فؤاد سليمان – بعيد قريب

مراسل حيفا نت | 23/10/2010

عادت زوجتي من ورشه الرياضة التابعة للجامعة التي تدرس فيها، أعددت لها العشاء وجلسنا حول الطاولة وبدأت تحدثني عن أنها حين وصلت إلى قاعة الرياضة انتابها نوع من الـ"دي-جا-فو"، لكنها سرعان ما فكرت بأن هذا الشعور طبيعي لكونها كانت تتردد على نفس القاعة قبل حوالي سبعة أعوام. أنهينا الطعام وقمنا بتنظيف المائدة ثم ذهبت إلى غرفة النوم ووضعت الحاسوب على السرير واستلقيت بجانبه وبدأت بفحص البريد الإلكتروني. وقع نظري على خانه ظهر بجانبها أسم وسيم، ففهمت أن صديقي العزيز وسيم من القدس ينوي الدردشة.  بدأنا ندردش.  خبّرني أنه يمارس هواية بيع وشراء الجيتارات الكهربائية، لكن دون أن ألاحظ انتقلت إلى السؤال عما حدث في البلاد وخاصة عن الحِلفان بالولاء للدولة اليهودية والديمقراطية. قال لي: "ماذا تتوقع من ليبرمان وحلفاؤه".  بعد أن أنهينا الدردشة أحسست أنه بالرغم من أني الآن بعيد عن إسرائيل، إلا أني لا أزال أشعر بأني جزء مما يحدث فيها، فأهلي وأصدقائي وقراء زاويتي لا يزالون يعيشون في إسرائيل ويواجهون جنون سياستها إزاءهم وإزاء باقي أبناء شعبنا.

أغلقت البريد الالكتروني وفتحت الـ"فيسبوك" ووجدت أن هنالك اهتمامًا كبيرًا بأمرين: أحدهما هو أمكانية حِلفان الولاء للدولة اليهودية والديمقراطية والآخر هو أمكانية الترانسفير للأقلية الفلسطينيّة. بالنسبة لإمكانية الحلفان بالولاء وجدت في الفيسبوك فيديو مضحك للممثل الشاب حسن طه، يسخر فيه من إمكانية الحِلفان بالولاء. في كليب الفيديو يُلقي حسن مونولوجًا يتحدث فيه إلى الكاميرا بالعبرية، بلهجة روسية مضحكة، ويُنهي بالكلمتين: "دوله فاشية"، ثم يكرّر كلمة "فاشية" باللهجة الروسية. أما بالنسبة للحديث المستمر والتخطيط لعمليه ترانسفير، فقد وجدت الكثير من المقولات عن الموضوع وقررت أن أكتب في على "حائطي" شيئًا فكتبت: "أنا عملت لحالي ترانسفير طوعي". بعد أن مللت من الـ"فيسبوك" فتحت موقع هآرتس لكي "أتحتلن" عما يحدث في البلاد. كان هنالك خبر عن ضوء أخضر لمواصلة بناء المستوطنات وخبر عن مظاهرة كبيرة لليسار ضد إمكانية إمرار قانون الولاء، خطب فيها أعضاء الكنيست من الجبهة، محمد بركه ودوف حنين، كما وخطبت في المظاهرة الصحفيّة "ميراف ميخائيلي" وهذا كان مفاجأة سارة لي. أما الخبر الأخير الذي لفت انتباهي فكان عن وحشية رجال الشرطة، حيث ذكر الخبر أن مجموعة من رجال الشرطة درجوا على بدفع مبالغ قدرها مئة شاقل لعاملة نظافة كانت تعمل في محطة الشرطة، وذلك مقابل خدمات جنسيه! أغلقت الموقع من كثره الاشمئزاز وقلت لنفسي:" شو ها الشناعة، هاي هي شرطة إسرائيل".  أغلقت الحاسوب وأشعلت الراديو الألماني وبدأت أستمع إلى برنامج يُبث على الهواء. الحديث كان يدور عن إدماج الأجانب في المجتمع الألماني. فهمت ذلك لأن المتحدثين كانوا يقولون ويكررون كلمة "أنتيجراتسيون". استفسرت من زوجتي فأخبرتني أنهم يناقشون مكاسب ومخاسر استيعاب الأجانب في ألمانيا. سألتها مستفهمًا: "كل هذا لمجرد أني جيت على ألمانيا؟!!"، فضحكت وضحكت معها.  

 
وضعت ألبوم لفرقه "ولّعت" واستمعت للمغني خير فوده الذي كان يقول "في ناس ماخدينا جدّ،  وناس ببصلي بايعينا، وناس إلّي ما عندها حد،  وفي عالم ألله يعينا". قلت بيني وبين نفسي: "دولة إسرائيل تقع ضمن مجموعه الناس اللي ما عندها حد". انتابني شعور بالوحدة ثم تذكرت أننا سوف نلتقي في الغد بصديقة لزوجتي تدعى "بيجي" وأن صديقنا "يورجين" قد عزمنا يوم السبت إلى "كونسيرت" موسيقى كلاسيكيّة. "يورجين" هو صديق من أصل أرمني ويدرس في الجامعة عن حضارة وتاريخ الأرمن. أعددت لنفسي الشاي وأشعلت سيجارة وشعرت أنه بالرغم من بُعدي عن البلاد فسوف أبقى قريبًا بالنسبة لأهلي وأصحابي وقرائي الأعزاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *