مطانس فرح
تصوير: وائل عوض
چدعون ليڤي لصحيفة "حيفا":
"لم نُحسِن استعمال حرّيّة التعبير"!
* طاقم صحيفة «حيفا» (المحرر المسؤول راني عبّاس، مدير التحرير مطانس فرح، والمصوّر الفوتوچرافي وائل عوض) يشاركون في مؤتمر إيلات للصِّحافة والإعلام
* من الجائز أن يتمّ نشر أيّ معلومة أو صورة، تؤدّي إلى تعريض حياة سكّان الدولة إلى خطر
* الصِّحافة العربيّة المحلّيّة تعاني وضعًا مأساويًّا!
* حاييم هوروڤيتس: «حان الوقت للتغيير»
* سليمان الشافعي: «حتّى في الدول العربيّة لم نسمع بمثل هذا الطلب!»
بدعوة من نِقابة الصِّحافيّين في تل أبيب وتحت رعاية جامعة "بن غوريون" في النقب، وعلى مدار أربعة أيّام – بدءًا من يوم الأحد حتّى يوم الأربعاء من هذا الأسبوع (2011/12/4) -(2011/12/7) – عُقدت ندوات وحلقات نقاشيّة، للصِّحافيّين والإعلاميّين في مدينة إيلات، ضمن مؤتمر إيلات للصِّحافة والإعلام 2011، شارك فيه آلاف الصِّحافيّين والإعلاميّين – من الإعلام الإلكترونيّ والمرئيّ والمسموع والمقروء – بمشاركة أسماء لامعة وبارزة في الإعلام الإسرائيليّ، بالإضافة إلى وزراء ورؤساء مجالس محلّيّة وضيوف وأكاديميّين وحقوقيّين وباحثين. هذا وقد برز وجود للإعلام الدينيّ (الحريدي)، والإثيوبيّ، في حين لوحظ تغيّب الصِّحافة العربيّة القطريّة، ومواقع الـ"إنترنت" البارزة.
على مدار أربعة أيّام متتالية، عُقدت ندوات مختلفة وحلقات نقاشيّة عديدة، تضمّنت أمورًا عدّة. وقد سيطر موضوع الرقابة والإعلام، وحرّيّة التعبير عن الرأي، على ندوات المؤتمر. حيث عُقدت ندوات مثيرة وهامّة، كما دارت نقاشات حامية الوطيس في خصوص الشأن ذاته.
رقابة.. حرّيّة تعبير.. قذف وتشهير!
ومن بين الندوات والحلقات الهامّة، والّتي لاقت إقبالًا كبيرًا، أذكر:
"الرقابة والإعلام" – أدار الندوة ألون بن داڤيد (القناة العاشرة)، وشارك فيها: عضو الكنيست متان ڤلنائي (وزير الجبهة الداخليّة)، روني دانيئيل (قسم الأخبار – القناة الثانية)، كرميلا منشيه (صوت إسرائيل)، العميد سيما ڤاكنين – چيل (الرقابة المركَزيّة)، موشيه شلونسكي (كلّيّة "عيمق يزراعئيل")، العميد پولي مردخاي (الناطق بلسان الجيش الإسرائيليّ)، حاييم ياڤين، والپروفسور يحيئيل ليمور (جامعة تل أبيب).
"عندما تلتقى الكنيست مع حرّيّة التعبير» – كلمة الافتتاح كانت للقاضية المتقاعدة دالية دورنر، أدار الندوة عميت سيچل (القناة الثانية)، وشارك فيها: عضو الكنيست يريڤ لڤين، عضو الكنيست نحمان شاي، أوفير پينس، بن درور يميني ("معاريڤ")، ميكي روزنطال (القناة العاشرة)، تامي راڤا (رئيسة مجلس القناة الثانية)، رونين شوڤل («إم ترتسو»)، ود. يوڤال كرنيال (المركَز المتعدّد المجالات («بن تحومي»)).
"يسار – يمين، مَن المنتصر؟" – أدارت الندوة رينا متسلياح (قسم الأخبار – القناة الثانية)، وشارك فيها: رون نحمان (رئيس بلديّة أريئيل)، يوسي ليڤي (مستشار إعلاميّ)، دالية زاليكوڤيتش (سلطة البثّ الثانية)، عضو الكنيست دانيئيل بن سيمون، چدعون ليڤي ("هآرتس")، ود. موطي نايچر (كلّيّة نتانيا). وقد تغيّبت عن الندوة عايدة توما – سليمان (رئيسة تحرير صحيفة "الاتّحاد" اليوميّة).
"هل ماتت الواقعيّة (أوبيكتيڤيوت)؟" – أدار الندوة چادي سوكنيك (القناة الثانية)، وشارك فيها: حاييم ياڤين، چدعون ليڤي ("هآرتس")، د. إيلان إڤيشار (رئيس مجلس سلطة البثّ الثانية)، د. درور إيدر ("يسرائيل هيوم")، حيليك سرير (قسم الأخبار – القناة الثانية)، بامبي شيلچ (|إيرتس أحرت")، د. تسڤي رايخ (جامعة تل- أبيب).
"الشرطة والإعلام" – كانت كلمة الافتتاح للفريق يوحنان دانينو (المفتّش العامّ للشرطة)، أدار الندوة داني كوشمارو (قسم الأخبار – القناة الثانية)، وشارك فيها: العميد ألون ليڤاڤي (الناطق بلسان شرطة إسرائيل)، موشيه نوسباوم (قسم الأخبار – القناة الثانية)، إيتسيك سبان ("يسرائيل هيوم")، المحامي ساسي چاز، باروخ قرا (قسم الأخبار – القناة العاشرة)، ود. باروخ لشم (كلّيّة سپير).
هذا وعقدت ندوات أخرى عديدة عن الـ«إنترنت» والراديو والرياضة والاقتصاد والإعلام المتدّين وغيرها العديد.
أين «العصابات اليساريّة»؟!
وفي حديث لصحيفة "حيفا" مع أحد الصِّحافيّين اليساريّين البارزين في الإعلام الإسرائيليّ، چدعون ليڤي ("هآرتس")، وعن تقييمه للمؤتمر، قال: "بدايةً، من المبكّر في اليوم الثاني من المؤتمر تقييم المؤتمر؛ لكنّنا نعي ونعرف ماهيّة هذه المؤتمرات، فهي تعكس ما يحدث في الواقع، تعكس ما يفكّر فيه الجمهور غالبًا، فالصِّحافيّون ناطقون بلسانهم. ألحظ أنّ المشاركين هم أحاديّو الجانب، بمعنى أنّهم ينقلون آراء الشعب اليمينيّة – حتّى اليمينيّة المتطرّفة – ويدّعون، كاذبين، أنّ هناك «مافيا (عصابة) يساريّة» تسيطر على وسائل الإعلام العبريّة بأشكالها المختلفة». وأضاف متسائلًا: «كيف ذلك، ولم تكن هناك آراء وأفكار يساريّة حقيقيّة وفعليّة في صحفنا العبريّة؟!".
وفي ردّ على استفساري حول مشاركة قويّة للصِّحافة الدينيّة والمتزمّتة والصِّحافة المحلّيّة المبنيّة على أساس عرقيّ، أيضًا، كالإعلام الإثيوبيّ، والذي يُعرِب ممثّلوه – رغم حضورهم بقوّة – في حديث معهم، عن أنّهم يعانون تمييزًا كبيرًا في هذا المجال، ومشاركتهم لم تكن ملموسة على قدر كافٍ، وجاءت على حساب اليمين؛ أجاب ليڤي متسائلًا: "أين اليسار في إسرائيل؟!".
مضيفًا: "للأسف الشديد ليس هناك يسار حقيقيّ في إسرائيل!! لا لدى الشعب ولا في الصِّحافة والإعلام.. ومع ذلك ينشرون أكاذيبهم عن وجود وسيطرة "المافيات (العصابات) اليساريّة" على الإعلام الإسرائيليّ، كنت أرجو ذلك فعلّا، لكنّنا – للأسف – نفتقد الــ«مافيا» اليساريّة! وفي المقابل فإنّ الأفكار والبرامج اليمينيّة واليمينيّة المتطرّفة هي الّتي تسيطر على الإعلام".
وعن فرض تقييدات على حرّيّة التعبير والإعلام ومحاولة سنّ قانون القذف والتشهير، قال ليڤي: "لا أرى أنّ هناك مشكلة في فرض تقييدات على حرّيّة التعبير!! المشكلة الأكبر هي الرقابة الذاتيّة التي نفرضها على أنفسنا، نحن – الصِّحافيّين. نعم هناك خطر يحدق بحرّيّة التعبير، ولكن ماذا جلبت لنا حرّيّة التعبير؟!
لم ننجح في استغلالها كما يجب! فبدل أن نستغلّ حرّيّة التعبير بشكل إيجابيّ لفضح أمور عديدة وإجراء تحقيقات واسعة وكشف المستور، استخدمناها في خدمة السلطة والدولة والجيش. والآن، نرى أنّ الجميع "يبكي" (ينعى) حرّيّة التعبير، لقد كنّا نملك حرّيّة تعبير، ولم نفعل بها شيئًا! لمَ لم يستغلّها الإعلاميّون بشكل صحيح لخدمتهم، بدل استغلالها لخدمة المؤسّسات الحكوميّة؟!".
نفحص كلّ صحيفة..!وعن الرقابة العسكريّة على الصحف، وتشديدها على الصحف العربيّة خصوصًا، قال الرائد أڤيحاي أدرعي (رئيس قسم الإعلام العربيّ، الناطق بلسان الجيش الإسرائيليّ) لصحيفة "حيفا": "يُرسل إلى الرقابة العسكريّة كلّ خبر يتعلّق بالجيش أو بالأمن والّذي قد تؤدّي إمكانيّة نشره – بصورة أو بأخرى – إلى تشكيل خطورة على دولة إسرائيل".
وأكمل قائلًا: "من غير الجائز أن يتمّ نشر أيّ معلومة أو صورة تؤدّي إلى تعريض حياة سكّان الدولة إلى خطر، أو إلى تشكيل خطر فعليّ على دولة إسرائيل، وخصوصًا من الناحية العسكريّة والأمنيّة! لذا نقوم بالرقابة والفحص. نحن لا تهمّنا الأخبار الاجتماعيّة أو الثقافيّة أو الاقتصاديّة مثلًا، ومواضيع داخليّة محلّيّة أخرى. ورغم ذلك، نفحص كلّ صحيفة جديدة تصدر، في البداية، مدّةً ما؛ لكي نراقب سياسة الصحيفة، ونوع المواضيع التي تطرحها وتعالجها، ومعرفة أصحاب الصحيفة والعاملين فيها بشكل عامّ".
وبالنسبة إلى المقالات المنشورة والّتي تعبّر عن آراء الكاتب، قال: "لا نمنع نشر أيّ مقال يعبّر عن رأي الكاتب حتّى إذا كان يساريًّا «متطرّفًا»، ولكنّنا نهتمّ بعدم نشر أيّ معلومة أمنيّة أو عسكريّة ضمن المقال الذي يمكنه أن يصل إلى أيادٍ خارجيّة تستغلّه بشكل هادف لتشكيل ضغط أو خطر على دولة إسرائيل. وغالبًا، فالصحف المحلّيّة تختلف عن القطريّة بمضمونها، وخصوصًا الاجتماعيّة – التربويّة منها".
الصِّحافة العربيّة في وضع متردٍّ!
في اليوم الثاني من المؤتمر عُقدت ندوة بعُنوان "الصِّحافة العربيّة"، أدارها الإعلاميّ البارز زهير بهلول، وشارك فيها: سليمان الشافعي (القناة الثانية)، جوزيف أطرش (مدير عام التلفزيون العربيّ الجديد "هلا")، مناحيم هوروڤيتس (القناة الثانية)، الإعلاميّة مقبولة نصّار (إذاعة "الشمس")، والپروفِسور زاكي شالوم (جامعة "بن غوريون" – النقب).
كان من المتوقّع – وحسَب العُنوان – أن تدور الندوة حول المشاكل التي تعانيها الصِّحافة العربيّة، وكيفيّة إيجاد الحلول الملائمة، وطرح مواضيع مناسبة وشائكة على صفحات صحفنا، والنهوض بالصِّحافة إلى مستوًى أفضل؛ لكن – وللأسف الشديد – أخذت هذه الندوة منحًى آخر، حيث تركّزت بغالبيّتها العظمى في دور التلفزيون العربيّ الجديد الذي لم يرَ النور بعد!! وطرحه المستقبليّ!!! وفي دور إذاعة «الشمس» والمواضيع الّتي تطرحها!! وقد تذمّر بعض الحاضرين من كيفيّة طرح الموضوع؛ وأذكر أنّه حضر عدد قليل نسبيًّا من العرب في هذه الندوة!!
ورغم ذلك، تمّت مناقشة موضوع تهميش الصِّحافة العربيّة، وإظهار العربيّ في الصِّحافة العبريّة – غالبًا – بشكل سلبيّ؛ وأكّد المشاركون على أنّ الصِّحافة العبريّة والإعلام العبريّ لا يهتمّان بأمور المواطن العربيّ، والجمهور العربيّ لا يثير اهتمام المشاهد اليهوديّ، فالتمييز على أرض الواقع بين المواطنين اليهود والعرب، ينعكس، أيضًا، في وسائل الإعلام العبريّة.
وأكّد الجميع على أنّ الصِّحافة والإعلام العربيّين يعانيان اضمحلالاً ووضعًا مأساويًّا، وحالة تراجع وتردّيًا؛ حيث يكثر، مؤخّرًا، «صحافيّو» الـ«إنترنت» الّذين بالكاد بمقدورهم كتابة بضعة أسطر فيغرقون المواقع بالصور.. وهذه ليست صِحافة! وليس هذا هو نوع الإعلام الذي نريده كإعلامييّن وصِحافيّين ومثقّفين. وطرحت خلال الندوة أسئلة عدّة، ودارت نقاشات مختلفة.
على الجمهور العربيّ أن يطلب أكثر
وفي حديث مع صحيفة "حيفا"، قال مناحيم هوروڤيتس، القيّم على ندوة "الصِّحافة العربيّة": "لقد كانت الندوة مثيرة نوعًا ما. تمّ طرح ومناقشة مواضيع مهمّة ومثيرة تجب دراستها. أعتقد أنّ الجمهور العربيّ عليه أن يطلب أكثر من الإعلام العبريّ بشكل عامّ، ومن الصِّحافة العبريّة بشكل خاصّ، وأن يعمل على نشر المواضيع الّتي تهمّ الجمهور العربيّ على صفحات الصحف العبريّة، أيضًا".
وأضاف: "مليون و300 ألف عربيّ في البلاد لهم تأثير كبير، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وفكريًّا؛ لذا فهم يشكّلون قوّة استهلاكيّة كبيرة جدًّا، فعليهم استغلال هذه "القوّة"والعمل على التأثير في الإعلام العبريّ والمشاركة للحصول على الحيّز المناسب على صفحات الصحف العبريّة، يجب عدم الاعتماد على الصحف العربيّة فقط، يجب «دخول» (اقتحام) الصحف العبريّة، أيضًا، لهدف الوصول إلى الجمهور اليهوديّ؛ فقد حان الوقت لتغيير سياسة التهميش".
الصِّحافيّون يطالبون بتوسيع صلاحيّات الرقيب العسكريّ!
أمّا سليمان الشافعي (مراسل القناة الثانية) فحدّثنا عن تعاونه مع التلفزيون العربيّ الجديد "هلا"، وأكّد أنّه كان قد وقّع اتّفاقًا قبل نحو عام للعمل ضمن التلفزيون العربيّ الجديد، ويأتي ضمّه في محاولة لإنشاء قسم أخبار خاصّ بالتلفزيون الجديد. ولكن بما أن الأمر يتعلّق بالعرب، فكالعادة – القرارات تأخذ مدّة أطول كي تنفّذ!
وعن توسيع صلاحيّات الرقابة وفرضها على الصِّحافة، قال الشافعي: "من المذهل أنّ الإعلاميّين والصِّحافيّين يطالبون بتدخّل أكبر للرقابة العسكريّة، وبفرض قيود أوسع على الإعلام. الشعب يريد الرقابة، والصِّحافيّون يطالبون بتوسيع صلاحيّات الرقيب العسكريّ! سنواجه عهدًا جديدًا.
في الشام أو في أيّ دولة عربيّة أخرى لم تسمع بمثل هذا الطلب!! على ما يبدو، الصِّحافة اليمينيّة والمتطرّفة تسيطران على الجميع، ومع قانون التشهير والقذف سيعودون بنا إلى الوراء!".
وأضاف: "حسَب الاستطلاعات الأخيرة، ما يقارب الـ 85% من مواطني الدولة يوافقون على توصيات الرقيب العسكريّ؛ والصِّحافيّون، مؤخّرًا، يطالبون بالموضوع ذاته. من المؤسف ونحن نعيش العولمة والانفتاح، أن تجد صِحافيّين إسرائيليّين مركَزيّين وذوي تأثير كبير يطالبون بتوسيع صلاحيّات الرقيب العسكريّ. مخجل ومؤسف.. فالهدف التضييق على عمل الصِّحافيين اليسارييّن القليلين المتبقّين"!