّة” عن الميلانخوليا كمرض، إنّما كحالة نفسيّة تجعل الإنسانَ يشعر بالضّيق وبثقل عظيم يهبط على أكتافه عندما يُصمِّم على دراسة الفلسفة خلال سنة واحدة فقط، ليؤكّدَ على صعوبة الأمر من ناحية، وعلى إمكانيّة إصابة الإنسان بالإكتئاب. ونحن في حياتنا اليوميّة نعيش ضغوطات على مستويات مختلفة وفي مجالات متعدّدة ممّا دفعني لاختيار هذا العنوان. أنوِّه بأنّ الحزن يكون لسبب ما محدَّد، بينما تكون الميلانخوليا حالة نفسيّة لا يستطيع المرءُ تحديد أسبابها، وبالتالي لا يجد وسيلة للتخلّص من هذا الشّعور الذي يكدِّر روحَه.
لقد اخترت كلمة “ميلانخوليا” لتدلّ على جوّ هذه المجموعة القصصيّة عن قصد، لأنّها الكلمة التي استخدمها الرّازي، وذلك كي أبيِّنَ مدى انفتاح المسلمين في العصر العبّاسي على الحضارات الأخرى وتبنِّيهم لألفاظ أجنبيّة في لغتهم التي يكتبون بها دون حرَج ودون تعصّب أعمى للغة العربيّة، بل تعاملوا معها ككائن حيّ ينمو ويتطوّر ويتأثّر ويؤثِّر، وهذا سبب نجاحهم وعلّة إخفاقنا كعرب في أيّامنا.
القاسم المشترك بين مجموعتي هذه ومجموعتي القصصيّة الأولى “طواف – خربشات قصصيّة بحجم راحة اليد” (2017) أنّ شخوص حكاياتي من عالمنا اليوميّ، ومشاكلهم تنبع من مجتمعهم الذي يعيشون فيه، لأنّ الإنسان لا يستطيع أن ينعزل عن محيطه وبيئته ومشاكل شعبه، ولا عن مشاكلِ الكون. هي حكاياتُ أناسٍ مهمّشين مسحوقين.. لكلّ واحد منهم حلمٌ يريد أن يحقّقه فيُقهَر لأيّ سبب من الأسباب. هكذا يمتزج القهر والانهزام الفرديّ بالمجتمع السياسيّ الذي نحيا فيه، كما يتداخل الأخلاقيّ والديني والأسطوريّ بأشكال التربية في مدارسنا وبالمنظومة الفكريّة المسيطرة، وبعدوانيّة بعض البشر.
القصص في مجموعتي الأولى قصيرة جدّا، وُلِدَت تلبية لنبض الحياة المعاصرة التي تستعجل الأمور ولا تحتمل طول الكلام، خاصة إذا كان فضفاضًا دون عُمق، جميلا بانسيابيّة اللغة لكن دون مضمون فكريّ يهزّك ويستفزّ فكرَك. أغلب قصصي في المجموعة الثانية جاءت أطولَ وأكثرَ تعقيدا وتركيبا. هناك قصص مركّبة من أكثر من مشهد، لكنّ المشهد أحيانا قد يشكِّل وحدة قصصيّة بذاته، أمّا إضافته فتأتي لتُغني المشهد السّابق، وقد يغيِّر تأثّرك الأوليّ به.
للحبّ مكانٌ في قصصي كما للسياسة وللدين وللتاريخ وللفلسفة من خلال قضايا تؤرّقنا وتوجعنا.
تختلف أجيال الشخصيات وتتنوّع أعمارها في القصص، فأبيِّن، على سبيل المثال، علاقة الحفيدة بجدّتها وجدّها في قصّة “قمريّة”، كما أبيّن في القصّة ذاتها أذى النساء في المجتمع العربي لبعضهنّ البعض. وقد تأتي الحكمة والتمرّد الصّادق من خلال طفل في عمر التسع سنوات كما في قصّة “تخيّلات طفل”.
أمّا عن معاناة المرأة في مجتمع ذكوريّ فلها نصيب وافر في قصصي بأسلوب السخرية اللاذعة الموجِعَة، كما في قصّة “مملكة المرأة”، وقصّة “صمت”، وقصّة “عقاب”، كما أتناولها فلسفيّا في قصّة “جلسة أرواح”.
المشكلة الفلسطينيّة والعلاقة بين العربيّ واليهوديّ أتناولها بشكل مقنَّع أحيانا وبشكل صريح في أحيان أخرى، كما في قصّة “مياو… مياو”، وقصّة “عنترة البيروتي يبحث عن حبيبته في حيفا”، وقصّة “أنفوزيا في شرايين الوطن” وقصّة “سفر”.
لا يمكن في مجموعتي القصصيّة الأولى (طواف) ولا في مجموعتي القصصيّة الثانية (ميلانخوليا الوجود) فصل السّياسيّ عن الاجتماعيّ أو فصل الفرديّ عن العام. ولكنني لا أستخدم الشعارات الطنّانة عندما أتناول السّياسيّ، لأنّني أومن بأنّ البساطة واللفتة الذكيّة وسيلة للوصول إلى قلب القارئ وعقله بشكل أسرع وأشدّ تأثيرا. لذلك قد لا ينتبه بعض القرّاء لهَوْل ما أصابنا في حال اكتفَوا بقراءة سريعة غير متأنية لحكاياتي.
كتب الدكتور رياض كامل مقدّمة لمجموعتي هذه جاء فيها:
“تبني كلارا قصّتها بشكل مُحكَم بحيث تلجأ إلى الصّدمة الأولى مع بداية السّرد، أو منذ العنوان، ثمّ تعرض “الحكاية” ليمتزجَ الواقعُ باللاواقع والمعقولُ باللامعقول، فتأتي النهايةُ سريعةً لتكتملَ اللعبةُ الفنيّة ولتُخلخلَ ما اعتدنا عليه، علّنا نُعيدُ البناءَ من جديد ونبحثُ عن ذاتٍ أخرى قادرةٍ على المواجهة في خضمّ هذه التناقضات” (ص. 15).
آمل أن تعجبكم قصصي وسأكون سعيدة في حال عبّرتم عن رأيكم الصّريح بها من خلال رسالة ترسلونها إلى عنوان بريدي الألكتروني المسجَّل في الصفحة الأخيرة من الكتاب.
أخيرا أشكركم على حضوركم كما أشكر الصّديق الأستاذ صالح عبّاسي على إصداره لهاتين المجموعتين من القصص، فهو يعمل بدأب ونشاط وحيويّة على إثراء مكتبتنا العربيّة وإيصالها للعالم العربيّ الواسع.
وشكرا لاستماعكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *