.jpg)
أحد الآباء لصحيفة "حيفا": "أنا لا أتعدّى على حريّة إبنتي الشخصيّة، بل أحافظ على عدم التعدّي عليها شخصيًا" – مطانس فرح
قام مؤخرًا، العشرات من الأهالي في حيفا والمنطقة المجاورة – ونتيجة الأوضاع غير الآمنة وأحداث العنف والقتل والتحرّش الجنسي وتعاطي المخدّرات – باستئجار محقّق خاص أو أكثر، لمراقبة أولادهم وبناتهم (وخصوصًا المراهقين منهم)، لمعرفة تحرّكاتهم ومراقبة تصرّفاتهم والتأكد بأنهم لا يستعملون المخدرات، ولا يقومون بأعمال خارجة عن القانون، إضافة إلى التأكد من عدم تعرّضهم إلى أية مضايقات أو اعتداءات!
وتعتبر هذه الخطوة بمثابة ظاهرة جديدة نسبيًا في وسطنا العربي، حيث اعتاد سابقًا الأهل باتّباع خطوات أولادهم بأنفسهم أو الاستفسار من الأقارب أو الأصدقاء عن تصرفاتهم، إلاّ أن الأوضاع الأخيرة أقلقت بعض الأهالي الذين اضطروا أحيانًا إلى استئجار محققين، ليقوموا بمهمّة المراقبة، لأن وقتهم وأشغالهم الكثيرة لا تسمح لهم بمراقبة أولادهم بأنفسهم!
.jpg)
وفي حديث لي مع والد أحد الفتيات المراهقات العربيات، من منطقة الكرمل (الاسم محفوظ في ملف التحرير)، قال: "أما واثق كل الثقة من تصرّفات ابنتي، وأعطيها كامل الحريّة. ربّيتها أفضل تربية، والحمد لله لم تخيّب ظنّي حتى اليوم؛ ولكن يا أخي الأوضاع الحاليّة لا تطمئن، ولا تبشّر بالخير للأسف.. أنت تسمع مثلي عن عشرات أحداث العنف والاعتداءات اليوميّة، عدا عن الإغراءات الكثيرة المتوفّرة اليوم بين أيادي المراهقين، من سموم، إن كانت حبوب الإكستازي أو حشيش الماريخوانا.. وغيرها؛ لذا فضّلت – وللتأكد من عدم تعرّض ابنتي لمثل هذه الإغراءات أو لاعتداء ما – باستئجار محقّق خاص، في حالات ومناسبات خاصّة، لمراقبتها والحفاظ عليها.."!
سألته: "ألا تعتقد أن ما تقوم به هو تعدِّ على الحريّة الشخصيّة"؟
فأجاب مبتسمًا: "إن ما أقوم به هو أكبر من ذلك؛ أنا لا أتعدّى على حريّة ابنتي الشخصيّة، بل أحافظ على عدم التعدّي عليها شخصيًا".
وأضاف: "من واجب كل أب وأم مراقبة تصرّفات أبنائهم وبناتهم، ومتابعة تحرّكاتهم، والتأكّد من عدم حصول أي تغيير في تصرّفاتهم أو عاداتهم، حفاظًا منهما على أولادهم وبناتهم من الضياع".
وبعد أن استطعت الوصول إلى إحدى الأمهات (الاسم محفوظ في ملف التحرير)، والتي قامت بدورها بإرسال إحدى صديقاتها لمراقبة ابنها في إحدى الحفلات الليليّة، مستفسرًا عمّا دعاها لعمل ذلك، قالت: "أنا لست ميسورة الحال، ولا أستطيع أن أقوم باستئجار محقّق لمراقبة إبني، فلديّ صديقة مقرّبة تساعدني في حالات خاصّة عندما أريد أن أتأكّد من أن إبني وحيدي في مأمن؛ فأنا أخاف عليه من نسمة الهواء.. وبالطبع لا علم لديه بذلك، فأنا أقوم بذلك خوفًا وقلقًا عليه".
وأضافت: "إنّ ما أقوم به يضمن لي عدم تعاطيه للمخدرات أو شربه للكحول.. فالمغريات كثيرة"!
شعرة واحدة تفصل بين تعدّينا على الحريّة الشخصيّة، وبين قلقنا وحبنا الزائد لأولادنا!




