صرخة من الأعماق بقلم الشيخ رشاد ابو الهيجاء

مراسل حيفا نت | 25/06/2020

صرخة من الأعماق

الشيخ رشاد أبو الهيجاء

إمام مسجد الجرينة ومأذون حيفا الشرعي

تأتي هذه الصرخة ملازمة لأنين الصدر الذي طال وترك آثار سيئة في نفوس أهل الخير حتى أن بعضهم ظن أننا على أبواب يوم الآخرة , هذه الصرخة تأتي ونحن نرى شلال الدم ما زال يجري على ايدي ابائنا ومن عروقهم فالقاتل منا والمقتول منا , وهذا يعنى أن القاتل إما أن يتجرع حسرة عمله الاجرامي الى يوم أن يلقى الله وإما أن يتعطش الى المزيد من الدماء وهذا حسب البيئة والحالة النفسية التي يعيشها .  وأما أهل المقتول إما أن يتجرعوا حسرة هذا الدم وتبقى الام والأخت ويبقى الاب في لوعة دائمة يبكون إما بصوت مرتفع أو بصوت خافت وإما كما يقول علماء النفس أن الخوف والشعور بالإحباط قد يولدان عنفا لا مبرر له أحيانا , وكما قيل في العامية ( الضغط يولد الانفجار ) وتأتي صرختنا في وجه أبنائنا نقول لهم ارحمونا فالرحماء يرحمهم الله , ارحمونا وغيروا من سلوككم فالطريق مهما طال  فنهايته الى الآخرة والمصير اما الى جنة عرضها السماوات والأرض , وإما الى نار تلظى . وأنت مخير بين طلب الجنة ونعيمها وبين السعي الى لهيب جهنم  ,كما أنك مخير بين أن تسلك طريق الخير وتنشر المحبة بين الناس وبين أن تكون قاتلا ظالما , وشتان ما بين الطريقين قال تعالى ( لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) نصرخ من أعماقنا في وجه أبنائنا ونقول لهم هل انتم تقربون لنا الآخرة فقد قال حبيبنا محمد وهو يقسم ( والذي نفسي بيده , لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل , ولا يدري المقتول لم قتل , فقيل كيف يكون ذلك قال : الهرج : القاتل والمقتول في النار ) نعم السنا في زمان القاتل يقتل أناس لبضع شواقل تدفع له وقد يكون دافع ذلك غيرة وحسد فلا القاتل يدري لما قتل ولا المقتول يدري لما قتل . فيا أبنائنا القاتل والمقتول في النار يكون عند الاستعداد من الطرفين للقتال تماما كما قال الرسول ( اذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله هذا القاتل , فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه ) فلم تقحمون أنفسكم غضب الرحمن وللأسف نحن في زمان أشار اليه رسول الله , نسمع هذا يقتل جاره وهذا يروعه وهذا يقتل ابن عمه على قطعة من الأرض وهذا يقتل صديقه على موقف سيارة وقد صدمت لسماعي عن حالة حصلت وهي أنهم وجدوا شيخ كبير في حاوية القمامة والذين القوه فيها هم أبنائه وقد قال رسول الله ( إن بين يدي الساعة الهرج , قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل يقتل الرجل جاره , ويقتل اخاه , ويقتل عمه , ويقتل ابن عمه . قالوا : امعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان , ويخلف له هباء من الناس , ويحسب أكثرهم أنهم على شيء , وليسوا على شيء ) والحق يقال ما من انسان عاقل يسمح لنفسه ان يحاور اخوانه وعامة الناس بالسلاح فالعاقل يقيم الحجة بالحجة البرهان واساس ذلك العلم والثقافة ومن جهل أسلوب التعامل بالحسنى كما أراد الله بقوله ( إدفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) فسيصير الى القتل وترويع الناس , ولذلك رأينا أصحاب رسول الله قد استغربوا هذا الحال الذي أشار اليه رسول الله وأكدوا باستغرابهم بأن العقلاء لا يمكن ان يكونوا قتلة . وهنا قد يقول قائل إن من القتلة أناس أصحاب شهادات ومراكز اجتماعية فالجواب ان حب الدنيا والتنافس عليها والحسد اعمى ابصارهم وبصيرتهم وجعلهم عبيد لهواهم وللشيطان ومن كان الشيطان قائده لا يمكن ان يكون من العقلاء , لذا ننادي ونصرخ في وجه أبنائنا هل تريدون ان تكونوا عبيدا لشياطين والانس والجن  ام انكم اخلصتم نيتكم واستجبتم لربكم القائل محذرا ومهددا القتلة بقوله ( ومن اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) وقوله ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما ) أيا من تحدثه نفسه بالقتل هل تقدر على غضب الله ؟ وهل تصبر على نار جهنم التي تضعف نار الدنيا بسبعين مرة ؟ وهل ترى في نفسك تستحق لعنة الله وتقبل بذلك ؟ وهل تعلم ان كل هذا الأحوال تبقى معك خالدا مخلدا ؟ والحق يقال ما من عاقل يقبل بغضب الله وما من عاقل يحب سفك الدماء التي حرمها الله ولو تمعنا بالدوافع لمثل هذا السلوك لوجدنا ان كل الدوافع ممقوتة عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين والعقلاء من الناس , فيا أبنائنا اليس من دوافع القتل الصراع على تجارة المخدرات او التعامل بالربى ؟ اليس من دوافع القتل حب الرياسة والمناصب ؟ اليس من دوافع القتل الحسد والحقد ؟ اليس من دوافع القتل محاكاة أفلام الاجرام ؟ اليس من دوافع القتل شعور بالنشوة والفتوة عند حمل السلاح ؟ وكل ذلك ممقوت مرفوض فيا أبنائنا ارحمونا واحموا امهاتكم وارحموا اخواتكم وارحموا مجتمعكم الذي يريدكم أدوات بناء ورفعة لا أدوات هدم وذل ونشر للفساد وأخيرا أقول لكم بقوله تعالى ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون * الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) وبقوله تعالى ( قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *