احتفلت حيفا بنصر جبهتها في الانتخابات البلديّة حيث قطفت ثمار عملها وحصدت سنابلها الملأى، الخمسة آلاف وثلاثمائة وتسعين سنبلة، والتي قال فيها الشّاعر:
مَلأى السَّنَابِل تَنْحَنِي بِتَواضِع ٍ وَالفَارِغَاتُ رُؤُوسُهنَّ شَوَامِخُ
وجمعوها بهِمّةٍ ونشاطٍ وإباءٍ في غلال وافرة بعد أن أشرق فجر الحصاد ولفحت الجباه السُّمر شمس الأصيل وأنشد الحاصدون أنشودة الحصاد في يُمنٍ وبهاءٍ وهناءٍ:
أَنْشِدُوا لَحْنَ الحَصَادِ لَحْنَ يُمْنٍ وَهَنَاء
قَدْ تَعِبْنَا وَسَعَيْنَا وَزَرَعْنَا فَجَنَيْنَا
هَيَّا هَيَّا لِلْحَصَاد
انتهت الانتخابات البلديّة واحتفل بالنّصر الشّعبي لجبهتنا الغرّاء كلّ الرّفاق والمؤيّدين والنّاشطين قبل عدّة شهور، حيث أكتمل احتفالنا هذا بنصرٍ جديدٍ أحرزه حزبنا الشّيوعي بجبهته العزيزة المرفوعة والمدفوعة إلى العلياء دومًا، في العاشر من شهر شباط من هذا العام ألفين وتسعة، يوم الانتخابات للبرلمان حيث زاد عدد المصوّتين للجبهة، قطريًّا بعشرات الآلاف ومحلّيًّا في مدينة حيفا أيضًا ضاعفت الجبهة قوّتها وبالتّالي قوّتنا، وحصلنا على ضِعف الأصوات التي كانت في المرّة السّابقة لانتخابات الكنيست. ففي مدينتنا الحبيبة حصلت الجبهة على خمسة آلاف وخمس مئة وستة وثمانين صوتًا، حيث أدلوا بكلمتهم الواحدة وبثبات نَعَم للجبهة الديمقراطيّة للسّلام والمساواة، نَعَم للأخوّة العربيّة اليهوديّة، نَعَم لهذا النّهج الصّحيح والقويم ونِعْمَ الجبهة والمساواة والأخوّة والنّهج الصّحيح ونِعْم الرّفاق
الشّيوعيّون والجبهويّون وسُمْعتهم الطّيّبة. فأثبتت الجبهة للقاصي والدّاني وللمرّة التي لا تُحصى أنّها اليساريّة الوحيدة والحقيقيّة في حيفا والبلاد وأنّها الأقوى والأكبر والرّئيسة حيفاويًّا وقُطريًّا بين الجماهير العربيّة الفلسطينيّة في وطنهم.
لقد أَثلجت النتيجة صدر جميع الرّفاق والنّاشطين ومحبّي الحزب والجبهة وحرقت ببرد ذلك اليوم العاصف والقارص قلوب الذين راهنوا على سقوط حيفا في أيدي فئات أخرى كانت قد توعّدت لتكيل الصّاع صاعين للجبهة بعد أن خسرت خسارتها الفادحة في انتخابات البلديّة واتّهمتنا بإبرام الصّفقات مع أحزاب صهيونيّة فاعلة في البلد، فقد كانت النتيجة في ذلك اليوم الماطر والصَّاقع، وسط الزّوابع العاتية بردًا وسلامًا علينا ولطمةً حادّةً لمن سوّلت له نفسه أن يراهن على خسارة حزبنا الشّيوعي وجبهتنا في حيفا.
لا شكّ في أنّ هذا النّصر ألاقتراعي المُمَثّل بمضاعفة الجبهة لقوّتها في مدينة حيفا هو استفتاء شعبي محض وتحصيل ميداني ممتاز ومُحصّلة للعمل الدّؤوب الذي قام به رفاقنا وناشطونا الميدانيّون في الحزب والجبهة والشّبيبة ومندوبونا في بلديّة حيفا، أعضاء كتلة الجبهة في بلديّة حيفا وممثّلونا في البرلمان على مرّ العقود. لقد قام رفاقنا في حيفا، جميع الرّفاق من القاعدة إلى القيادة، بتوزيع حوالي سبعة آلاف نسخة الجبهة الانتخابيّة حال صدورها، كلّ أسبوع، وبشكل جماهيريٍّ واسع في الأحياء والبيوت عدا عن توزيع المناشير والاشتراك في كلّ نشاط جبهويّ جماهيريّ. لقد كانت الزّيارات البيتيّة مصدر قوّتنا لما وجدناه من حُسْنِ الحفاوة والوفادة وحُسْنِ الاستقبال والتّشجيع من جمهور المدينة المضيافة والكريمة بقولهم: إنتو الناس إللي بنشوفكو دايمًا ومش بس في موسم شهر المرحبا، منلاقيش أحسن منكو.
كذلك قام رفاق الشّبيبة الشّيوعيّة في حيفا عربًا ويهودًا بتوزيع نشرة نداء الجبهة
للشّباب في منطقة الهدار والكرمل باللغة العبريّة لابسين البلوزات الحمراء وشعار
الجبهة ومحاولين إقناع المارّة من الجمهور اليهودي أنّنا البديل لجميع القوائم، فإن أردتم يسارًا حقيقيًّا فعنوانكم الجبهة التي تَبني يسارًا جديدًا وإن أردتم سلامًا صادِقًا فطريق الجبهة هو السّبيل الوحيد للحلّ العادل والشّامل للقضيّة الفلسطينيّة وللصّراع العربي الإسرائيلي، وإن أردتم حقوق العمّال والفلاحين والموظّفين وباقي الشّغّيلة فطريق الجبهة بإيمانها القويّ بالعدالة الاجتماعيّة هو الحلّ.. وشَهِدَت على هذا الإقبال الحلقات البيتيّة الشّبابيّة لرفاقنا اليهود. أقولها بكلّ ثقة أنّنا استطعنا اختراق الشّارع اليهودي وعلينا تطوير آليّة العمل هناك وتوصيل كلمتنا الصّادقة من أجل تحسين صورتنا التي شوّهتها الدّعاية الصّهيونيّة وأرادت النّيل من عزيمتنا وبأسنا وأملنا وكأنّنا في كيس واحد مع باقي القوائم الفاعلة بين الجماهير العربيّة. نعم حزبنا ليس عربيًّا وكذلك جبهتنا، نحن حزب عربي يهودي وجبهة عربيّة يهوديّة يحملان خطابًا واحدًا في السّاحتين وبدون تأتأة ولا يتلوّن حين ينتقل من مكان لآخر.
في يوم الانتخابات قامت طواقم العمل الجماهيري باتّصالاتهم الهاتفية، الالكترونيّة والمباشرة حيث قام النّشطاء بزيارات النّاس في بيوتهم، من بيت إلى بيت، ومن حارة إلى أخرى لإخراجهم من بيوتهم وحثّهم على الذّهاب إلى صناديق الاقتراع رغم الطّقس الماطر والعاصف والتّصويت للجبهة.. تلك الجبهة بحزبها الشّيوعي الأساس الذي حمى لنا بقاءنا وبنى لنا مستقبلنا المُنير وسيستمرّ في بنائه من خلال جبهتنا الديمقراطيّة للسّلام والمساواة.
فهنيئًا لنا بنصرنا وهنيئًا لشعبَي بلادنا بهذا النّصر الكبير وليكن فاتحة لآفاق واسعة نتخطّى فيها حدود الأفق والمدى لتحقيق آمالنا وتطلّعاتنا من سلام عادل وشامل وعدالة اجتماعيّة. وهنيئًا لنا بجبهتنا، ناصرتنا، وهنيئًا لنا بحزبنا الشّيوعي ناصرنا وبوصلتنا الدّائمة.