صرخة استغاثة من تحت جبل الديون: كيف تحوّلت أزمة مديحة إلى فرصة للخلاص – الجزء الثالث من سلسلة “قصة مديحة” بقلم إلياس شوفاني

مراسل حيفا نت | 08/09/2024

 

منتهزا الفرصة بينما مديحة تتأمل التحف الموضوعة بين الكتب على مكتبتي اختلست لحظة تلاشيها في الأشياء لأقف أمام النافذة لأتناول قطعة ثانية من كعكة أم أمير ألشهية مستمتعا لدرجة أنى بدأت أشعر أن كلي واحد مع الكون في نكهات الكريمة مع الأفق الذي يتلاشى في البحر والسماء اللذان توحدا في الغسق.
حتى قطعت مديحة هذا السكون، حين التفتت الي بنبرة يملئها التعجب، الياس ما هذا الكتاب: علم النفس الاقتصادي!؟ كيف لعلم النفس أن يكون اقتصادي؟
مديحة عزيزتي هذا كتاب شيق جدا من اصدار جامعة كامبريدج، أعدك اننا سوف نتطرق لاحقا الى موضوع سيكولوجيا ألتصرف ألاقتصادي، فالكثير من تصرفاتنا بالأموال لها علاقة بالنفسية.
ألياس أرجوك حدثني أكثر عن هذا الموضوع لأني أشعر أنن….
مديحة!
قاطعتها بنظرة ممزوجة بالتفهم والإصرار، بالتأكيد أعدك بذلك لكن ليس اليوم، ضعي الكتاب مكانه لنكمل من حيث توقفنا في تدبير خلاصك من الديون وتحسين خطتك المادية.
بنظرة خجولة مبتسمة قالت انت على حق، أسفه لنكمل.
لا داعي للتأسف عزيزتي، أما الان فسوف نتعلم قانونا جديدًا بغاية الأهمية في عالم إدارة الأموال يا مديحة، وهو ما تنصح به أهم أدبيات إدارة الأموال العالمية:
لا تشتري سيارة جديدة ما دمت لا تملك كامل سعرها! وواصلت إن ال 110 آلاف شيكل قرض السيارة برباء 14 % سنويا.. لتقاطعني مديحة قائلة أي 14 %?! هم أخبروني 1.1% فقط. ابتسمت وقلت لها لقد وقعت في فخ تسويقي يا مديحة، نعم 1.1 % في الشهر أي ما يعادل حوالي 14% سنويا. أنت ستردّين ال 110 آلاف بعد خمس سنوات من الان 150 ألفا. أي ستدفعين 40 ألفا ثمن هذا القرض. وحينها سيكون ثمن سيارتك التي تساوي اليوم 150 ألفا، بأقصى حال 80 ألفا. أي سوف تخسرين ما يقارب ال 110 آلاف شيكل.
لكن إذا عملت بحسب الخطّة فبدل أن تخسري هذا المبلغ الطائل فسيصبح في رصيدك 200 ألف بدل كل هذه الخسارة الضخمة. مديحة يجب أن تتخلصي من سيارتك هذه، التي عرض جارك أن يشتريها ب 150 ألفا وهذا سعر مثالي. ستسددين كل القرض ليبقى معك ما يقارب ال 40 ألفا وهذه كافية لشراء سيارة أبسط، وقد تكون أوفر في استهلاك الوقود بدل الجيب الذي “يبلع البنزين بلع”.
وكيف سوف يكون معي ما يقارب ال 200 ألفا بعد 5 سنين؟!

سؤال رائع!
بدل أن تسددي 2500 شيكل في الشهر، سوف تستثمرينها كل شهر، فهناك شركات استثمار موثوقة وصلت عوائدها إلى 45% وأكثر في آخر5 سنين. لنفرض أن استثمارك عاد بمردود 9% بالسنة، فستربحين حوالي 42 ألفا ليصبح رصيدك ما يقارب 200 ألفا بعد خمس سنين فقط. وهكذا سوف يتحول جبل ديونك خلال السنوات الخمس المقبلة إلى تلة ومن ثم سوف تتلاشى لتتحوّل إلى سهل وطريق مالي جديد. فهكذا وبحسب هذه الخطة سوف تحوّلين خسارة ما يقارب ال 120 ألف شيكل خلال 5 سنين إلى مكسب 200 ألف. والفرق بينهم 320 ألفا!
الياس أهذا سحر؟
لا يا مديحة انه العلم.. العلم قوة وسلاح! وهذه فقط مقدمة عالم علم إدارة الأموال أي ال Finance.
حدثني أكثر يا الياس ما هو هذا الاستثمار وما هو هذا “الفاينانس” وكيف إني لا أعرف شيئا عن هذا العالم.
مديحة ما رأيك أن نكتفي بهذا القدر اليوم، ما رأيك ان نكمل غدا؟
رائع. اتفقنا لنكمل غدا.

هذه المقالة هي الجزء الثالث لسلسلة مقالات مرتبطة نتناول فيها قضية الديون وإدارة الأموال عبر سرد قصة مديحة. في هذه السلسلة سوف نتناول موضوع الخروج من الديون، سيكولوجيا التصرف المادي وعلاقته بإدارة الأموال، أهمية التخطيط، ومصطلحات أساسية في الاقتصاد مثل سعر الفائدة والتضخم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *