لماذا كل هذه الضجة كلّ عام حول الأنفلونزا في موسم الشتاء؟ وهل لك ان تعطينا لمحة تاريخية إجمالية؟
مرض الأنفلونزا هو مرض(التهاب) فيروسي معدي جدا وسريع الإنتقال. قد يؤدي الى وباء( إصابة جماعية كبيرة)، محلي وعلى مستوى الدولة، او وباء على مستوى عالمي. والمسبّب هو فيروس الأنفلونزا المكون من عدة أنواع وأهمها A-B-C-D وأخطر هذه الأوباء فيروس A.
هذا المرض شائع جدا ومسيرته الطبيعية غير مؤذية عادة، وعلامات المرض تبدو خلال 36-48 ساعة من العدوى(الإقتراب أو الصلة بشخص مريض بالإنفلونزا).
والخطر في هذا المرض يكمن في مضاعفاته وليس كونه مرضا، فعندما يتم التعرف على نوع الفيروس المسبب تقوم الجهات المختصة بتعميم المعلومات عن نوع الفيروس وتقوم بتحضير التطعيم الملائم.
علاج الأنفلونزا يقوم على ما يسمى بالعلاج الداعم أي ضد العوارض كالحرارة، الألم والسعال. وليس هناك علاج محدد خاصة وأن فيروس الأنفلونزا يتغير من سنة الى سنة.
فالقلق والخوف الذي يسيطر على الدول والحكومات من هذه العدوى ناتج من سرعة انتشار المرض وشراسة هذا الفيروس. خاصة في العقدين الأخيرين بعد تطور المواصلات وسهولة التنقل بين الدول، مما يسهّل انتشار العدوى. وأذكر هنا الوباء الذي انتشر ما بين أعوام 1918-1919 الذي اجتاح اسبانيا وأدى الى وفاة نحو 22 مليون نسمة.
** بعد أن أسهبت بتقديم لمحة عن الأنفلونزا هل لك أن تشرح للقاريء أكثر عن فيروس الأنفلونزا؟
فكما ذكرت عندما نقول فيروس الأنفلونزا فنحن نقصد مجموعة فيروسات ولكل منها مجموعات ثانوية وتفرّعات، ومن هنا الصعوبة في تحضير علاج خاص لهذا الإلتهاب. ولذا نرى أن التطعيم في كل سنة يكون موجّه ضد مجموعة معينة من هذه الفيروسات.
د.جورج غريب
ما هي أعراض الانفلونزا؟
الأعراض كما قلت تبدأ بعد 36-48 ساعة من التعرّض للعدوى (من شخص مريض)، وعادة الفيروس ينتقل بواسطة رذاذ الّلعاب عند السعال أو العطس في مكان مزدحم أومغلق. وخاصة حين يتم ذلك دون مراعاة وسائل وقائية بسيطة كاستعمال منديل أو محارم ورقية لتغطية الأنف والفم. وبعدها يظهر الوهن والضعف والألم في أنحاء الجسم يرافقه ارتفاع حرارة الجسم قد تصل الى 40 درجة. وألم في أسفل الظهر، سعال، عطس، احمرار في العينين ودموع، قشعريرة وصداع قويّ. فهذه هي الأعراض الرئيسية للأنفلونزا بشكل عام.
** ما هي فترة المرض وما هوالعلاج؟
الحالة المرضية العادية في الأنفلونزا قد تستمر ما بين 4-6 أيام. وبعدها يبدأ المريض التماثل بالشفاء وقد يستمر الشعور بالوهن والضعف لفترة أطول. ولكن الخوف والقلق هو من ظهور مضاعفات المرض. فالعلاج كما ذكرت هو علاج داعم وموجّه للأعراض التي تظهر. كالحرارة المرتفعة وضد الألم، السعال وسيلان الأنف (النُزل).
**هل هنالك مجموعات من الناس معرضون للإصابة بالمرض أكثر من غيرهم؟
هذا المرض معدي جدا كما قلت، وبما انه معدي فكل انسان معرّض للإصابة. ولكن هنالك مجموعات من الناس أكثر عرضة للمرض ذاته وخاصة لمضاعفاته بسبب حالتهم الصحيّة بشكل عام قبل العدوى. وهنا أقصد على سبيل المثال: المسنين بشكل عام والأطفال، مرضى السرطان، مرضى السكري والضغط العالي والقلب، الفشل الكلوي والدياليزا. والمرضى الذين زرعت في أجسادهم أعضاء كالكلى، الكبد، الرئة، والقلب الخ.. ومرضى الإيدز، التهاب الكبد على أنواعه، مرض المفاصل والروماتيزم. المرضى الذين يتناولون أدوية التي تضعف جهاز المناعة مثل حبوب الكورتزون وأدوية أخرى. كذلك المرضى الموجودون في دور المسنين أو في المستشفيات، وطواقم الأطباء والممرضات والعاملين في الجهاز الصحي، والعاملين في المراكز المزدحمة. فكل هذه المجموعات معرضة للإصابة بالعدوى أكثر من غيرها.
**كما في كل عام تقوم ضجة حول التطعيم حول الأنفلونزا. فما مدى مفعوله ولأي فئة سكانية يجب اعطاؤه؟
ان البلبلة والضجة بين الناس تأتي عادة من وسائل الإعلام وخاصة اذا صادفت حالة وفاة أو اكثر مع موعد تعاطي التطعيم. عندها تقوم الدنيا ولا تقعد، فكلنا نذكر الضجة التي قامت بعد حالات الوفاة التي وقعت في مدينة كريات شمونة قبل سنوات. إذ ثبُت بعد تحقيق أجرته وزارة الصحة بأن لا علاقة بين التطعيم والوفيات.
أما بخصوص التطعيم ومع اقتراب موسم الشتاء يقوم مركز الأمراض المُعدية CDC في الولايات المتحدة بنشر تعليمات لتشخيص وعلاج الأنفلونزا لمنع انتشاره. وعادة وزارة الصحة الإسرائيلية والأجهزة الأخرى تتبنى هذه التوصيات.

فتوصيات الCDC ووزارة الصحة توصي بتطعيم كل المجموعات السكانية(المرضى) الذين ذكرتهم في السؤال السابق. بالإضافة الى مجموعة أخرى من الأطفال والنساء الحوامل. وتتألف من جميع الأولاد والبالغين المعرضين لخطر الإصابة بمضاعفة الأنفلونزا.
جميع الأولاد والأطفال الأصحاء في أعمار 5-18 عاما.
النساء الحوامل على مراحله وحتى في مراحل الشفاء بعد الولادة وفي فترة الرضاعة.
أما بخصوص فاعلية التطعيم فهو بشكل عام فعّال وأوصي بأخذه، ففاعليته تعتمد على عدة متغيرات، جيل المريض، مدى سلامة جهاز المناعة لدى المريض، مدى التوافق بين نوع الفيروس المسبب للأنفلونزا والفيروسات المُماتة التي يحوي عليها التطعيم.
**ما هي مضاعفات التطعيم بحد ذاته؟
كما ذكرت التطعيم الحالي يتكون من فيروسات مُماتة(ميتة) للأنفلونزا بالإضافة الى فيروس انفلونزا الخنازير. بعد التطعيم الذي يُعطى في الذراع مجانا. هنالك تطعيم جديد يعطى بشكل رذاذ(SPRAY ) في الأنف مقابل ثمن محدد. يمكن ظهور ارتفاع خفيف في حرارة الجسم، ضعف ووهن، وحالة تشبه الأنفلونزا ولكن بشكل أخف. أكثر شيوعا بين الأطفال وخاصة الذين لم ياخذوا التطعيم في الماضي.
هذه الأعراض يمكن أن تستمر من 2-3 أيام، كذلك يمكن أن تظهر حالة من الحساسية خاصة اذا كان المريض حسّاس الى إحدى مركّبات التطعيم مثل بروتين البيض(بياض البيض). كذلك يمكن أن تظهر موضع التطعيم في اليد كالإحمرار،حرارة محلية، وتورم خفيف. فكل هذه المضاعفات نادرة جدا.
أعود وأكرر بأن التطعيم هو أفضل وسيلة للوقاية من العدوى وبالتأكيد الوقاية من المضاعفات.
.jpg)
**ما هو أفضل موعد لأخذ التطعيم ضد الانفلونزا؟ وماذا عن التطعيم ضد الإلتهاب الرئوي؟
عادة وزارة الصحة وصناديق المرضى يبادرون الى توزيع التطعيم واعطائه في أواخر شهر أيلول وأوائل شهر تشرين أول وتستمر الحملة حتى نهاية شهر كانون الأول. هذه أفضل فترة للتطعيم وأنصح الجميع التوجه الى صناديق المرضى لأخذ التطعيم.
أما بخصوص التطعيمات الأخرى فهنالك تطعيم ضد الإلتهاب الرئوي الجرثومي ويعطى مرة كل 5 سنوات لنفس المجموعة السكانية التي ذكرناها (مجانا).
** ما هي المضاعفات الخطيرة للأنفلونزا التي تحذر منها كل الوقت؟ وكيف يمكن التعرّف على ظهورها لدى مريض معيّن؟
المضاعفات عديدة وأهمها:
التهابات جرثومية ثانوية وخاصة التهاب رئوي جرثومي، التهاب الأذن الوسطى والعيون، وأحيانا التهاب السحايا.
فكما ذكرت مسار الأنفلونزا العادي هو ما بين 6-4 أيام، وبعدها يأخذ الوضع بالتحسن. أما في حالة عدم التحسن أي في حالة عدم هبوط حرارة الجسم بعد 3 ايام أو 4 أيام وارتفاعها أكثر، أو ظهور حالة وهن شديد، غيبوبة، ضيق تنفّس متزايد، تورّم في الساقين، انخفاض في التبوّل، يجب مراجعة أقرب مرجع صحي أو طبي.
** ما هي وسائل الوقاية من الأنفلونزا؟ وكيف يجب التصرف أثناء المرض؟
أهم وانجع سبيل للوقاية هي التطعيم المبكر، أما في حال العدوى لأحد أفراد العائلة. يجب أن يهتم المريض بالتزود بكمّامة لتغطية الأنف والفم خلال تواجده في البيت. ويجب عدم تقبيله أو احتضانه، المحافظة على نافذة أو باب مفتوح لتهوئة البيت أو الغرفة بشكل متواصل، لتخفيف تركيز الفيروس في جو البيت. الإكثار من تناول السوائل خاصة الساخنة وعصير الحمضيات. تناول العقاقير المضادة للحرارة المرتفعة والآلام والسعال. يجب الحفاظ على حرارة المنزل ما بين 22-24 درجة مئوية (الطقس بارد اوماطر). عدم الإقتراب من أجهزة التدفئة، تخفيف الملابس أثناء التواجد في المنزل بقدر المستطاع خاصة عند الأطفال والمسنين. وذلك لمساعدة أجسامهم في تنزيل درجة الحرارة المرتفعة وتمكين المريض من التنفس جيدا وبسهولة، لأن كثرة الملابس تصعّب على المريض التنفس.
.jpg)
المرضى المسنّون يجب أن يقللوا بقدر المستطاع اللجوء الى السرير والنوم والمفضل المشي في البيت من حين لآخر. لأن ذلك يمنع تراكم اللعاب في مجرى التنفس والرئتين وبالتالي ظهور التهاب رئوي أو ضيقة تنفس.
وفي هذه الحالة على أفراد العائلة اعطاء ضربات خفيفة على ظهر المسن وعلى صدره لكي نساعده بإخراج اللعاب والإفرازات من الجهاز التنفسي. ممنوع تناول مضادات حيوية (الأنتيبيوتيكا) دون استشارة طبيب. ويجب البقاء والراحة في البيت وعدم الخروج الى العمل أو المدرسة لأن ذلك يعرّض الآخرين للعدوى.
د.جورج غريب: طبيب عائلة ومدير عيادة طيرة الكرمل- خدمات الصحة العامة
أجرى اللقاء: رزق ساحوري




