لمراسل خاص
* التأكيد على أهميّة مواصلة العمل في مجال رفع مكانة المعلّم والمدرسة *
* لفتة هامّة ستعزّز ثقة المعلّم بنفسه، وتدفعه إلى المزيد من العطاء *
لاحتفاليّة المعلّم العربي في حيفا صدى إيجابيّ، وبشكل خاص بين المربّين والقيادات التربويّة. وقد عبّرت هذه القيادات عن ترحيبها بالمبادرة، وتأييدها لمضامينها، وفي الاستعداد للعمل على الموضوع داخل المدارس مع الهيئات التدريسيّة والطلاب. هذا ناهيك عن النشاطات الخاصّة التي اعتمدتها كلّ مدرسة في مسألة التأكيد على مكانة المعلّم المربيّ، وأهميّة وظيفته في العمليّة التربويّة والاجتماعيّة على السواء.
أسبوع واحد يفصلنا تقريبًا عن هذا الحدث التربويّ بامتياز؛ مئات المربّين والمربّيات والضيوف من قيادات اجتماعيّة يلتقون في حدث هو الأوّل من نوعه، يوم الأربعاء القادم، في الثّلاثين من هذا الشهر لإعلاء شأن المعلّم/المربّي وتعزيز مكانته. في جمعيّة التطوير الاجتماعيّ (المُبادِرَة) وفي لجان أولياء الأمور ومجالس الطلبة، لم يتوقّعوا هذا الاهتمام وهذا الالتفاف الشعبي وهذا الدعم.
«يبدو أنّنا أصبنا موضعًا حساسًا، ووضعنا إصبعنا على قضيّة «حارقة». فالاتّصالات بنا تزداد يومًا بعد يوم، وجميعها تعبّر عن الرغبة في المشاركة، وتبارك خطوتنا وتثني عليها. هذا يغبطنا ويزيدنا تمسّكًا بأهدافنا، وأهمّها تعزيز مكانة المعلّم/المربيّ واستعادة هيبة المدرسة كمرجعيّة. ونأمل أن تكون الاحتفاليّة بداية لسيرورة عمل حول الموضوع» – يقول الأستاذ حسين إغبارية، مدير جمعيّة «التّطوير الاجتماعيّ».
مديرة المدرسة الأحمديّة، المربّية نسرين عودة قالت: «أرى بالاحتفاليّة مبادرة طيّبة، من شأنها أن تحسّن من وضعيّة المعلم وتعزّز نفسيته وتزيد من عطائه، كما تزيده شعورًا بالمسؤوليّة تجاه المهنة المقدّسة الّتي يمتهنها». وتابعت تقول في تقييم هذا الحدث: «الاحتفاليّة حدث مفرح، يعزّز من ثقة المعلم بذاته ويعكس تقدير الآخرين له، علمًا بأنّ رفع مكانة المعلّم تأتيه لجده واجتهاده وتطوّره الدائم، وفوزه بثقة طلّابه والمسؤولين في المدرسة والأهالي كذلك».
مديرة المدرسة الأحمديّة، المربّية نسرين
وأضافت المربّية عودة حول إسهام هذا الحدث في إعادة الهيبة للمدرسة ووظيفتها الاجتماعيّة، قائلة: «إنّ إعادة الهيبة للمدرسة سيحدث عندما تكون واعيةً لمسؤوليّاتها، وأن يعكس طاقمها التدريسيّ، بكفاءاته وعطائه، القيم التربويّة الّتي يحاول غرسها في نفوس طلّابه. هذا، إضافةً إلى وجوب تمكّن الطاقم من المواد الّتي يدرّسها، وهذا هو الأساس».
أمّا المربّي نبيل سمّور، عضو الإدارة القطريّة لنقابة المعلّمين، فقال عن الاحتفاليّة: «هذا حدث يُقام لأوّل مرّة على مستوى مدينة حيفا؛ إنّها خطوة هامّة في دعم التعليم، لا سيّما المعلّم/المربّي الّذي يعاني يوميًا، ويتعب في أدائه مهمّاته جرّاء تعامل غير منصف في كثير من الأحيان من البيئة الاجتماعيّة والمدرسيّة.
المربّي نبيل سمّور
لقد آن الأوان لإنصافه وإعطائه حقّه من التقدير والدعم من المجتمع ككل. آمل أن تتحوّل هذه المناسبة إلى تقليد سنويّ». وأضاف: «أتمنّى أن يكون لهذا الحدث ما بعده، وأن يتابع المجتمع بطرق مختلفة الاهتمام برفع مكانة المعلّم والمدرسة».
وعن ضرورة استعادة هيبة المدرسة وما تعنيه من وظيفة هامّة، وإدارة ومعلّمين، قال المربّي سمّور: «إعادة الهيبة للمدرسة والمعلّم هي من واجب المجتمع ككلّ. وهي مهمّة ضروريّة في الظروف التي نعيشها، لا سيّما مع تراجع سلطة المدرسة وسلطات المرجعيّات الأخرى، كالبيت والمعلّم».
المربّي عفيف شليوط (مدرسة «حوار» الرسميّة) قال: «مجرّد طرح مثل هذه الفكرة وتنظيم احتفال خاص بالمعلّم هو بمثابة إلقاء ضوء على المعلّم كإنسان صاحب رسالة، مكلّف بتصميم مستقبل المجتمع من خلال تربية أجياله وإكسابه سلّة من القيم والمعارف. أعتقد أنّ تكريم المعلم والاحتفاء به يساعد دون شك على تعزيز القيم، وتمكينه من القيام بدوره على أتمّ وجه».
وأضاف: «بالنسبة لي، الاحتفالية هي صوت المجتمع الذي يقول: يجب وقف التدهور نحو الهاوية، ويجب وقف العنف والتفرقة والتشتّت، وآن الآوان لاستعادة السيطرة والأصالة. وهو أمر ممكن من خلال تعزيز مكانة مَن يربّي ويعلّم، ولمن يُعطي لا لمن يَسرق، لمن يُضحّي لا لمن يستغلّ. الاحتفاليّة في رأيي نقطة ضوء، وبداية لتغيير شامل».
المربّي عفيف شليوط
وتابع شليوط: «لا شكّ في أنّ هذه الاحتفاليّة ستسهم في تعزيز مكانة المعلّم وإعادة هيبة مصطلح المدرسة والعملية التربويّة بشكل عام. علينا أن نتابع ما نبدأه هنا كي ننجح فعلًا في ذلك. وأقول للجمعيّة المبادرة، جمعيّة التطوير الاجتماعيّ، أن تنير شمعة خير من أن تلعن الظّلام، فدعونا ننير الشموع كلّ من موقعه، حتّى يعمّ النور في كل مكان نصله».
مدير مدرسة مار يوحنا الإنجيليّة الأسقفيّة، المربّي عزيز سمعان دعيم اعتبر الاحتفاليّة حدثًا هامًا وإيجابيًا فيه «تحيّة لمعلّم/ة، لمربّي/ة الأجيال نيابةً عن كلّ المجتمع. لفتة خاصّة ومميّزة يقول فيها المجتمع للمعلّم/ة ما معناه، نحن نقدّر تضحيتك ونثمّنها عاليًا. ندرك سموّ وعظم الرسالة الّتي تحملها ومسؤوليتك من خلال اهتمامك بتربية أولادنا وقادة المستقبل».
وفيما يتعلّق بمكانة المعلّم قال: «مكانة المعلّم/ة على مرّ العصور في أعلى المراتب وأسماها، والمجتمعات التي تدرك أهميّة التربية والتعليم، فهمت وأدركت الشأن العظيم لهذه الرسالة وقدّمت كلّ ما يلزم لتطويرها وصيانتها.
مكانة المعلّم الحقيقيّة ومكانة عمليّة التربية والتعليم، مكانة سامية ومميّزة، لا يوجد بديل لها يضمن تقدّم وتطوّر مجتمع إنسانيّ وحضاريّ، يسعى إلى مستقبل أفضل. يقول الكاتب والباحث العلميّ د. أچوسطو كوري في كتابه «أهالٍ رائعون، معلّمون بارعون» عن رسالة التعليم الّتي حملها الرّب يسوع المسيح: لم يحصل أبدًا أنّ رجلًا عظيمًا أخفض قامته إلى هذه الدرجة، بغية تحويل أناس صغار إلى رجال عُظماء».
مدير مدرسة مار يوحنا الإنجيليّة الأسقفيّة، المربّي عزيز سمعان دعيم
بالنسبة لإسهام الاحتفاليّة في تدعيم التعليم والمعلّم، قال دعيم: «إنّ مساندة الأهل لفريق المدرسة من شأنه أن يسهم في ردّ الاعتبار للمعلّم، ورفع مستوى هيبة المرجعيّة التربويّة الّتي تصبّ في مصلحة أولادنا. فلا تربية بدون حدود ودعم مجتمعيّ، مستحيل تمكين سلطة ومهابة المعلّم دون وجود وتمكين السلطة الوالديّة. علينا رفع مستوى مشاركة الأهالي من أجل تمكين رسالة المدرسة والتربية والتّعليم، إضافة لأهميّة النظر من جديد في مفهومنا للمدرسة والحاجة لتغييرات جذريّة نحو مدرسة عصريّة ملائمة أكثر لأبناء وشبّان القرن الواحد والعشرين».
ومن ناحيتها قالت المربّية أنيتا شحادة – سلامة، من مدرسة «عبد الرحمن الحاج»: «أعتقد كآخرين من الزملاء والزميلات، كنّا تبادلنا الحديث عن الاحتفاليّة، أنّ هناك حاجة ماسّة لمثل هذا النشاط ليعزّز من التعاون بين المجتمع والهيئات التدريسيّة. الاحتفاليّة لفتة طيّبة تجاه المعلّم وتردّ له الاعتبار وترفع من معنويّاته».
وعن مدى تأثير هذه الاحتفاليّة، قالت المربّية أنيتا: «التأثير واقع في حال تمّ مواصلة العمل والتعاون بين الهيئات التدريسيّة والأهالي والفعّاليات الاجتماعيّة. ومن هنا اعتقادي بضرورة تطوير خطّة عمل متكاملة للمرحلة المقبلة تُبقي الموضوع حيًا ومكانة المعلّم في الصدارة».
المربّية أنيتا شحادة – سلامة
وأضافت: «من شأن الاحتفاليّة أن تسهم في تعزيز مكانة المعلّم، أحد أضلع العمليّة التربويّة، الأمر الّذي ينعكس بشكل إيجابيّ على المدرسة وأجوائها، الّتي يُمكن أن تشهد علاقات هادئة وإنسانيّة، راقية ومتفهّمة بين مختلف أطراف العمليّة التربويّة. أنا كمربّية شبه أكيدة على أنّ العلاقات الحواريّة بين المدرسة والأهالي، تسهم في تحسين أداء الطلّاب وتحصيلهم، وتخلق أجواءً هادئة وآمنة تقلّل من الظواهر السلبيّة، كالعنف مثلًا».
نائب مديرة مدرسة «الأخوة» الرسميّة، المربّي ريمون ريناوي قال: «الاحتفاليّة حدث عظيم وتاريخيّ في حيفا. حتّى اليوم لم نشهد حدثًا بهذا الحجم يجمع بين المعلّمين كافة. أنا أعلّم منذ 15 عامًا، وحتّى اليوم، لا أعرف قسمًا كبيرًا من المعلّمين في حيفا. كلّي أمل أن تقرّب الاحتفاليّة المعلمين والهيئات التدريسيّة من بعضها».
وأضاف: «لا شكّ في أن شراكة الأطراف التي تُعنى بالتعليم وتعاونها، ستسهم في تعزيز مكانة المعلّم/المربّي والتعليم عامة. حصول هذا في الاحتفاليّة – ونتيجة لها – سيعيد للمدرسة هيبتها، وللمعلّم مكانته كمرجعيّة».
نائب مديرة مدرسة «الأخوة» الرسميّة، المربّي ريمون ريناوي