العناية الفائقة بالطفل تضره

مراسل حيفا نت | 01/10/2011

نبهت دراسة نفسية تشيكية حديثة إلى الأضرار التي يمكن أن تلحق بالأطفال من جراء إحاطتهم بالعناية المبالغ فيها من قبل أهاليهم لان ذلك يجعلهم يفقدون الصلة بالواقع الأمر الذي يصعب عليهم التأقلم مع الحياة ومواجهة التحديات التي ستواجههم في الكبر أو في المدارس والأماكن الأخرى التي لا يتواجد أهاليهم فيها إلى جانبهم كالرحلات المدرسية أو لدى الاضطرار إلى البقاء في المشافي.

شددت الطبيبة النفسية ييرجينا بريكوبوفا التي في دراستها على أهمية أن يمنح الأهل أطفالهم الفرص كي يتكيفوا مع الحياة الواقعية وان يعتمدوا وبشكل تدريجي على أنفسهم . وتوضح الطبيبة وجهة نظرها بالقول: من الصعب معرفة سبب بكاء الطفل الصغير غير أن هذا الأمر قد يكون في المحصلة النهائية جيدا لان الأم التي تتألم من هذا البكاء لو كانت تعرف السبب لعمدت فورا إلى إزالته والتالي منعت الطفل من أن يعيش الأزمة .

وتضيف أن الأم مثلا لو عرفت بان سبب البكاء هو أن ظهر الطفل يحكه لقامت فورا بذلك ولو عرفت أن سبب البكاء يعود لخوفه من صوت غريب لقامت فورا بحمايته من هذا الصوت مؤكدة أن الأمر هنا لا يتعلق بإزالة المسبب للبكاء وإنما جعله يواجه هذه العوامل والأسباب لكن بدعم من والدته هذا طبعا إذا كانت هذه الأسباب لا تمثل خطرا حقيقيا عليه لان الطفل يتوجب عليه أن يمتلك تجربة وان يعرف بان جميع الأشياء غير المسرة وجميع الأزمات يمكن تجاوزها.

وتؤكد أن الحكمة التي تقول "بان الضربة التي لا تقتلني تقويني" تنطبق أيضا وبقوة على الأطفال مشيرة إلى أن الأهل في النهاية مهما فعلوا فإنهم لا يمكن لهم أن يحموا الأطفال من جميع الأزمات التي يمكن أن يتعرضوا لها في حياتهم لأنه قد يحدث أن يمرض الطفل ويدخل المشفى وبالتالي عدم إمكانية تواجد الأهل معه بشكل دائم في المشفى أو في حال ذهابه في رحلة مدرسية ولذلك ترى الطبيبة بان من الأفضل إعداده بالشكل الذي يحسن التصرف في مختلف الأوضاع عندما يكون لوحده بدلا من فتح جميع الطرق وتعبيدها أمامه بحيث يجد إشكالات حقيقية لاحقا عندما يواجه أي مشكلة ولو كانت صغيرة .

وأشارت مثلا إلى تجربة طفلة في السادسة من عمرها جاءت إليها مع أهلها لمعالجتها نفسيا بعد أن واجهت مشكلة لم تتمكن من تجاوزها وهي أنها كانت وحيدة في العائلة ولم تتمكن من الانسجام مع رفاقها في المدرسة لأنها كانت معتادة على التواجد مع أمها دائما. وتضيف لقد واجهت الطفلة إشكالات الطفولة العادية ففي دار الحضانة قام أحدهم بسكب الشوربة على جدائلها فيما رشقها احد الأطفال أثناء اللعب بالرمل فيما تعرضت لعبتها إلى تمزيق ألبستها من جراء لعب الأطفال بها ككرة قدم وبالنظر لكون الطفلة لم تكن محضرة نفسيا لمثل هذه الإشكالات لأنها لم تلعب في السابق مع الأطفال بل كانت دائما مع والدتها فقد انهارت الطفلة وبدأت تعاني من إشكالات نفسية وأصبحت تخاف من الجميع في دار الحضانة.

وتشدد الدكتورة بريكوبوفا على أن التربية تعني أن نشير للأطفال على الطريق الذي يتوجب السير فيه وتحديد الخيارات والإمكانيات للسيطرة على المشاكل التي تواجههم وعلى مواجهة الأحداث التي لا تكون متوقعه مؤكدة انه ليس من مهام الأهل إزالة كافة العراقيل والمصاعب من طريق الأطفال وإنما تعليمهم استراتيجية حل الخلافات والمشاكل.

وبالتوافق مع رأي الطبيبة بريكوبوفا يقول الطبيب النفسي للأطفال ياروسلاف شتورما بان الوسط "المعقم" للطفل ليس أمرا جيدا له ولا حتى في مجال الخلافات بين الناس والأطفال. ويضيف بان الخلافات بين الأهل التي يتم خلالها قذف الصحون ليست أمرا جيدا بالنسبة لنمو الطفل النفسي غير أن الأمر بالمقابل ليس سيئا عندما يعرف الطفل انه حتى بين الناس المقربين من بعضهم يمكن أن تنشأ مشادات وسوء فهم بل على العكس من ذلك فان هذه الخلافات قد تكون ايجابية عندما يتم حلها عن طريق حلول الوسط وبشكل ايجابي واحترام متبادل لأنها تعلمه كيفيه حل المشاكل التي يواجهها.

ويختزل الدكتور شتورما تجربته العملية في هذا المجال بالقول أن الطفل يجب أن يمتلك الشعور بالأمان والحب وان يعرف بأنه يحظى بمحبة الأهل غير انه بالمقابل يجب أن يتم الأخذ بعين الاعتبار أثناء التربية بان الإنسان ليس كاملا وربما أن هذا الأمر جيد خاصة عندما يلمس بان أمه الحنونة تطير لسبب ما يدها وتقع عليه بسبب قيامه بأمور غير صحيحة لأنه بذلك لا يضع مطالب عالية على الأهل وفي نفس الوقت يتأقلم مع ظروف الحياة الواقعية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *