أَنْهَى وَالِدِي يَوْمَ عَمَلِهِ فِي الْبِنَاءِ، وَعَادَ إِلى الْبَيْتِ فِي المَسَاء. وَبَعْدَ أنْ تَنَاوَلَتِ الْعَائِلَةُ طَعَامَ الْعَشَاء، فَجْأَةً! إِنقَطَعَ تَيَّارُ الْكَهْرُبَاء، فَأَشْعَلَتْ أُمِّي شَمْعَةً أُسْطُوانِيَّة كَبيرَه، وَوَضَعَتْهَا عَلَى طَاوِلَةٍ مُسْتَديرَه.
قُلْنَا لِوَالِدَيْنَا: مَا هَذا الظَّلام؟ وَكَيْفَ لاَ نُشاهِدُ بَرْنامِجَ التِّلْفازْ قَبْلَ أَنْ نَنَام؟
قَالَ أَبي: إِجْلِسُو حَوْلِي، أَنَا سَأَحْكِي لَكُمْ حِكَايَةً جَمِيلَة عَنْ أَلْعَابِنَا فِي الطُّفولَه.
جَلَسْنَا حَوْلَ أَبِينَا، فَحَكَى لَنَا حِكَايَةً تُسَلِّينَا، وقَالَ: إِجْتَمَعْنَا مَرَةً – نَحْنُ أًوْلاَدَ الحَارَة – لِنَلْعَبَ مَعًا، وَكُنْتُ أُحِبُّ مِهْنَةَ الْبِنَاء، فَقُلْتُ لأَصْدِقَائِي: تَعَالُوا نَلْعَبُ (لِبْيُوت). أَنَا بَنَّاءُ الْحَارَه، سَأَبْنِي لَكُمْ عَمَارَه.
فَقَالَ سَمَارَه: يَا بَنَّاء! سَتَبْني عَمَارَه، وَلَكِن مَنْ سَيُجَهِّزُهَا بِالْمَاءِ وَالْكَهْرُبَاء؟ وَمَنْ سَيَقْصُرُها؟ وَمَنْ سَيُبَلِّطُهَا؟ وَمَنْ سَيَدْهَنُها؟ وَمَنْ سَيُرَكِّبُ أَبَوابَهَا وَشَبَابِيكَها؟ أَنْتَ وَحْدَكَ؟ هَلْ تَسْتَطيعُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ سَمير: أَنَا سَأُرَكِّبُ الْمَوَاسِير، أَنَا مَوَاسِرْجِي.
فَقَالَ سَمير: أَنَا سَأُرَكِّبُ الْمَوَاسِير، أَنَا مَوَاسِرْجِي.
وَقَالَ ضِيَاء: أَنَا سَأُجَهِّزُ الْكَهْرُبَاء، أَنَا كَهْرَبْجِي.
وَقَالَ عَمَّار: أَنَا قَصَّار، أَنَا سَأَقْصُرُ الْعَمَارَه.
وَقَالَ خَطاَّط: أَنَا بَلاَّط، أَنَا سَأُبَلِّطُ الْعَمَارَه.
وَقَالَ بَشَّار: أَنَا نَجَّار، أَنَا سَأَصْنَعُ الأَبْوَابَ وَالْشَبَابِيك.
وَقَالَتْ بَانَه: أَنَا دَهَّانَه، أَنَا سَأَدْهَنُ الْعَمَارَه.
تَحَرَّكْنَا لِنُحَضَّرَ الْمَوَادَ الَّتِي سَنَشْتَغِلُ بِهَا، فَقَفَزَتْ يَارَا مِنْ بَيْنِنَا وَقَالَتْ: إِنْتَظِرُوا!! نَسِيتُمْ شَيْئاً مُهِمَّاً.
قُلْنَا:
مَا هُوَ؟
قَالَتْ:
تَذَكًّروا أَنْتُمْ!! عَدَّدْنَا وَقُلْنَا: أَلْبَاطونُ..؟ قَالَتْ: لاَ
أَلْحَديدُ..؟ لاَ
……؟ لاَ ……؟؟؟ لاَ
تَذَكَّرْنا وَتَذَكَّرْنَا…لَكِنَّنَا لَمْ نَعْرِفْ مَا هُوْ الْشَّيءُ الَّذِي نَسِينَاهُ.
مَا هُوَ؟
قَالَتْ:
تَذَكًّروا أَنْتُمْ!! عَدَّدْنَا وَقُلْنَا: أَلْبَاطونُ..؟ قَالَتْ: لاَ
أَلْحَديدُ..؟ لاَ
……؟ لاَ ……؟؟؟ لاَ
تَذَكَّرْنا وَتَذَكَّرْنَا…لَكِنَّنَا لَمْ نَعْرِفْ مَا هُوْ الْشَّيءُ الَّذِي نَسِينَاهُ.
فَضَحِكَتْ يَارَا، وَقَالَتْ وَهِيَ تُشِيرُ إِلَى نَفْسِهَا: قُولُوا لِي يَا أَصْدِقَائِي، كَيْفَ سَتَبْنُونَ عَمَارَة، قَبْلَ أَنْ تُهَنْدِسَهَا الْمُهَندِسَه يَارَا؟! فَضَحِكْنَا جَميعًا. وَفَجْأَةً! أَنَارَتِ الْكَهْرُبَاءُ أَنْحَاءَ الْبَيْتِ، فَقُلْنَا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: لَيْتَ تَيَّارَ الْكَهْرُبَاءِ يَنْقَطِعُ كُلَّ لَيْلَه، لِكَيْ نَسْمَعَ الْمَزِيدَ مِنَ الْحِكَايَاتِ الْجَمِيلَه.
سلسلة((براعم الزيتون))/ أدب أطفال
تأليف: نبيهة راشد جبارين
رسم: اليزابيث محاميد
الناشر: ((مكتبة كل شيء))