مطانس فرح
أنا مَدين للصيدليّ هاني داود بحياة طفلتي، هذا ما قاله لصحيفة حيفا، ج. والد الطفلة الاسم الكامل محفوظ في مَلفّ التحرير، حفاظًا منّا على سرّيّة المعلومات الشخصيّة والطبيّة، الّتي كان من المفترض أن تحصل على عقّار، دواء) – حسَب وصفة طبيّة (روشيتّة -من طبيبة مناوِبة، كانت ستؤدّي إلى أعراض جانبيّة حادّة، أو ستتسبّب بأضرار جسيمة، أو أن تؤدّي حتّى إلى الوفاة!
تعود القصة إلى نحو أسبوعين، تقريبًا، حين اصطحب، ج. طفلته ابنة السنة ونصف السنة، إلى عيادة طبيب الأطفال، على خلفيّة إصابتها بڤيروس-جرثومة، ما أدّى إلى ارتفاع درجة حرارتها، وإلى تقيّؤها باستمرار.
بعد عودتنا من عيادة الطبيب وإعطاء الطفلة الدواء، لم يسعفها الأمر، واستمرت بالتقيّؤ. اتّصلنا بالطبيب مجدّدًا، مساء الجمُعة، فنصحنا بالذهاب إلى مركَز بيكور روفيه، حيث أكّد أنهم سيفحصون الحالة ويشخّصونها، وسيقرّرون ما إذا كانت الحالة تستدعي إرسالها إلى المستشفى- هذا ما قاله لنا والد الطفلة.
وأضاف: وصلنا إلى مركَز بيكور روفيه، فكانت في المناوبة الليليّة طبيبة روسيّة، متقدّمة في السنّ، سألتني عن وضع الطفلة، فقلت لها إنّها تتقيّأ ودرجة حرارتها مرتفعة.
فقامت بفحصها جيّدًا، ثمّ أعطتها ، حسَب وصفة طبيّة مُحَوْسَبة – فَتائل-تحاميل، على أن أعطيها للطفلة مرّتين في اليوم . فأخذت الوصفة الطبيّة وتوجّهت إلى عدّة صيدليّات، وضِمنَها شبكة صيدليّات كبيرة – ولحسن الحظّ لم أجد لديهم التحاميل المطلوبة.
وتابع حديثه، قائلًا: وصلت، أخيرًا، إلى صيدليّة هاني داود في شارع شبتاي ليڤي، وما إن قرأ الوصفة الطبيّة، سألني: لمن هذا الدواء التحاميل، فأجبته لطفلتي. فسألني، مستغربًا، عن عمرها، فأجبته: سنة ونصف السنة
فسألني ما إذا كنت متأكدًا من عمر طفلتي، فاستغربت بدوري.. فقال لي بشكل واضح، لا أعلم ماذا كان سيحدث لطفلتك لو أخذت هذا العقّار؟!
من المؤكّد أنّ الطبيبة قد ارتكبت خطأً فادحًا بكتابتها هذا النوع من الدواء لطفلة في هذه السنّ!! ونصحني بالتوجّه إلى الطبيبة فورًا، لتقوم بتغيير الوصفة الطبيّة!
واستطرد ج. متأثّرًا: عدت مهروِلًا إلى الطبيبة في مركَز بيكور روفيه، اسم الطبيبة محفوظ في مَلفّ التحرير، ولحظة مراجعتها الوصفة الطبيّة المُعطاة، صرخت: واو.. آسفة جدًّا، لقد أخطأت في كتابة الدواء، وقامت – على الفور – بشطب الدواء يدويًّا وكتابة آخر، بديلًا.
وتابع: لدى عودتي إلى صيدليّة هاني مع الوصفة الطبيّة الجديدة، قال لي :الدواء السابق الذي وصفته الطبيبة لا يلائم سنّ الطفلة، وكان من الممكن أن يؤدّي إلى أعراض خطيرة، فلو وجدت هذا الدواء في صيدليّة أخرى لحصل ما لا تُحمد عُقباه.
أشكر الصيدليّ هاني من أعماق قلبي، فلولا يقظتُه وفطنتُه وذكاؤه لكانت طفلتي – لا سمح الله – في عالم آخر. فهذا الدواء تابع إلى مجموعة من الأدويّة السامّة. أشكر الله على أن انتهى الأمر على ذلك.
واختتم ج. حديثة قائلًا: أنا بصدد رفع دعوى ضدّ الطبيبة التي لم تنتبه للوصفة التي كتبتها، والتي كادت تُودِي بطفلتي، تراها تتأسّف وتعترف بخطئها – وكأنّ شيئًا لم يكن – ولكنّ خطأها هذا كان سيكلّفني حياة ابنتي.. أنا مَدين لهاني مدى العمر!
وفي حديث هاتفيّ حول الموضوع مع الصيدليّ هاني داود، رئيس نقابة الصيادلة في منطقة حيفا والشِّمال للوسطين العربيّ واليهوديّ، قال: بدايةً، أشدّد على أنّ على كلّ صيدليّ أن يكون حذرًا وأن يستفسر عن هُويّة مَن أعطِي له الدواء، كما عليه أن يحذّر في حال كانت هناك أعراض جانبيّة، أو أن يَلفت انتباه المتوجّه إليه. في هذه الحالة – ولحسن حظ ج. – لم يجد الدواء في عدد من الصيدليّات؛ وللأسف، بعض الصيادلة لم يُعِر الأمر اهتمامًا، ولم يَلفت انتباهه هذا النوع من الدواء!
. وأضاف: عندما ناولني ج.) الوصفة الطبيّة (الروشيتّة ، ساورتني الشكوك، وقلت له إنّني غير مستعدّ أن أعطي هذا الدواء لطفلتك التي لم تتعدّ السنتين.
ولدى استفساري عن نوع الدواء، ما إذا كان سامًّا أم لا، أجاب داود: مبدئيًّا، جميع الأدوية سامّة، ولكن ما حدث أنّه كان يجب أن تحصل الطفلة على دواء ضدّ التقيّؤ، بينما قامت الطبيبة – بالخطأ – بإعطائها دواءً مسكّنًا يُستعمل لمعالجة التشنّجات في مِنطقة البطن، والمغص الشديد، أو يُعطى لمَن يعاني من وجود حصًى في الكِلى، أو حجارة في مجاري البول .. وهذا النوع من الأدوية تابع إلى مجموعة أدوية الـتوكسيكا السامّة، بل الأكثر سُمّيّة من بقيّة الأدوية، والتي لا تلائم حالة الطفلة، ولا عمرها!
وحول خطورة هذا الدواء وتأثيره على الطفلة، قال: لا شكّ أنّ إعطاءَها هذا النوع من الدواء كان سيؤدّي إلى أعراض جانبيّة، قد تكون خطيرة. ولكن ما أريد التأكيد والتشديد عليه، هو أنّ على الصيدليّ أن يحرص، دائمًا، على التمعّن والتأكّد من الوصفة المُعطاة، كما أنّ من واجبه التحذير عند الحاجة، فأخطاء عديدة قد تقع.
واختتم حديثه، قائلًا: في نهاية المطاف، يُعتبر الصيدليّ مِصْفاة أو غِربالًا، والحلْقة الأخيرة – لدى إعطائه الدواء – بين الطبيب والمريض، فتقع على عاتق هذا الصيدليّ مسؤوليّة كبيرة، فالطبيب قد يُخطئ، وهنا يأتي دور الصيدليّ، فعليه الحذر ثمّ الحذر والتحذير عند الضرورة.
هذا وألحِق ضمن الخبر صورة زنكوچرافيّة عن الوصفة الطبيّ. وقد قمت بتشويش بعض التفاصيل فيها، ضِمنَها اسم الطفلة المعالَجة، مكان السكن، اسم الطبيبة المناوِبة، واسم الدواء الأوّليّ الذي كتبته للطفلة. ويبدو، واضحًا، أنّ الطبيبة قامت بتغيير الدواء، بشطبها الأوّل وكتابة الثاني، يدويًّا لا بصورة محَوْسَبة.