أسئلة جيل النكسة إلى جيل النكبة- سليم أبو جبل

مراسل حيفا نت | 11/01/2009

قد يتساءل الجيل الشاب ما بعد النكسة عن الأسباب التي جعلت قيام دولة إسرائيل بمثل هذه السهولة، وقد يتساءل عن أسباب ترك هذا العدد الكبير من الفلسطينيين لأرضهم، وقد يتساءل عن الدور العربي والفلسطيني في الفترة التي سبقت عام النكبة، وقد لا تأتي الإجابات بسهولة ولكن معرفة بعض الحقائق قد تساعد على فهم المسببات التاريخية.

salim_2008_512

 فقد بدأ الاستيطان اليهودي في فلسطين عام 1878 وذلك بإنشاء أول مستعمرة زراعية صهيونية تحت اسم "بيتح تكفا". وبعدها بدأت الهجرات الجماعية لليهود إلى فلسطين ما بين السنوات 1882 – 1903 وحملت أول موجة 25 ألف مهاجر غالبيتهم من شرق أوروبا. وفي عام 1891 قامت مجموعة من وجهاء القدس بإرسال عريضة إلى الباب العالي في استانبول يطالبون فيها بوقف الهجرة اليهودية ومنع اليهود من امتلاك الأراضي .وفي ذات السنة يفشل ثيودور هرتسل في شراء فلسطين من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بمبلغ عشرين مليون ليرة في ذلك الوقت.

أرض اللبن والعسل

جاءت الموجة الثانية من المهاجرين ما بين السنوات 1913-1904 وبلغ عدد المهاجرين  40ألف مهاجر، الأمر الذي زاد نسبة اليهود في فلسطين إلى حوالي 6% من مجموع السكان.

الموجة الثالثة من المهاجرين اليهود عام1919  تجاوزت 35 ألف  مهاجر وأدت إلى زيادة نسبة عدد اليهود في فلسطين إلى 12% من عدد السكان وازدادت ملكيتهم للأراضي لتصل إلى 3% من مساحة فلسطين.

 1924 – 1928 الموجة الرابعة من المهاجرين، 67 ألف مهاجر، أكثر من نصفهم من بولندا، مما يزيد عدد اليهود إلى 16%، وملكيتهم للأراضي إلى 4.2% من مساحة فلسطين.

 1929-1939الموجة الخامسة من المهاجرين، أكثر من 250 ألف مهاجر، ارتفاع نسبة اليهود إلى 30% من المجموع وملكية الأراضي المسجلة عام 1939 إلى 5.7% من مساحة فلسطين.

الموجة السادسة ما بين 1930– 1935، عدد المهاجرين 180 ألف مهاجر.

إحصاءات الخوف

وصلت  التقارير البريطانية والأمريكية للجان فحص أسباب الانتفاضات العربية والمواجهات بين العرب واليهود إلى أن خوف العرب من الهجرات اليهودية هي السبب في هذه الاضطرابات. وتوضح بعض الإحصاءات مصداقية الخوف الفلسطيني خاصة أمام تزايد نسبة اليهود بشكل ملحوظ، فقد وصل عدد سكان فلسطين في عام 1914 بحسب التقديرات العثمانية إلى 689.275 نسمة نسبة العرب 92%  والباقي من اليهود. وفي أكتوبر1921 يرفع الإحصاء البريطاني الأول في فلسطين العدد إلى 757.182 نسمة، نسبة العرب 87.6%، اليهود 12.4%. في 18 نوفمبر 1931 الإحصاء البريطاني السكاني الثاني في فلسطين1.035.154 نسمة نسبة العرب 81.6%, واليهود 18.9 %.

palestaine_3_512

دور الحكومات العربية

في عام 1905 فضح المفكر نجيب العازوري في كتابه "يقظة الأمة العربية" الجهد اليهودي الخفي لإنشاء الدولة اليهودية على أرض فلسطين. لكن الشريف حسين الذي قاد الثورة العربية ضد العثمانيين وقع في مصيدة الخداع البريطانية بسبب طمعه بالسلطة، فيما عُرف بمراسلات حسين-مكماهون من 14 يوليو 1915 وحتى مارس 1916. فصدق وعود بريطانيا له باستقلال ووحدة البلاد العربية تحت حكمه بعد انتهاء الحرب. وحين أصبح عبد الله أمير الأردن ملكًا عام 1944 خابت آماله هو أيضًا بأن يكون زعيم سورية الكبرى، فاقتنع بسيطرته على الأردن وعلى الضفة الغربية، مقابل موافقته على إقامة دولة اليهود، واتفق في نوفمبر 1947 مع مندوبة الوكالة اليهودية غولدا مائير على ضم القسم العربي من فلسطين أي الضفة الغربية بعد إقامة إسرائيل، ووعد بأنه لن يسمح بإقامة دولة مستقلة فيها للفلسطينيين!

بعد بداية الثورة في فلسطين قام الحكام العرب بإيعاز من البريطانيين بإصدار أول نداء لإنهاء الثورة، أولهم الملك عبد العزيز آل سعود ويلحقه نداء الملك غازي من بغداد ثم الأمير عبد الله من عمان، ثم من اللجنة العربية العليا!

1606

 والأمر المثير أن قوات الجيوش العربية التي كان يشرف عليها الملك عبد الله، تم وضعها تحت إمرة الجنرال البريطاني "جلوب باشا" قائد القوات الأردنية، وهو القائد البريطاني للجيش الأردني وصاحب الميول الصهيونية، فيقوم دون سواه  بقيادة الجيوش العربية لتحرير فلسطين من القوات الصهيونية التي ورثت فلسطين من بريطانيا! وفي عام 1949 تقوم الأردن، مصر، لبنان وسورية، بتوقيع اتفاقيات الهدنة مع إسرائيل، وذلك بعد عام واحد فقط على النكبة، والتشرد الفلسطيني!!

أسئلة لجيل النكبة

نعرف الآن أن الذي حدث عام 1948 لم يحث فجأة ولم يحدث على غفلة، وتدل التفاصيل الواردة على تكاسل وعجز كبيرين، لا يزالان ينخران في عظامنا حتى الآن. ففي ذلك العام استمرت محاولة تهجير الفلسطينيين عبر التخويف وفعل المذابح والمجازر الكثيرة، وبقى من بقى وتشتت من تشتت، والأسئلة التي يريد الجيل النكسة الجديد الإجابة عليها: لماذا ترك القسم الأكبر من الفلسطينيين قراهم ومدنهم؟ ولماذا بقى القسم الآخر رغم كل ما حدث؟ هل تقف العصابات الصهيونية وحدها وراء ذلك أم أن هناك أسباب فلسطينية أخرى؟

nakba_512

 وكيف يمكن لنا أن نفهم دخول ثلاثة من العرب الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلية الأولى عام 1949: سيف الدين زعبي، أمين جرجورة وتوفيق طوبي؛ والنكبة وما يرافقها من تهجير لم تزل مستمرة في أنحاء فلسطين.

هناك الكثير من الأسئلة، وقد لا يعرف الكبار من جيل النكبة الإجابة عليها، ولكن عليهم أن يفعلوا لأننا في صراع الوجود مع الفكر الصهيوني نجد صعوبة كبيرة في إثبات أن السارق هو حقًا سارق، ويصعب علينا أكثر من ذلك إقناعه بإعادة الأشياء المسروقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *