ويكيليكس: واشنطن تجاهلت تحذيرات “السلام الآن” من الإستيطان

مراسل حيفا نت | 08/04/2011

 حذرت حركة "السلام الان" اليسارية الاسرائيلية الولايات المتحدة مما وصفته بسياسة الخداع والتضليل، التي تنتهجها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مع واشنطن، للتعتيم على نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ونقلت صحيفة هاآرتس وثائقاً تحمل هذا المضمون سربها موقع "ويكيليكس"، وانفردت بنشرها الصحيفة العبرية، مشيرة الى ان امين عام المنظمة الاسرائيلية "ياريف اوبنهايمر" كان همزة الوصل في تعريف الادارة الاميركية بالممارسات الاستيطانية الاسرائيلية منذ عام 2006 وحتى الآن، الا ان واشنطن لم تتعاطى مع تلك التحذيرات، ام انها تجاهلتها لاسباب غير واضحة، بحسب وثائق ويكيليكس.

ووفقاً للوثائق عينها وما نقلته عنها هاآرتس، زودت "السلام الآن" الولايات المتحدة بشكل دوري عبر سفارة واشنطن في تل ابيب بمعلومات موثقة، حول النشاط الاستيطاني الاسرائيلي غير القانوني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فضلاً عن الممارسات غير المشروعة التي يتبعها المستوطنون اليهود مع الفلسطينيين والعرب "عرب 48"، غير ان البيت الابيض لم يعر هذه المعلومات اي انتباه.

واضافت الصحيفة العبرية انه بعد قرار "جوليان أسانغ" مؤسس موقع التسريبات ويكيليكس فتح ملف الوثائق ذات الصلة بالدولة العبرية، اتضحت العديد من المعلومات، التي تؤكد دعوة "السلام الآن" المتكررة للولايات المتحدة بممارسة ضغوطات على حكومة تل ابيب، لوقف نشاطها الاستيطاني غير المشروع على الاراضي الفلسطينية، وإخلاء النقاط الاستيطانية في الضفة الغربية.

خداع وتضليل واشنطن

عمليات بناء مستوطنات

وأعرب امين عام حركة السلام الآن ياريف اوبنهايمر عن تقديراته امام الاميركيين عام 2006، بحسب ويكيليكس، بأن اسرائيل ستحاول خداع وتضليل واشنطن، لمواصلة بناء مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية، واضاف: "ان اسرائيل ستتظاهر بإخلاء عدد من النقاط الاستيطانية غير القانونية، لتوضح لكم انها تقوم بعمل ما ايجابي حيال تلك القضية، غير انه في المقابل ستحاول حكومة تل ابيب تعويض المستوطنين عن طريق المصادقة على بناء نقاط استيطانية أخرى في مناطق مغايرة". وبحسب ويكيليكس اعرب اوبنهايمر عن امله في ان تُفضي الضغوطات الاميركية على حكومة اسرائيل عن وقف تنفيذ مراسيم البناء غير المشروع في المستوطنات، ورغم ذلك الا ان الولايات المتحدة لم تتعاطى مع تلك التحذيرات، سيما ان ناشطاً قيادياً غير اوبنهايمر، نقلها مجدداً الى واشنطن عام 2009.

كما اوضحت الوثائق ان وزارة الدفاع الاسرائيلية حاولت استغلال حركة "السلام الآن" للتعرف على مدى قانونية بناء بعض النقاط الاستيطانية، سيما ان الوزارة التي يقودها الوزير ايهود باراك، لا تعلم الكثير عن الموقف القانوني لعدد ليس بالقليل من المستوطنات، وأضافت المعطيات: "ان "ايتان بروشي" مستشار ايهود باراك للشؤون الاستيطانية، كان أكثر الشخصيات في وزارة الدفاع الاسرائيلية التي حرصت على عقد اجتماعات مع قادة الحركة للتعرف على مدى قانونية المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وجرى آخر هذه الاجتماعات عام 2008.

وكان مؤسس موقع ويكيليكس "جوليان أسانغ" قد اعلن انه يخشى من اسرائيل، ولذلك امتنع عن نشر وثائق تتعلق بها خلال الجولة الاولى من إزاحة الستار عن تسريباته، ولكنه قرر بشكل مفاجئ التخلي عن تحسباته وهواجسه، وفتح ملف الوثائق ذات الصلة بالدولة العبرية، وعن ذلك يقول في تقرير نقلته عنه يديعوت احرونوت: "اتبعنا خيار عدم نشر وثائق تتعلق باسرائيل في الاسبوع الاول من الافراج عن تسريبات ويكيليكس، خاصة اننا نعلم ان الاقدام على تلك الخطوة سيجلب لنا العديد من المشاكل، لذلك اقتصر نشر الوثائق على دول أخرى غير اسرائيل، ولكن عندما ابحرت سفينتنا لم يكن من اللائق تغيير اتجاهها".

واعتبر أسانج ان القوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وربما في مختلف دول العالم كانت سبباً رئيسياً في ردعه عن نشر معلومات سرية تتعلق باسرائيل، كما أنه: "في البداية لم تكن لدينا وثائق كثيرة عن اسرائيل، وثاورتنا المخاوف من الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وهى المنطقة التي تتركز بها معظم المنظمات اليهودية الكبرى". وحول خوفه من اسرائيل اكثر من الولايات المتحدة، قال أسانغ للصحيفة العبرية: "يدور الحديث حول تعاون وطيد بين الولايات المتحدة والدولة العبرية، الأمر الذي أثار لدىّ حالة من الذعر، سيما نه تربط بين الدولتين مصالح مشتركة في العراق".

الأرض مقابل السلام

وفيما يتعلق بنشاط حركة "السلام الآن" الاسرائيلية، فتشير المعطيات العبرية الى ان الحركة توضع على رأس قائمة الحركات اليسارية في اسرائيل، ويهدف نشاطها بحسب الموسوعة العبرية الى اقناع الرأي العام الاسرائيلي وحكوماته بالحاجة الماسة وامكانية ترسيخ السلام العادل والمصالحة التاريخية مع الشعب الفلسطيني ومع الدول العربية خاصة دور الجوار الاسرائيلي، وذلك في مقابل التوصل الى حل اقليمي على اساس مبدأ "الارض مقابل السلام"

وتم تأسيس حركة السلام الآن في اعقاب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري الراحل انور السادات لاسرائيل، وواصلت الحركة رؤاها ونشاطها اليساري حت وصلت الى الاعتراض على حرب لبنان، الامر الذي زاد من شهرتها في الشارع السياسي الاسرائيلي وربما العالمي، وبعد ان وضعت معارك تلك الحرب اوزارها بعشر سنوات أيدت الحركة اتفاقات اوسلو التي جرت بين اسرائيل والفلسطينيين، كما تعكف السلام الآن على مواصلة منهجها الاعلامي والقضائي المناهض لنشاط اسرائيل الاستيطاني، وينتمي اعضاء الحركة الى عدد من الاحزاب المختلفة في الدولة العبرية، الامر الذي زاد من ضلوعها في العمل السياسي، ليصل الى مرحلة النفوذ والتأثير.

ووفقاً للمعطيات العبرية ذاتها توجه 348 جندياً وضابطاً احتياطياً بخطاب الى رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه مناحم بيغن، بعد زيارة الرئيس المصري الراحل انور السادات لاسرائيل عام 1978، وطلب هؤلاء بيغن في خطابهم ضرورة العمل على التوصل الى سلام مع المصريين، على ان يكون لذلك الاولوية قبل بناء المستوطنات بعد الخط الاخضر.

في اعقاب هذا الخطاب الذي اطلقت عليه وسائل الاعلام الاسرائيلية "خطاب الضباط"، تم تدشين حركة السلام الآن، التي استهدفت حشد الدعم والتأييد الجماهيري الاسرائيلي من اجل "عملية السلام"، حتى اذا كان ثمن ذلك التنازل عن اراضي، وفي التظاهرة التي نظمها مؤسسو الحركة في ميدان "ملاخي يسرائل"، الذي حمل فيما بعد اسم "ميدان رابين"، دعا المشاركون رئيس الوزراء الاسرائيلي حينئذ مناحم بيغن التوصل الى سلام مع مصر، مقابل الانسحاب الاسرائيلي من شبه جزيرة سيناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *