صوم الأبرار

مراسل حيفا نت | 10/05/2019

صوم الأبرار

أيها الصائم الكريم تجهد نفسك بالامتناع عم المفطرات من أكل وشرب طاعة لله واستجابة للنداء الذي يوجه لك رب العزة بقوله ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وهذا أمر محمود عند الله وعند رسله وعند أهل الايمان . ولكن هل جال في خاطرك كيف يجب علي التعامل حتى أكن من أهل هذا النداء ( يا أيها الذين آمنوا ) ؟ ولتوضيح بعض معاني هذا النداء اسوق اليك جملة من أحاديث رسول الله التي تبين لنا هذه المواصفات والتي تتوافق مع روح رمضان . قال رسول الله ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ) أخي الكريم وأنت تعيش الايام الاولى من رمضان وتطلب بلوغ مرتبة التقوى هل تحب لأخيك الانسان على مختلف انتمائه ما تحبه لنفسك ؟ لأن الاخوة ثلاث منازل . أولها : اخوة الرحم .  وثانيها : أخوة الدين . وثالثها: أخوة الإنسانية . ( كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ) ويؤسفنا جدا أن نسمع أو أن نرى من يعادى اخوانه من هذه المنازل على شيء من الدنيا قليل ويترك الغاية العظيمة والمرتبة العالية عند الله . وفي الحديث الثاني قال وهو يقسم بالله للتأكيد والتشديد ( والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , والله لا يؤمن ,قالوا : من يا رسول الله , قال الذي لا يأمن جاره بوائقه ) ويفهم من ذلك ان المقبلين على الصيام من أهل الايمان يجب أن يكونوا سلما لجيرانهم لا يعتدون عليهم بأموالهم ولا بأعراضهم ولا بأنفسهم لأنهم وصية الله ووصية رسول الله . فإذا كان المعتدي لا يمكن أن يكون مؤمنا فإن المتسامح مع جيرانه المحب لهم من المؤمنين الذين يستحقون التكريم الرباني عند ارتقائهم الى منزلة التقوى , وحتى يتضح المقال نورد عليكم ما جاء عن رسول الله أنه أجاب للسائل يوما حين سأله فقال : يا رسول الله : إن فلانة من الناس تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدق بأموال كثيرة ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال رسول الله ( هي في النار ) وسأله آخر فقال : يا رسول الله إن فلانة من الناس تصوم رمضان وتصلي المكتوبات وتتصدق بالإقط ( اللبن المجفف )  ولكنها لا تؤذي جيرانها بلسانها . فقال ( هي في الجنة ) ويفهم من ذلك أن كف الأذى عن الجيران من الايمان الذي يرفع أهله درجات ومنازل في الدارين . وفي الحديث الثالث قال رسول الله ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )لان الكلمة إما أن ترتقي  بصاحبها درجات في الجنة إذا كانت في الخير  وإما أن تزل به سبعين خريفا فالنار إذا كانت بالشر . ولهذا كان سلفنا يتواصون بينهم عل حفظ اللسان لفهمهم مراد رسول الله فقال عمر بن الخطاب ناصحا للأحنف بن قيس ( يا أحنف من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه , ومن قل حياؤه قل ورعه , ومن قل ورعه مات قلبه ) وكان من كلام الأحنف ( الصمت أمان من تحريف اللفظ . وعصمة من زيغ المنطق , وسلامة من فضول القول , وهيبة لصاحبه ) وكل ذلك وأكثر من متطلبات الصيام قال رسول الله ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل , فإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صائم ) أي لا يتكلم الكلام الفاحش . ولا يفعل شيئا من أفعال الجهال مثل الصياح والشتم وفي رواية ( فلا يرفت ولا يجادل ) لأن الجدال مدعاة للحقد والعداوة . وفي رواية : فإن سابك أحد فقل : إني صائم وإن كنت قائما فاجلس )ومعنى الحديث أنه إذا تهيئ احدهم لقتالك فقل لنفسك ولمقاتلك أني صائم وأريد أن أكون سلما لك وتحرك حركة فيها الركون والسكينة وهي التحول من القيام الذي يكون مدعاة للشر والحركة الى الجلوس الذي هو مدعاة للسكينة وبذلك تحفظ نفسك وجوارحك من التعدي والظلم . قال جابر بن عبد الله : إذا صمت , فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة في صومك , ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء , وقال الشاعر :

إذا لم يكن في السمع مني تصاون   وفي بصري غض وفي منطقي صمت

فحظي إذا من صومي الجوع والظمأ  فإن قلت إني صمت يومي فما صمت

وبما أن الصوم طاعة لله واستجابة لرسول الله فلا بد من محبة رسول الله فوق كل شيء وذلك من كمال الإيمان قال رسول الله ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) لأن الرسول يدعو الى كل فضيلة وخير وقد رسم معالم الطريق التى فيها سعادة الناس في الدنيا والآخرة ولكن الأبناء والأهل قد يدفعون بالمرء الى معصية الله استجابة لمتطلباتهم وكما جاء في الحديث ( سيأتي على الناس زمان يكون فيه هلاك الرجل على يد أهله وعياله يعيرونه بالفقر فيدخل المداخل ) ولذا أختم بكلام الامام الغزالي وهو يصف الصوم فقال ( هو زكاة للنفس , ورياضة للجسم , وداع للبر , فهو للإنسان وقاية , وللجماعة صيانة , في جوع الجسم صفاء القلب , وإيقاذ القريحة , وإنفاذ البصيرة )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *