قصة سِوارُ وَالْقَمَرُ

مراسل حيفا نت | 27/06/2011

 

كانَتْ سِوَارُ تَلْعَبُ في سَاحَةِ الدَّارِ.
رَكَضَتْ وَرَكَضَتْ وَإِلى السَّماءِ نَظَرََََتْ.
عَثَرَتْ وَوَقَعَتْ. إِلى ماذا نَظَرَتْ؟

نَظَرَتْ إِلى الْقَمَرِ لحظاتٍ وَاحْتَارَتْ مِنْ تِلْكَ الْحَرَكاتِ. فَهْيَ تَرَاهُ ثابِتًا تارةً، وَتَراهُ يَمْشي تارةً أُخْرى.
يَقِفُ إِذا وَقَفَتْ، وَيَمْشي إِذا مَشَتْ.

قامَتْ سِوارُ، رَكَضَتْ، قَفَزَتْ، ضَحِكَتْ وَقَالَتْ: إِنْتَظِرْ!
إِنْتَظِرْنِي أَيُّها الْقَمَرُ! أُريدْ أَنْ أَلْعَبَ مَعَكَ وَأَنْ أَسابِقَكَ، إِنْتَظِرْ أَيُّها الْبَدْرُ الْمَنيرُ، إِنْتَظِرَني أَيُّها الْقَمَرُ الْكَبيرُ.

راحَتْ سِوارُ تَلْعَبُ في ساحَةِ الداَّرِ، تُسابِقُ الْقَمَرَ، وَيُسابِقُها.
وَأَكثَرُ ما أَسْعَدَها أَنَّهُ كانَ يُقَلِّدُها، فَإِذا وَقَفَتْ وَقَفَ في السَّماءِ، وإِذا رَكَضَتْ رَكَضَ بِلا إِعْياءٍ
رَاحَتْ تَخْتَبِئُ لَهُ وَرَاءَ الأَشْجارِ، ثُمَّ تُطِلُّ عَلَيْهِ، وَتُنْشِدُ أَحْلى الأَشْعارِ فَتَقَولُ:

لَوْ أَنَّنِي طَيَّارْ، لَوْ أَنَّنِي طَيَّارْ في السَّماءِ العَالِيَةِ أُلاعِبُ الأَقْمارْ أَعْرِفُ ما هو الْقَمَرُ؟
وَما هِيَ الأَنْوارْ وَأَعْرِفُ بِمَ تَعَلَّقَ الْبَدْرُ وَطارْ لَوْ أَنَّنِي طيَّارْ، لَوْ أَنَّنِي طَيارْ.

فَجْأَةً ظَهَرَتْ غَيْمَةٌ في السَّماءِ، غَيْمَةٌ سَوْداءُ، فَوَقَفَتْ سِوارُ تُراقِبُ اللِّقاءَ. وَرَأَتْ الْقَمَرُ يُلاحِقُ الْغَيْمَةَ الْكَبيرَةَ فَشَعَرَتْ بِشَيءٍ مِنَ الْغيرةِ وَقالَتْ:
ما هذا السِّباقُ في الفَلَقِ مَعْ مَنْ يَلْعَبُ هذا الْقَمَرُ
إِنَّهُ يُثيِرُ فِيَّ الْغَيْرَةَ وَالقَلَقَ.

بِسُرْعَةٍ ابْتَعَدَتْ الْغَيْمَةُ فَأَسْرَعَتْ سِوارُ تُتابِعُ الْمِشْوارَ. لَعِبَتْ، رَكَضَتْ، قَفَزَتْ، وَقَفَزَتْ وَإِلى السَّماءِ نَظَرَتْ ثُمَّ قالَتْ: غَلَبْتَني اللَّيْلَةَ أَيُّها الْقَمَرُ لَقَدْ تَعِبْتُ وَانتَهَى وَقْتُ السَّمَرَ. أُريدُ أَنْ أَدْخُلُ إِلى الْبَيْتِ لأَرْتاحَ وَأَنامَ. وَأَنْتَ أَلا تَتْعَبُ؟ أَلا تَرْتاحُ؟ أَيْنَ تَنامُ؟ في بيتِكَ الّذِي في السَّماءِ؟ إِلى اللِّقاء إِلى اللِّقاء.

وَفي كُلِّ لَيْلَةٍ كانَتْ سِوارُ تَلْعَبُ مَعَ الْقَمَرِ في ساحَةِ الدَّار.
تَرْكُضُ فَيَرْكُضُ. تَقِفُ فَيَقِفُ. فَتَنْظُرُ إِلَيْهِ وَتُنْشِدُ الأَشْعارَ:
لَوْ أَنَّنَي طَيَّارْ، لَوْ أَنَّنَي طَيَّارْ في السَّماءِ الْعاليةِ أُلاعِبُ الأَقْمارْ فَأَعْرِفُ ما هو الْقَمَرُ؟ وَما هِيَ الأَنْوارْ

وَأَعْرِفُ بِمَ تَعَلَّقَ الْبَدْرُ وَطارْ لَوْ أَنَّنَي طَيَّارْ، لَوْ أَنَّنَي طَيَّارْ.
يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، كانَتْ تُلاحِظُ سِوارُ أَنَّ الْقَمَرَ يَتَأَخَّرُ وَأَنَّ شَكْلَهُ يَتَغَيَّرُ.
بَعْدَ أَيَّامٍ خَرَجَتْ وَانْتَظَرَتِ الْقَمَرَ لكِنَّهُ لَمْ يَْهَرْ.

إِنْتَظَرَتْ وَانْتَظَرَتْ. فَرِحَتْ وَابْتَسَمَتْ ثُمَّ قَالَتْ: أَخيرًا أَيُّها الْقَمَرُ، تَغَلَّبْتُ عَلَيْكَ. لَقَدْ تَعِبْتَ مِنْ مُسابَقَتي. وَلَمْ تَقْدِرْ على مُلاحَقَتِي.
فَلَمْ تَخْرُجْ لِتُلاعِبَني ((ذَهَبَتْ إِلى النَّوْمِ سِراعًا وَلَمْ تَقُلْ لي وَداعًا.
رَكَضَتْ، فَقَفَزَتْ، ضَحِكَتْ، ثُمَّ أَنْشَدَتْ:

لَوْ أَنَّنِي طَيَّارْ، لَوْ أَنَّنِي طَيَّارْ في السَّماءِ الْعالِيَةِ أُلاعِبُ الأَقْمارْ فَأَعْرِفُ ما هو الْقَمَرْ؟ وَما هِيَ الأَنْوارْ وَأَعْرِفُ بِمَ تَعَلَّقَ الْبَدْرُ وَطارْ
لَوْ أَنَّنِي طَيَّارْ، لَوْ أََنَّنِي طَيَّارْ.

سلسلة((براعم الزيتون))/ أدب أطفال
تأليف: نبيهة راشد جبارين
رسم: سوسن الماجدي
الناشر: ((مكتبة كل شيء))
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *