عوامل مهمة في التربية بقلم: الشيخ رشاد أبو الهيحاء، إمام مسجد الجرينة – حيفا

مراسل حيفا نت | 31/01/2025

عوامل مهمة في التربية  

يتذمر بعض الأهل من تحديات جسام في تربية الجيل المعاصر الى حد أن منهم من تمنى لو أن الله جل في علاه لم يرزقه بالأولاد من سوء اخلاقهم , نسمع ذلك بشكل دائم ومستمر مما يفرض علينا التوجيه وفق رؤيتنا للتربية السليمة وقد يغفل البعض أن التربية تبدأ من اختيار الأزواج  لذا قال رسول الله ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه , إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) وقال ( تنكح المرأة لأربع : لمالها , ولحسبها , ولجمالها , ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك )  فالاختيار على أساس الخلق والدين ينمي هذه الجوانب في الأبناء لأن كثيرا من الأخلاق تكون مكتسبة من البيئة والطفل الذي ينشئ في بيئة سليمة يشب على ذلك فالطفل الذي يتربى على أن الله موجود وأنه يرى اعمال العباد , ويجد من يحثه على الخلق الحسن والمبادرة الى فعل الخيرات وترك المنكرات  وأن هناك جنة عرضها السماوات اعدها الله للمتقين لا بد أن يختم هذا التوجه في وجدانه فيبتعد عن الشر لأنه يعظم حرمات الله وعرف الحلال فأخذ منه وعرف الحرام فهرب منه  ومن مسئولية الآباء تعليم أبنائهم الحلال وتشجيعهم  على الأخذ منه قدر الحاجة وتعريفهم بالحرام ومنعهم من الوصول اليه وهذا يحتاج الى تربية وتعليم فكما يجب علينا تعليم أبنائنا الرياضيات والفيزياء والكيمياء وباقي العلوم علينا أن نعلمهم أمور دينهم وعقيدتهم دون تعصب ومغالاة ومن المؤسف أن من شبابنا من يتسرب من المدارس فلا علم شرعي عرف ولا علم آخر تحصل عليه وهذا أمر خطير اعتبره الرسول من علامات الساعة قال رسول الله ( من أشراط الساعة : أن يظهر الجهل , ويقل العلم , ويظهر الزنا , وتشرب الخمر ) والأدهى أن من الأهل من يرى ابنه على المعاصي فلا ينهاه وإن كانت أعظم هدية يقدمها الأب او المربي لأبنائه الخلق الحسن قال رسول الله ( ما نحل والد ولدا افضل من أدب حسن ) والنبي يقول ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) وأحق الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم الأبناء والأهل حتى ينقذهم من النار وفتن الدنيا قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) فإن لم يؤمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فستمر بهم الأيام فتصبح المنكرات عندهم واقع يصعب تغييره  وخاصة أن الدنيا فتحت أبوابها فمن الأبناء من يجتهد على لقمة الحلال وكثير منهم لا يكترث من أين يجمع ماله فالمهم أن يمتع نفسه بشهوات الدنيا ولو من الحرام فيكون ذلك مفتاح لأبواب الشر في المجتمع وهذا الواقع يشهد على توجه البعض فإذا فتحت أبواب الشر عم الفساد وتم الهلاك  لذا لا بد للمربي أن يبين هذه الحقيقة التي أشار اليها القرآن قال تعالى ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) ويكون الدافع الى حب الشهوات والترف الزائد تعلق القلوب بالدنيا وانشغالها عن الآخر قال تعالى ( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ) فلا يكترث لو هبط به توجهه الى اسفل مراتب الحياة لأنه أصبح عبد لشهواته وملذاته وتجرد من عبوديته لخالقه فيتعس هو ومن حوله من أهل وخلان والنبي قال ( تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة , إن أعطي رضي , وإن لم يعط لم يرض ) فيجب الإعتناء بالأولاد حتى يرتقوا الى اعلى مراتب الإيمان وأدناها وما تشعب عنها حتى يصبحوا شبابا متميزين تزينوا بخلق الحياء قال رسول الله ( الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة , أفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان ) ومعنى الحياء شعبة من الإيمان هو : أن الحياء هذا الخلق النفسي هو الدافع لكل الأعمال الصالحة لذا من أراد لإبنه أن يكون سيدا في قومه عليه أن يعزز فيه هذا الخلق ولما نقول الحياء لا نعني الخجل فالحياء يدفع الى عمل الخير والخجل يمنع ., ومن فقد خلق الحياء بإمكانه الخوض في جميع المنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن قال رسول الله ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) ويعين على ذلك وساوس شياطين الإنس والجن  الذين يوحون الى أتباعهم زخرف القول غروراليضلوهم عن جادة الصواب وبشكل تدريجي قال تعالى محذرا ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) وقال ( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرنا مبينا )  فمهمة الوالدين هي حماية أبنائهم من أن يقعوا فريسة لشياطين الإنس والجن ولذا يجب توجيه الأبناء الى الجانب الروحي حتى يتغلبوا على كل أسباب الفساد  وحتى لا يروا مثالهم الأعلى الغرب وما يحمل من مفاسد الأخلاق  والتي تعتبر شعارا للرقي عندهم  فمن فلذات أكبادنا من يرى بهؤلاء قدوات يقتدى بهم وخاصة لشعور بعضهم بالدون ونحن نؤكد قوله تعالى ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ونريد التمرد على ما قاله ابن خلدون ( إن المغلوب مولع أبدا بالإقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده , والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *