تل أبيب تسعى لدمج العرب في أوساطها بجميع الطّرق

مراسل حيفا نت | 24/12/2010

 دعا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غابي اشكنازي خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إلى فرض التجنيد الإلزامي على كافة المواطنين في إسرائيل بما في ذلك الشباب العرب واليهود المتديّنين.


كرر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غابي اشكنازي دعوته إلى تجنيد الشباب العرب في اسرائيل والمتديّنين اليهود للجيش أو الخدمة المدنية الإسرائيلية، وذلك لامتناع 50 في المئة من الشباب الإسرائيلي عن التطوع للخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش، والتلاشي للخطر ومنع استمرار التدهور القائم في المؤسسة العسكرية.

واقترح الجنرال اشكنازي الذي ينهي ولايته في شهر شباط/فبراير القادم كرئيس لهيئة الأركان، إقامة وحدات دفاع مدني ملزمة لكل المواطنين في اسرائيل من دون استثناء، تمنح لهم إمكانية اختيار الانخراط في صفوف الجيش، زاعمًا انه لا يوجد أي سبب يمنع الشباب العرب من التطوع للدفاع المدني أو أي سلطة كسلطة المطافئ وغيرها.

تصريحات اشكنازي المتكررة هذه أثارت حفيظة القائمين على مناهضة الخدمة المدنية في الوسط العربي في اسرائيل، الذين أكدوا في حديث لـ"إيلاف" ارتفاع وتيرة رفض الخدمة المدنية في أوساط الشباب العرب في اسرائيل، إلى جانب تأكيدهم على ارتباطها العضوي بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

فالخدمة المدنية تحتل حيزًا كبيرًا في أوساط المواطنين العرب في اسرائيل منذ العام 2004، التي أعلنت قيادات الجماهير العربية وجمعيات العمل الأهلي رفضها القاطع لها، بل قامت بالعمل المنظم ضدها في أوساط الشباب العرب، وتقود ضدها "حرب إعلامية ونفسية".

بدأ طرح تجنيد الشباب العرب في المشروع في العام 2004، عندما أوصت لجنة لبيد بان تقوم الحكومة الإسرائيلية بفرض الخدمة المدنية على الشباب العرب، كمقدمة إلى الجيش والشرطة. مع العلم أن مشروع الخدمة المدنية غير مرتبط بالعرب فقط، كذلك بالنسبة إلى اليهود المتدينين. إذ بدا يدور نقاش في أوساط الإسرائيليين نهاية سنوات الـ80 وبداية سنوات الـ90 من القرن الماضي، حول لماذا لا يقوم المتدينون بتأدية الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. وتمّ فرض قانون تال المتعلق بخدمة المتديّنين اليهود في الجيش.

ناشف: التصريحات دليل قاطع على أن الخدمة المدنية مرتبطة بالمؤسسة العسكرية

Israeli soldiers examine a crater, created by ...

نديم ناشف – مدير جمعية الشباب – بلدنا"، أكد لـ"إيلاف" أن تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي جابي اشكنازي ليست بجديدة، وهي دليل واثبات واضح لصحة الادعاء الذي طرحناه منذ البداية أن الخدمة المدنية التي أقرتها حكومة ايهود اولمرت في آب/أغسطس 2006، هي أجندة أمنية وعسكرية وليست مدنية كما يدعي القائمون عليها.

ويضيف ناشف: "منذ البداية قلنا إن الخدمة المدنية مرتبطة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ولو عدنا إلى قانون الخدمة المدنية نجد أن الشخصيات التي وضعت القانون هي ذات ماضٍ عسكري، ومع الوقت يتضح الارتباط العضوي بين المؤسِّستين".

كما رأى ناشف أن تصريح اشكنازي خطر ويدل ويوضح نوايا المؤسسة العسكرية حيال الشباب العرب، والنوايا المبيتة الهادفة إلى تجنيدهم، وهذا واضح من خلال تصريحات رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية شاوؤل موفاز أما الجيش أو الخدمة المدنية.

ويضيف ناشف نحن في الجمعية بدأنا في العام 2006 حملة لمناهضة الخدمة العسكرية والمدنية بمشاركة قيادات عربية، وكانت هناك وثيقة لرفض الخدمة المدينة لثلاثة أسباب، وهي ربط المدني بالعسكري، وعلاقتها بالمؤسسة العسكرية، والثاني ربط الحكومة الإسرائيلية بالواجبات واشتراطاتها تحصيل الحقوق الأساسية. وثالثًا رفض عملية الاسرلة وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية لدى الخادمين ضمن هذا المشروع.

وقال: "قمنا بحملة إعلامية واسعة استهدفت قطاع الشباب وتشرح رفضنا ومعارضتنا للخدمة المدنية وقمنا بتنظيم خيمة فنية حول الموضوع تنقلت في كل البلدات العربية لتوعيتهم، واليوم نرى معارضة الشباب العرب للخدمة في ارتفاع متواصل بدأت من 25 في المئة واليوم 80 في المئة، واليوم نقوم بعمل ورشات عمل مباشرة للمستهدفين من الخدمة المدنية".

عودة: الخدمتان العسكرية والمدنية مكملتان لبعضهما البعض خاصة في إسرائيل

People pass in front of a gift shop decorated ...

بدوره، قال المحامي ايمن عودة- أمين عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ورئيس لجنة مناهضة الخدمة المدنية، قال لإيلاف الخدمة المدنية في دول العالم المختلفة هي بديل لـ"الخدمة العسكرية" حيث يخدم الشباب في المؤسسات المدنية كالمستشفيات والمراكز الجماهيرية والمدارس والمكتبات، ويحصلون بعدها على هبات من يخدم في "الجبهة الداخلية"، ومن يخدم بها بشكل عام هم النساء أو من لم يستطع الذهاب إلى الخدمة العسكرية. ولكن على الرغم من هذا البُعد المدني في العالم – بخلاف دولة إسرائيل التي بدأ فيها المشروع من وزارة الأمن.

ويضيف أنّ عودة قانون "الخدمة القومية" سُنَّ في العام 1953ولكنه ليس إجباريًّا، والسبب في عدم جعله إجباريًّا هو أن اليهود المتدينون "الحريديم" يرفضون ذلك، والمؤسسة الإسرائيلية غير جاهزة اقتصاديًّا لفرض هذا القانون المكلف لها أيضًا.

ويبن عودة "أن لجنة مناهضة الخدمة المدنية بذلت جهودًا استثنائية لتوعية الشباب العرب ضد "الخدمة المدنية" فالخدمة أمر مركّب وليس مباشرًا كالخدمة العسكرية لهذا يستوجب التوعية، والثاني لأن المؤسسة أرادت كسرنا في هذا الجانب فخلقت تحديًّا وكأن رأي القيادة في جهة والجمهور في جهة أُخرى وأنها ستنجح في الإيقاع بالشباب العرب، وطبعًا هي اليوم قد تنازلت عن هذه الأقوال".

وأضاف: "نحن بدورنا في اللجنة لمناهضة الخدمة المدنية قمنا بتقديم ما يقارب ثلاثة آلاف محاضرة في كل قرية ومدينة عربية بلا استثناء عدا عن المؤسسات الإسرائيلية العامة، ونظمنا حملات إعلامية واضحة. والمحاضرات تُقدّم في الصفوف من أجل إفساح المجال للنقاش والأسئلة والتركيز، وهنالك مدارس تضم أكثر 25 صفًا في الحادي عشر والثاني عشر مما اضطرتا إلى تقديم ست محاضرات يوميًّا لمدة خمسة أو ستة أيام".

ويقول عودة : نتعمد في المحاضرات إبراز الأدلة الدامغة عن ارتباط "الخدمة المدنية" بوزارة الأمن الإسرائيلية ومفاهيم "الأمن" ، وبالفعل يمكننا أن نشير إلى نجاح كبير في توعية طلابنا وشبابنا العرب فيما يتعلق بالخدمة المدنية، إذ أشارت آخر إحصائية أن 80 في المئة من الشباب العرب يرفضون "الخدمة المدنية" وفق ما أظهرته نتائج استطلاع "مركز يافا للاستطلاعات" بطلب من جمعية "نساء ضد العنف".

ويتابع: "أُريد أن أقول إنه منذ العام 2005 أُجري أريعة استطلاعات للرأي العام الأول في 2005، وبين أن 17 في المئة فقط من الشباب العرب يعارضون الخدمة المدنية، بينما شهد العام 2007 ارتفاعًا واضحًا حيث أكد 57 في المئة من الشباب العرب إنهم يعارضون الخدمة المدنية، فيما ارتفعت النسبة في العام 2009 إلى 66 في المئة، اليوم بلغت 80 في المئة في آخر استطلاع للرأي العام الذي اجري أخيرًا".

ويوضع عودة إننا لسنا ضد التطوع والعطاء، ونعتبرهما أسمى القيم الإنسانية ونحن نبحث عنهما دائمًا، ويقوم النشطاء الحزبيون بكل نشاطاتهم تطوعًّا، وحتى مناهضة "الخدمة المدنية" فهي عمل تطوعي دون مقابل.. أما الخدمتان العسكرية والمدنية فهما مكملتان لبعضهما بعضهم خصوصًا في إسرائيل.

ويضيف: "لكن في اسرائيل الأمر مختلف فالجيش يحمل اسم "جيش الشعب- تسفاه هعام"، ويطلق على الشعب في اسرائيل شعب يلبس البزة العسكرية "عام بمديم" ، وتعود هذه التسميات إلى أن للجيش في إسرائيل دورًا إيديولوجيًّا وليس عسكريًّا فقط. فالجيش "يبني الأمة" في اسرائيل، وهو "بوتقة صهر" يصهر من خلالها كل قوميات اليهود المهاجرين مثلا روس ورومان وأثيوبيين ومغاربة لينتج الشعب اليهودي الإسرائيلي، وهو يعلم اللغة العبرية والمفاهيم الصهيونية، ومن هنا فالـ "خدمة المدنية" كانت دائمًا جزءًا من هذه المنظومة ممن لا يستطيعون الخدمة في الجيش، فمثلاً عندما سُنّ قانون الخدمة المدنية في العام 1953 كان هذا الاعتبار أساسيًّا في نقاشات الكنيست.

وأكد أنه "ليس غريبًا أن قانون الجيش في إسرائيل في العام 49 شمل العمل الزراعي والمدني كجزء من عقلية "بناء الأمة" والدور الأيديولوجي للجيش".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *