العقيد نبيل عيساوي في لقاء مع صحيفة حيفا وموقع حيفانت: سرعة + كحول= موت محتّم – أجرى اللقاء رزق ساحوري

مراسل حيفا نت | 12/09/2010

أجرت صحيفة «حيفا» مقابلة حصريّة مع «الليفتنت كولونيل»، العقيد نبيل عيساوي، صاحب الباع الطويل في موضوع حوادث السير وكيفيّة منعها، والتي تقضّ مضجع كل بيت وكل عائلة. هذه الآفة تحصد مئات بل آلاف الأرواح تاركةً وراءَها جرحى، أيتام، أرامل، ضحايا، وآلام على فقدان الأعزاء، في حرب شوارع لن تنتهي إلا إذا غيّر الإنسان من سلوكه وتصرفاته في الشارع، لأن العامل الأساسي في مقتل الأبرياء في حوادث السير حسب الدراسات والإحصائيات هو العامل الإنساني (البشري)، ذلك السائق الذي يجلس وراء المقود. فهذه المركبة التي تقلّنا وتسهّل علينا أمور الحياة هي في الحقيقة آلة قاتلة، في حال عدم معرفة استخدامها وعدم التقيّد بقوانين وقواعد السير والمرور.
الضابط نبيل عيساوي خرج إلى التقاعد بعد مشوار طويل وخبرة في أخطر آلة قاتلة في شوارعنا، ألا وهي المركبة. فقد عاين في حياته آلاف حوادث السير، منها المئات من الحوادث المروّعة والقاتلة، وللأسف الشديد نسبة القتلى والجرحى من الوسط العربي مرتفعة جدًا.
سنلقي الضوء مع الضابط عيساوي على أمور عدّة، مستفيدين من خبرته.. وقد خصّنا في أول لقاء صحفي له منذ خروجه إلى التقاعد في شهر شباط 2010، فكان لنا معه هذا الحوار.

  بدايةً، كيف استطعت الحفاظ على لغتك العربية خلال كل هذه السنوات، رغم ممارستك العبرية باستمرار؟
يمكنني أن أتحدث بالفصحى أو العامية، فأنا خريج مدرسة «الكرمليت» الأهليّة عام 1973، فكنت في أول فوج ثانوية. وللأسف بعد أشهر نشبت حرب الـ 73. وأعتقد أن كل طالب عربي ينهي دراسته من المفروض أن يحافظ على لغته، أنا أجيد اللغتين العبرية والإنچليزية أيضًا. فكل لغة لا تستخدمها ستنساها، لذا فالكتاب أعزّ صديق. أكملت دراستي الجامعيّة وحصلت على شهادة في تاريخ الشرق الأوسط  والعلوم العامّة من جامعة حيفا. 

 كيف، ولماذا انضمّ نبيل عيساوي إلى سلك الشرطة؟
فلنبدأ في السنة الأخيرة، حيث كنت مسؤولاً عن شرطة الدوريّات والعمليّات في لواء الشمال، حتى خرجت إلى التقاعد رسميًا في 2010/2/1. فحسب القانون يمكن لمَن يعمل في سلك الشرطة الخروج إلى التقاعد في جيل الـ 55، واليوم رفعوا سنّ التقاعد إلى الـ 57، فخرجت إلى التقاعد وأنا أحمل خبرة 34 عامًا.
دخلتُ سلك الشرطة في عام 1976، وانضممت إلى شرطة الدوريّات في منطقة تل أبيب قرابة 3 سنوات، ثم قمت بعدّة دورات تدريبيّة، ووصلت إلى درجة شاويش؛ وبعدها علّمت في مدرسة الشرطة في شفاعمرو الشرطيين المبتدئين لعدّة أعوام، فتمّ نقلي إلى الشمال، وبعدها بدأت العمل في شرطة حيفا. كانت حينها حيفا تابعة لشرطة لواء حيفا، ولم يكن في حيفا محطة، وعملت في سلك الدوريات والعمليات حتى عام 1985.
تمّ نقلي إلى تعليم دورات ضبّاط في مدرسة شفاعمرو، ثمّ عدت إلى منطقة لواء حيفا وعملت مسؤولاً عن مكتب الخضيرة عن الدوريّات والعمليات. وبعد نحو 3 سنوات تم نقلي مجددًا إلى حيفا، وكنت مسؤولاً عن الدوريات في حيفا.
في عام 1998 تمّ تعييني في شرطة السير في لواء حيفا (اليوم لواء الساحل) فكنت مسؤولاً عن الدوريات. وفي عام  2001 عيّنت ضابط شرطة السير في الشمال، والتي تشمل مناطق الخضيرة حتى هضبة الجولان. 

   أين ترى نفسك، كضابط شرطة الدوريات أم في شرطة السير؟
كل عمل قمت به أتقنته، وعملت فيه من أعماق قلبي بصورة مهنيّة وكنت أشعر بالسرور في أي عمل أقوم به.

 هل هناك إقبال من قبل الشباب العرب على العمل في شرطة السير؟
قبل أن أجيب علينا أن نعرف بأن شرطة السير تنقسم إلى قسمين: فهناك شرطة السير القطريّة ما بين المدن، والشرطة المسؤولة عن السير داخل المدن.
الكثير من العرب يخدمون في شرطة السير، يقدّمون الخدمات للجمهور العربي على جميع المستويات داخل وخارج المدن.
أما في حيفا فهناك العديد في شرطة السير من العرب، وهناك العديد من العرب من داخل وخارج حيفا خبراء سير يعاينون حوادث السير ويقدمون التقارير عن أسباب وقوع الحادث.

 ما هي شروط الانضمام إلى شرطة المرور؟
يجب التسجيل إلى سلك الشرطة كشرطة عامّة، وعلى المنضمّ أن يتزوّد بشهادة «بچروت» كحدّ أدنى، ومن المحبذ أن تكون لديه شهادة جامعيّة. وفي مراحل معيّنة يتعلّم مفاهيم أوليّة، ويتقدّم إلى دورة بسيطة، وبعدها يعمل في قسم الدوريات. وهكذا يتعلّم الشرطي، قوانين السير، وكيفيّة التعامل مع الجمهور. ثمّ يمرّ بدورة شرطي في شفاعمرو وحينها يمكنه أن يتقدّم، ويتّجه إلى الفرع الذي أحبه أو يتوجّه بحسب حاجة الشرطة؛ فيمكنه أن يكون شرطي دوريات، أو دورة تحقيق، أو شرطي سير، أو محقّق في حوادث السير، أو أي فرع آخر له علاقة بشرطة السير.
  ما هو هدف شرطة السير؟
تقديم الخدمة للجمهور، وتوجيه حركة السير، وتخفيف الازدحامات. ففي عصر التكنولوجيا والكاميرات يمكن لأي شرطي أو مهندس أو موظف بلدية تنـظيم الاختناقات المروريّة بكبسة زر، والتحكّم بحركة السير. ومع هذا تقوم شرطة السير في حال الازدحامات الشديدة بتقديم الخدمات وتحرير مخالفات للسائقين المخالفين. فالبلديات تحرّر مخالفات ضد السيّارات التي تقف في أماكن ممنوعة ومن دون بطاقة. أما شرطة السير القطريّة والمحليّة، فتقوم بتحرير مخالفات خطيرة وقوانين سير، منها: إشارة ضوئية، سرعة، عدم إعطاء حق أولوية. وهناك قسم ثالث، وهو قسم التحقيق في الشرطة إذ يقوم محققو حوادث السير، بالتحقيق بأسبابها، ونتائجها، داخل أو خارج المدينة.
والقسم الرابع، هو قسم الهندسة. فهناك مهندسو سير، عربًا ويهودًا، مسؤولون ويشاركون في جلسات البلدية والمجالس المحلية، ويبدون آرائهم حول خطّة السير المحلية مع العلم أن رئيس البلدية أو المجلس هو رئيس لجنة السير المحلية. حتى أن دائرة الأشغال تستشير الشرطة ومهندس الشرطة مثلاً في حال وضع إشارة ضوئية أو تغيير في مسار أو فتح شارع، فمهندس الشرطة يقدم التقارير والتعليمات.
وهناك قسم لاستقبال شكاوى الجماهير والاعتراضات على المخالفات قبل التوجه إلى المحكمة. شرطة السير ديناميكية تتقدّم بسرعة فهناك مركز الكاميرات واستعمال الحاسوب، إلاّ أنه لا يمكن الاستغناء عن الإنسان.
والقسم الأخير هو الإدعاء العام (النيابة العامة)، وهم محامون مختصّون في حوادث السير والمخالفات.

 هل تُعتبر كل مخالفة سير مخالفة جنائية؟
نعم. كل مخالفة هي مخالفة جنائية، حتى مخالفة السير، إلاّ أن القانون يفرّق بين المخالفات الجنائية ومخالفات السير. في محكمة السير (الصلح) هناك فرق بين مخالفة السير والمخالفات الجنائية.

 لقد خدمت في شرطة السير فترة 11 عامًا.. هل شعرت بأنك أتممت عملك أم أن هناك أهدافًا لم تحققها؟
خرجت مشبعًا من وظيفتي، وراضيًا عن النجاح الذي حققته، ووصولي إلى سنّ التقاعد باحترام وبنجاح. ونقل الوظيفة بشكل منظّم للذي يأتي بعدي ويمكنني إعطاء النصائح.

 ما هي ثقافة السير؟ وهل يحافظ العرب على هذه الثقافة؟
أعتقد بأن هناك مشكلة كبيرة في الوعي والتصرّفات على الشارع، خاصةً في القرى والمدن العربية. حاولت المساعدة خلال جلسات مع رؤساء مجالس وسلطات محليّة، ومع الأسف لم يجدِ نفعًا.. فيجب أن تكون هنالك استمرارية لتوعية شبابنا والأهل من جيل الصفر. كما أن الإعلام لا يواكب حملات التوعية، يأتي فقط عند وقوع الحادث يصورون ويكتبون، وهذا لا يكفي، يجب التوعية على مدار السنة.
التوعية تبدأ في البيوت والمدارس والشوارع، يجب أن نشترك ونعمل معًا من أجل التقليل من حوادث السير الآخذة بالازدياد. هناك حوادث يجب أن نمنعها، كحوادث «حاكورة البيت»، فالعديد من الأشخاص يصعدون إلى المركبة في منطقة سكنهم، يدهسون طفلاً أو واحدًا من أفراد العائلة، لذا فلو قام هذا السائق أو السائقة بإبعاد الأطفال تجنّب بذلك الحادث.
  كيف تقضي وقتك اليوم؟
قرّرت أن أحصل على قسط من  الراحة، وابتداءً من الأول من أيلول 2010، يمكنني أن أقبل أي عرض للعمل، مثل: التربية المروريّة والتثقيف المروري، وتقديم محاضرات في المدارس والمراكز الجماهيرية. فمع بداية السنة الدراسيّة أنا مستعدّ لدراسة كل عرض.

 هل تُطبّق التربية المروريّة في المدارس؟
هناك ساعات معينة يقدمها معلمون في موضوع التربية المروريّة، من قبل وزارة المعارف. ويمكنني تلبية طلب المدارس بهذا الخصوص أو غيره، خاصةً في الوسط العربي.

 رافقت زيارة البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتوس الـسادس عشر. كيف، ولماذا تمّ اختيارك كمنسّق للزيارة، وهل سنحت لك الفرصة بلقاء البابا؟
في عام 1998 استلمت  وظيفة شرطة السير في لواء الساحل، ونتيجة للوظيفة طُلب مني من شرطة الشمال المساعدة في تنظيم زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني إلى جبل التطويبات في طبريا عام 2000. فوصلنا ليلة زيارة البابا إلى منطقة طبريا، وحضّرنا لاستقبال الجمهور، حيث وصلت ألوف الباصات، وكان هنالك نحو 100  ألف زائر منذ منتصف الليل. كان الترتيب منظّمًا، والجمهور كان منصاعًا ومنظمًا وحتى ساعات الصباح وصل أيضًا عشرات الألوف إلى جبل التطويبات، فعملت على مدار 12 ساعة، وفي الصباح وصل البابا يوحنا بولس الثاني والتقى بمئات آلاف الجماهير. ونتيجة أحوال الطقس والشتاء، تلطّخت ملابسي وكنت تعبًا، فلم ألتقُ بالبابا، وشاهدت الحدث والقدّاس عبر التلفزيون. لقد كان حدثًا تاريخيًا ولكني للأسف لم ألتق قداسة  البابا وجهًا لوجه. 
أما في زيارة قداسة البابا بندكتوس الـ 16 في شهر أيار من العام الماضي (2009)، فقد عملت ضابطًا للدوريات والعمليات في شرطة الشمال. وقد حالفني الحظ  العمل مع 3 ضباط  لي معرفة سابقة معهم وزمالة حيث عُينا مسؤولين عن زيارة البابا الى جبل القفزة،  فاجتمعنا وبدأنا التحضير وكنت مسؤولاً عن العلاقات الخارجية، والتنسيق ما بين طاقم الشرطة والجهات الحكوميّة والفاتيكان. عمل الجميع بالتحضير لزيارة البابا قبل أشهر، من: بلدية الناصرة والشرطة والحكومة سويةً. كانت الزيارة مؤثرة وتمّت على أفضل وجه، حتّى أن شخصًا واحدًا لم يصب بأذى.
التقيت البابا بندكتوس مرتين، الأولى: حين وصل جبل القفزة فكنت من المستقبلين، والثانية: حين غادر، فقدّمني المسؤول من جهة البابا ومنسّق العلاقات قبيل صعوده إلى المروحية، فلاقيته وجهًا إلى وجه، وتحدثنا لدقائق معدودات.

 لِمَ نسبة حوادث الطرق عند العرب أعلى؟
نسبة السائقين العرب بالإجمال في الدولة تصل إلى 15%، بينما نسبة السائقين العرب المتورطين في حوادث سير قاتلة تصل بالإجمال 25% من عدد المتورّطين الكلّي في البلاد! وهذا يتعدّى بكثير الضوء الأحمر! هناك تصرفات مغلوطة وعدم مسؤوليّة وقلّة وعي. فإذا غيرنا تصرفاتنا ولو بنسبة 1% سنساهم في تحسين الوضع وخفض نسبة حوادث الطرق.
نحن نتساءَل: لماذا عندما يجلس الشاب العربي وراء المقود يشعر وكأنه يملك الشارع؟! فالتوعية يجب أن تبدأ من البيت. مثلاً: على الأهل الاهتمام بوضع الطفل في الكرسي الخاص، ووضع الحزام؛ يُمنع وضع الطفل في الحضن خلال السواقة. فالطفل غير المحزَّم، في حال وقوع حادث، يمكنه أن يرتطم بالزجاج الأمامي، وهذا الارتطام بمثابة ضربة بمقدار 40 ضعفًا من وزنه  وتكون قاتلة.
على الأهل أن يكونوا قدوة لأولادهم. يجب التقيّد بجميع قوانين السير وعدم إهمال الموضوع من قبل الأهل، والعمل على التربية الصحيحة. فنحن كأهل، ومعلمين، وصحافة، ورجال شرطة، وبلدية، وسلطة محلية، حتّى على مستوى الدولة، علينا أن نشترك لإصلاح الحال، والتجنّد لمنع وقوع حوادث الطرق.
لا يمكن القول بأن الحادث وقع بسبب وضع الشارع المزري، ولكن علينا أن نلائم طريقة تصرّفنا للبنية التحتيّة.

 لماذا يغيّر السائق العربي من تصرفاته في الشارع، عند تواجده خارج حارته أو بلده؟
تصرّفات السائق العربي تتغيّر خارج بلده، وخاصة في المناطق اليهودية، على الأغلب للتفاخر والتباهي! لذا يجب أن نبقى على نفس التصرّف، بوضع حزام الأمان والانتباه والتقيّد بقوانين السير. المشكلة في تصرفاتنا وتفكيرنا، وهذا التغيير يجب أن يأتي من البيت، والعائلة، والمدرسة، والحارة، وبعدها يمكننا أن نطلب من الدولة إصلاح وترميم البنى التحتيّة والشوارع.

 وماذا عن السائق الحيفاوي العربي؛ هل يختلف عن غيره من السائقين العرب؟
في حيفا، ورغم أنها مدينة مختلطة، نلاحظ تأثر تصرفات السائق العربي داخل الأحياء العربية كما لو كان داخل قرية، وعند خروجه من الحي العربي تتغير تصرفاته، إلاّ أنه لا شكّ بأنّ تصرفاته أفضل من تصرفات السائق العربي في القرية أو المدينة العربية.
والجدير ذكره أنه في حيفا وقعت حوادث مروّعة في السنوات الأخيرة، حيث راح ضحية الحوادث عدد من الشباب والصبايا. لا يمكننا القول بأن الحادث قضاء وقدر، كان بالإمكان منع هذه الحوادث. فقد وقعت في حيفا حوادث طرق مروّعة، على الرغم من أن البنية التحتية أفضل من أماكن أخرى. وقعت هذه الحوادث بسبب التصرّف الطائش للشاب العربي، والسرعة الهائلة، وإهمال الأهل.

 هل هناك حادث طرق مروّع ترك أثره عليك بشكل خاص وما زلت تذكره؟
شاهدت آلاف الحوادث في السنوات العشر الأخيرة حيث كنت ضابط شرطة السير في الشمال، وعالجت أكثر من ألف ملف حادث سير قاتل! نتحدّث عن أعداد كبيرة من القتلى والضحايا، فالقتيل الواحد هو عائلة بأكملها. وللأسف غالبية الضحايا من الوسط العربي.
كل حادث طرق وقع في حيفا بين المواطنين العرب، وراح ضحيته شباب ما زلت أذكره. لن أنسى أصعب اللحظات عندما نقوم بإبلاغ الأهل بفقدان ابنهم أو ابنتهم. أما بالنسبة للحوادث التي وقعت خارج حيفا، فلن أنسى الحادث الذي وقع في شارع عبلين – «مسجاف»، بين سيارة خصوصيّة وشاحنة، حيث انحرفت السيّارة التي استقلها شباب عرب، وانزلقت تحت الشاحنة وخرجت من الجهة الأخرى؛ فأصيب سائق الشاحنة بصدمة عصبية، تمّ نقله على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج. ولم نعرف عدد القتلى، إلى أن وصلت قوات الإسعاف والإطفاء التي قامت بقص السيارة، حتى عرفنا عدد الأشخاص الذين كانوا داخل السيارة.
ولكن أًصعب اللحظات وأكثرها تأثيرًا، حين يصل الأهل موقع الحادث.. فأذكر حادثًا في عيلوط، حيث قتل فيه شابان، وخلال دقائق وصل الأهل، وكم كان صعبًا إخبارهم بأن مصيبة قد حلّت بهم، وفقدوا أغلى ما في الحياة.
 هل تعتقد بأنّ قوانين السير والدورات الملزمة للسائق رادعة؟
القانون في إسرائيل، مؤخرًا، أصبح رادعًا، أما الدورات فهي للتوعية. فمثلاً: السائق الثمل/السكران (نسبته بين السائقين الشباب مرتفعة ومتورّط في حوادث طرق مروّعة وقاتلة) يمكن مصادرة مركبته لـ 30 يومًا، وسحب رخصة قيادته لمدة 30 يومًا أيضًا، وغرامة ماليّة باهظة، وقد تصل إلى سجن فعلي لعامين مع سحب رخصة القيادة! يأتي هذا القانون لردع الشباب من تناول الكحول قبل القيادة.
ففي أمريكا، مثلاً، ساهم هذا القانون في هبوط نسبة حوادث الطرق من قبل السائق الثمل؛ أم في الوسط العربي لدينا فهنالك إهمال وتجاهل. فلماذا عندما نكون معًا في سهرة ويتناول فيها السائق الكحول نسمح له بالسواقة؟ على أحد الأصدقاء أو الزوجة سياقة السيارة، لنمنع حادث الطرق القادم.

 ما هي أخطر حوادث السير؟
حوادث القطار، الباص (الحافلة)، والشاحنات، فهي صعبة وغالبًا عدد الجرحى أكبر. الحوادث التي تقع على ممرّ المشاة خطيرة كذلك، ويأتي بسبب عدم توعية الطفل لكيفيّة التصرف في الشارع، فالحوادث تتعلّق بالتصرفات الطائشة للسائقين الشباب..  كل حادث يعتبر صعبًا، ونتائجه مؤلمة وقد يخلّف جرحى وقتلى ومعاناة.
سرعة + كحول = قتل.

 هل تؤيد حصول الشبيبة على رخصة قيادة في جيل مبكّر؟
لا يوجد أي مانع للحصول على رخصة قيادة في جيل 17 عامًا، فهنالك وعي لدى غالبية الشباب اليوم، فنحن نرى الشاب خلال سنوات قليلة يصبح محاميًا أو طبيبًا أو حتّى قائد طيّارة، وهذه قمّة الوعي والمسؤوليّة.

 كلمة ختامية..
يمكننا أن نمنع الحادث القادم من خلال تحسين تصرفاتنا في الشوارع.

 

يُستدل من المعطيات الرسمية لسلطة الأمانة على الطرق أنه طرأ انخفاض بنسبة 21% في عدد القتلى نتيجة حوادث الطرق في العام المنصرم (2009) مقارنةً مع 2008. فحسب المعطيات قتل في شوارع البلاد العام المنصرم 347 شخصًا مقابل 443 شخصًا في عام 2008. كما طرأ انخفاض في عدد قتلى حوادث الطرق من الوسط العربي، إذ بلغ عدد القتلى العرب عام 2009، 132 قتيلاً مقابل 156 قتيلاً في عام 2008.
وتفيد جمعية «أور يروك» (ضوء أخضر) أن 80% من الأطفال الذين يتعرّضون لحوادث الطرق هم من غير اليهود. فعدد الأطفال الغير يهود الذين يلقون حتفهم جراء حوادث الطرق يفوق 8 أضعاف الأطفال من الوسط اليهودي، ممّا يدل على نقص وخلل في البنية التحتية للبلدان غير اليهودية، وعدم الوعي الكافي.
فعلى الرغم من أن الأطفال غير اليهود هم أقليّة لا تتعدّى الـ 30% من عدد السكان، إلاّ أن نسبة ضحايا حوادث الطرق تصل إلى 8 أضعاف الأطفال اليهود!
ومما نشرته جمعية «ضوء أخضر»، والتي تحارب حوادث الطرق في الوسطين اليهودي والعربي داخل البلاد، معطيات تبرز في شكل مقلق نسبة القتلى العرب التي تراوح بين 35% و37% من مجمل الضحايا، أي ما يزيد بنسبة 17% تقريبًا عن نسبة العرب من مجمل السكان في البلاد، وتتزايد نسبة ضحايا حوادث الطرق العرب في مجال الإصابات بجروح خطيرة جراء حوادث السير لتصل إلى 41%.
لكن ما يضاعف القلق إزاء هذه المعطيات هو نسبة الشبان العرب الذين دفعوا بأرواحهم ثمنًا لحرب الشوارع التي بلغ عدد ضحاياها 30 ألفاً منذ عام 1948؛ ويستدل من هذه المعطيات أن القتلى العرب الذين تراوح أعمارهم بين (صفر) و19 عامًا، تصل إلى 78% من مجموع القتلى.
وتؤكد جمعية «ضوء أخضر» بأن المسبّبات الأساسية لازدياد حوادث الطرق في المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد، تكمن في البنى التحتيّة المتدنّية للشوارع في البلدات العربية، وانعدام الإضاءة وغياب الفصل بين المناطق المعدّة لسير المركبات وتلك المخصّصة للمشاة، إضافة إلى النسبة الكبيرة للشاحنات، وقلّة الإرشاد للسائقين والمشاة، واستهتار السائقين والمشاة، وخصوصًا الشباب، بقوانين السير والحذر على الطرق، وكذلك القيادة الخطرة والطائشة للشبان في ساعات الليل، وتحت تأثير الكحول.

وتضيف الجمعية إلى هذه المسببات كلها، مسببًا أساسيًا يرتبط بتدنّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العربي الفلسطيني داخل البلاد، ما يجعل نسبة كبيرة من السائقين العرب يستخدمون سيارات قديمة، لا تتم صيانتها في الشكل المطلوب.
كما تشير إحصائيات الهيئة العامة للأمان على الطرق، إلى أن «مذابح الشوارع» تحصد سنويًا أكثر من 500 ضحية، ونحو ثلاثة آلاف جريح، جراح غالبيتهم بالغة، كما ويحال إلى المستشفيات، نتيجة الحوادث، أكثر من 25 ألف مصاب!
أما الخسائر الاقتصادية التي تتسبب بها هذه الحوادث فتبلغ 12.6 مليار شيكل سنويًا. أما معطيات الشركة الوطنية للطرق في إسرائيل، فتبيّن أن تكلفة ضحية واحدة لحوادث السير تكلف الدولة 4.5 مليون شيكل، بينما تبلغ تكلفة جريح واحد من النوع الصعب المليون شيكل. ممّا لاشك فيه أن الخسائر المادية مهما بلغت لا يمكن أن تُقاس بالخسارة الأكبر والأكثر مأساوية، وهي ألم الفقدان والموت والمعاناة، التي تُصاحب الأهل والأقارب والأصدقاء، وتترك حرقة وبصمة دامغة عميقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *