د. ميخال كوهين در: نصف المجتمع العربي في البلاد مدخنّ ويجب وضع حد لذلك!!
شاهين نصّار
في الـ31 من أيار يحل اليوم العالمي بدون تدخين. ولهذا الغرض، تقول د. ميخال كوهين دار – الطبيبة اللوائية في لواء الشمال في وزارة الصحة، أن الوزارة قررت المباشرة بفعاليات شهر بدون تدخين من مدينة الناصرة!
وتحدثنا د. كوهين دار عن المشروع الذي أطلقته الوزارة، بالقول: "قبل ثلاث سنين قررت إنشاء منتدى حماية الصحة، أنا كطبيبة لوائية مع مديري المستشفيات الثمانية في لواء الشمال (الانجليزي والفرنسي والنمساوي في الناصرة، بوريا في طبريا، زيف في صفد، مزرع في عكا، الجليل الغربي في نهاريا، وهعيمق في العفولة). في العام 2007 استدعيت جميع المسؤولين في صناديق المرضى وطرحت عليهم المبادرة لمشروع صحي لوائي، والجميع تحدث عن أنهم يرغبون برؤية اللواء بدون تدخين"!!
وتقول د. ميخال أنه عقدت بالتعاون مع رئيس بلدية كرميئيل في حينه – عادي الدار، حفل اطلاق لمشروع لواء بدون تدخين، قبل سنتين، والذي أجري في كرميئيل وحضره جميع رؤساء السلطات المحلية ومديرو المستشفيات وصناديق المرضى في اللواء، والذي نتج عنه طاقم عمل، والذي عمل على دراسة الأفكار التي طرحت لتنفيذ هذا المشروع بشكل فعلي على أرض الواقع، لتقديم توصياته. فتقول أنه هناك التقت شابا اقترح مشروعا فريدا يلائم تصوراتها للواء الشمال، ومن هناك بدأ العمل على المشروع. بحيث اتفق أن يبدأ تطبيق القانون في بلدين هما الناصرة وكرميئيل لفحص مدى نجاح المشروع، ومن ثم يتم تطبيقه في بقية المدن والسلطات المحلية والاقليمية في لواء الشمال.
هذا المشروع لمنع التدخين، يتم عبر ثلاث قنوات، الاولى التربية والمنع، التطبيق عبر السلطات المحلية، والانفطام من التدخين بمساعدة صناديق المرضى. وتشير الى أنه مع انطلاق المشروع أدخلت ورشات الانفطام من التدخين الى سلة الادوية وبالتالي باتت الدولة تشارك في تمويل هذا العلاج لمدمني التدخين!
وتؤكد د. ميخال أنه "ليكن واضحا أن تدخين السجائر أو الأرجيلة قد يصل لحد الإدمان، إدمان مثله مثل أي مخدرات أخرى، لا فرق بينهم!!! من يشارك في ورشات الانفطام من التدخين ترى أنه بحسب الأبحاث بعد حوالي نصف سنة الأغلبية تبلّغ أنها لا تدخن، بعد سنة ترى أن الأغلبية عادت لتدخّن (حوالي النصف)، وبعد بضع سنين ترى ان النسبة الفعلية لمن ترك التدخين كليا منخفضة جدا"!!!
وتطرح د. ميخال بدائل للتدخين، على سبيل المثال ممارسة الرياضة والنشاط الحركي، فتقول: "يدعي المدخنون أن السيجارة أو الأرجيلة تمنحهم الراحة وأنهم يستمتعون بها، ولكن بالامكان الاستمتاع بأساليب أخرى كممارسة الرياضة مثلا، فعند ممارسة الرياضة، الجسم يفرز الأندروفينات التي تمنحك هذا الشعور بالمتعة… حتى أنه بعد ممارسة الرياضة لا أشعر بالرغبة لتناول الطعام في العديد من الأحيان. هناك حلول، والنشاط الرياضي هو أحد هذه الحلول، ولا يدور الحديث عن الركض فحسب، وانما كل نشاط حركي كان، يفرز الجسم موادا تشعر بالحسن، لذلك لسنا بحاجة للسيجارة او الأرجيلة"!!
وتضيف د. ميخال في حديثها حول المشروع المذكور آنفا، أنه تقرر فحص نسب المدخنين، في مدينتي الناصرة وكرميئيل، ومقارنة النتائج مع شفاعمرو وأبو سنان، وطبريا والمجلس الإقليمي عيمق هياردين، اللاتي لم تشاركن في المشروع. وتم ذلك عبر تحويل نماذج أسئلة لموّظفي البلديات شتى، لمعرفة كم منهم يدخن ومن منهم يمارس الرياضة وما الى ذلك. وفيما بعد تم تحويل هذه النماذج لموظفي وزارة الصحة والمستشفيات وصناديق المرضى في هذه البلدات، ومن ثم تم توزيع النماذج نفسها الى مجمل السكان. وتقول أن ذلك كان مقاربا لفترة الانتخابات فكان استطلاع الرأي الهاتفي سهل جدا. كما تم تحويل النماذج ذاتها والتي يستخدم أيضا في وزارة الصحة قطريا لفحص نسب المدخنين في البلاد، الى الطلاب عامة والمعلمين. علما أن النموذج نفسه يستخدم عالميا.
أما النتائج فجاءت كما كان متوقعا، أن نسبة المدخنين العرب أعلى منها لدى اليهود في البلاد!! ففي حين كانت نسبة المدخنين من اليهود في البلاد عامة 23%، في لواء الشمال نسبة المدخنين اليهود كانت 23.4%. وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة المدخنين عامة (عربا ويهودا) في البلاد 27%، كانت النسبة في لواء الشمال 28%. أما عند التفرقة بين العرب واليهود، فتبين ان نسبة المدخنين في المجتمع العربي تصل الى النصف (حوالي 50%)، بينما بحسب تقرير وزير الصحة وصلت النسبة في المجتمع العربي الى 52%!!!
وتحدثنا د. كوهين دار، عن أهمية المشروع، والقسم الأول منه، وهو التعليم ومنع التدخين من الصغر، حيث تحدثت بافتخار عن النشاطات التي نظمها طلاب مدرستي بير الأمير ومي زيادة في الناصرة حول مضار التدخين ومنع التدخين. وشددت أن العمل مع مرشدين ومرشدات من قبل الخدمات النفسية، لتعليم المعلمين والمعلمات كيفية تمرير فكرة عدم التدخين ومضاره للأطفال والطلاب، وفيما بعد الطلاب أنفسهم.
وعندما سألتها عن عدم فاعلية هذه النشاطات، خصوصا وأني شاركت بجميع هذه الفعاليات كطالب في المدرسة الابتدائية وفيما بعد الثانوية، الا أنني أصبحت مدخنا بحد ذاتي عند الكبر!! فسألتها: "كل الفعاليات التي تنظمها في الصغر نحن ننسى في بعض الأحيان تأثير الضغط الاجتماعي على الشباب، وكون الشباب يتأثرون من زملائهم على مقاعد الدراسة، خصوصا وأن الأرجيلة على سبيل المثال هي لقاء اجتماعي يجمع الشباب والبشر حول أرجيلة، فيتجادلون ويتحدثون ويقضون وقتا ممتعا حول نفس الأرجيلة… فما العمل؟" فقالت د. ميخال: "المشروع ليس مجرد أسبوع صحة آخر، بل أنه مشروع للمدى البعيد، فنحن ندخل قضية عدم التدخين عبر الحصص التعليمية العادية، اللغة الانجليزية، العربية، العبرية، والنصوص المقروءة، او الرياضيات أو النشاط الرياضي. يتم تفعيل المشروع على طول السنة الدراسية وبكل النشاطات المدرسية!! فهذا أمر مختلف جدا عن الحديث عن موضوع معيّن لأسبوع والانتقال لموضوع آخر وخلّصنا"!!!
وتواصل حديثها: "المشروع يندمج في فعاليات كل السنة"!!!
وتقول أن "السؤال الذي يطرحه المشروع هو كيف تكسر دائرة التدخين"؟ وتضيف: "الأولاد يتمثلون من أهاليهم في العديد من الأحيان. ونحن نعمل في هذا المشروع على أن نكسر هذه الحلقة، ليس أن نقضي على علاقة الأهل بأولادهم، ولكن أن يطلب الولد من والده أو والدته عدم التدخين بالقرب منه، وبالتالي نقلل من مضار التدخين على الأولاد!! ان يقول الولد لوالديه: حافظوا على صحتكم، أريد أهلا لسنين طويلة!!".
وتؤكد د. ميخال أن التأثير الأكبر يبدأ من سن الطفولة، عندما يكون الطفل ما زال في الحضانة، فتقول: "عندما يطلب طفل بسن 5 سنين، من جده أو والده أو جدته عدم التدخين، فلا يمكن للجد أو الوالد أن يرفض له هذا الطلب!! مباشرة سيقوم برمي السيجارة أو الأرجيلة"! مشيرة الى أنه بدءا من العام المقبل سيبدأ تطبيق المشروع أيضا في الحضانات والأطفال، بالإضافة الى تفعيل المشروع في المدارس الابتدائية، آملة أن يتواصل أيضا في المدارس الإعدادية والثانوية مستقبلا.
وحول أساليب تطبيق القانون ومنع التدخين في الأماكن العامة، فتقول كوهين در أن مراقبي ومفتشي البلديات خاضوا دورة بهذا الموضوع من قبل أشخاص مهنيين. وتقول: "في بلدية الناصرة، جاء رئيس البلدية وقال لي أنه لديهم مشكلة في قضية منح غرامات للسكان! فيستصعبون حتى منح غرامات لسيارات تقف في موقع ليس معدا لذلك. فكم بالحري عند الحديث عن منح مخالفة للتدخين في موقع عام، وهذا يتم مباشرة وجها لوجه؟؟! ولذلك قمنا بتجهيز لافتات تحذر من التدخين في الأماكن العامة، وكانت البداية في المستشفيات.. فقد تصل قيمة الغرامة الى ألف شاقل!! ولذلك قمنا بتجهيز ميثاق منع التدخين في الاماكن العامة، والذي تم تعليقه في المستشفيات بداية، وثم قام الطلاب بالتجوّل مع الميثاق الذي وقعّ عليه رئيس المجلس المحلي او البلدية، والسيد جرايسي مثلا في الناصرة. فقبل حوالي عام رأيت الطلاب يتجوّلون مع رئيس البلدية السيد جرايسي في الناصرة ويمرون من مصلحة تجارية الى أخرى ويجمعون تواقيع اصحاب هذه المصالح على هذا الميثاق!! ونواصل بهذا المشروع"!!
يذكر أنه بحسب مدير عام وزارة التربية والتعليم، كما تؤكد د. ميخال كوهين در، يمنع المعلمون والمدراء من التدخين في المدرسة، الا اذا تم ذلك في مكان مغلق بعيدا عن الطلاب! وتشير الى أنه يتم التشديد على ذلك في الفترات الأخيرة..
وتقول د. كوهين در أن "10000 شخص يموتون سنويا جراء التدخين في دولة اسرائيل، وعمليا كل يوم يتوفى 27 شخصيا يوميا من السجائر.. هل تفهم خطورة الموضوع؟!! عندما يموت شخص واحد يوميا بالمعدل في حوادث الطرق، وهنا بهدوء يموت 27 شخصا يوميا"!!!
وتؤكد في رد على سؤال حول الاختلاف في قيمة الاستثمار بين محاربة التدخين ومحاربة حوادث الطرق أن وزارة التعليم ووزارة الصحة خرجتا في حملات كبرى لمحاربة ظاهرة التدخين، بميزانيات عملاقة خصصت لهذه المشاريع! وتأمل د. ميخال كوهين در أنها تأمل أن يتحول اليوم بدون تدخين الى سنة بدون تدخين، وان يكون هذا اليوم يوميا طوال السنة!
ولكن في كل موضوع بؤرة ضوء، وفي مجال التدخين، تقول د. كوهين در، أنه بعد الاقلاع عن التدخين، ان كان سجائر أو أرجيلة، هناك أمل كبير، فبعد مرور خمس سنين تستعيد الرئتين لونهما الزهري الطبيعي، وتفقد سوادها!!!
وتقول د. كوهين در: "نحن نعرف أن من يحافظ على حياة صحيّة، يمارس الرياضة، يحافظ على الأكل السليم والصحيّ، لا يدخنون، ويجرون كل الفحوصات اللازمة للتأكد من صحتّهم، هم أشخاص مرتاحون ماديا. من وضعه الاقتصادي الاجتماعي منخفض، لا يملك الوقت، هو بالكاد يعرف كيف ينهي اليوم، حينها كل ما يهمه هو تلك السيجارة او كأس المشروب الرخيصة، التي يبدو له أنها تنسيه همومه، ولكنهم بالتالي يزيدون وضعهم سوءا… لأنه من جهة لا يملك المال لشراء الأغراض الصحية، وهو بالطبع لا يرتاد غرفة رياضة أو لياقة بدنية، لا يقوم بما يجب، وبالكاد لديه وقت لممارسة الرياضة. جل اهتمامه يرتكز حول إعالة عائلته.. ولكن هنا بالذات يجب كسر الحواجز وكسر المتعارف عليه.. هنا يجب التدخل، وهذا هو الموقع بالذات للتدخل"!!
وتواصل حديثها قائلة: "اليوم (الأحد) عرض طلاب مسرحية في يوم الصحة في إحدى المدرسة حول هذا الموضوع، وتحدثوا فيه الى الوالد فقالوا له "نحن أولادك، نحن نريدك أن تكون بصحة كاملة".. وحينها قاموا بحساب كم يصرف من الأموال على السجائر، فقالوا له: "بهذه الأموال كان بإمكانك أن تشتري للعائلة طعاما صحيا، كان بإمكاننا أن نقضي وقتا ممتعا، وكنت تهتم بالعائلة وبنفسك وصحتك أكثر"!! يجب أن نأخذ الأمر وأن نتحدث لكل بلغته التي تناسبه… فنحن نعرف على سبيل المثال أن الشبيبة لا تهتم كثيرا الأضرار الصحية، لأنها قد تبدو بعيدة جدا عنهم، في المستقبل البعيد، فيقولون لنفسهم أنهم أقوياء وبصحة جيدة وما الى ذلك، ولكن اذا قلت لهم أن التدخين يضر أيضا بالرجولة، والسموم والكحول كذلك الأمر. الفتيات، قد يؤدي التدخين الى تجاعيد مثلا، بشرة جافة، والرائحة سبحان الله، رائحة كريهة!! فمهما وضعت من روائح عطرة على نفسك ورشيّت العطور لن تنجح بإزالة رائحة الدخان الكريهة عنك، هذا أمر فظيع"!!
وتضيف: "لكل جيل العوامل التي تؤثر عليه أكثر من غيرها، ولذلك فلا أرفع علم الصحة فحسب رغم أنني أمثل وزارة الصحة. بل كل أمر يمكنه أن يؤثر على هذه الشريحة من المجتمع لا بد أن نستعين به".
وتقول في رد على ادعاء أن "الأرجيلة هي لقاء اجتماعي": "دعنا لا نوهم أنفسنا، فالسموم هي أيضا لقاء اجتماعي، والكحول كذلك تجمع الشباب، الأمر مماثل. ولكن يجب ألا يكون هذا لقاءنا الاجتماعي، يجب أن نعثر على أمور أخرى تجمعنا وليس الأرجيلة فحسب. يوم السبت الماضي أجري نهائي دوري أبطال أوروبا بين برشلونة ومانشستر يونايتد، هذا لقاء اجتماعي مرح أيضا. الكل يجلس ويتابع برنامج تلفزيوني واحد، ليس من الضروري أن نمرر الأرجيلة فيما بيننا لنقضي وقتا ممتعا!! يمكننا أيضا أن نشاهد المباراة او أن نقضي وقتا ممتعا مشتركا بالذهاب الى البركة او البحر أو حتى لمشاهدة مسرحية ما وما الى ذلك… هناك فعاليات لا تعد ولا تحصى تجمع البشر بدون "قصة" الدخان!! وأقول الدخان قصدا، لأن الحديث لا يدور فقط عن دخان السجائر وانما ايضا عن دخان الأرجيلة.. فدخان الأرجيلة ورغم رائحته الطيّبة، ورائحته المريحة والمهدأة، الا أن تأثيرها عكسي تماما! شتان ما بين الهدوء وبين مضار التدخين!! إنه لأمر محزن أن ترى الناس يجتمعون حول الأرجيلة!!! أعتقد أنه من الرجولة عدم التدخين!!! أنا لست بحاجة للتدخين"!!
وتنهي د. ميخال كوهين در حديثها بالقول: "برؤيتي خلال ست سنين سيكون لواء الشمال خاليا من التدخين!! لن يدخن البشر بالكميات التي يدخنون بها اليوم، لن يدخنوا في المواقع التي يجب ألا يدخنوا بها… الفكرة ليست منع من يدخن اليوم عن التدخين كليا، وانما منع المدخنين الجدد من دخول هذه الحلقة وعالم التدخين"!!!