اختلف تقليدان حول مكان انتقال والدة الإله إلى الأمجاد السماوية، هل حصلَ في المدينة المقدسة أم في أفسس (اليوم في تركيا). ولكن الاتفاق تام على العقيدة أي أن جسدها الطاهر الذي حمل مخلّص العالم، الكلمة المتجسد، ما ذاق بلاء الجثث الذي يُبتلى به البشر كإحدى عواقب الخطيئة وحدود الخليقة. وان اختلف التعبير عن هذه العقيدة – أو اعترض قوم على الكنيسة الكاثوليكية لأنها أعلنتها سنة 1954، غير أن الكنائس العريقة متّفقة على نقل الجسد العذري لام السيد المسيح إلى جوار ابنها الإلهي.

ونحن في القدس وسائر فلسطين -وان كنّا نحترم التقليد الذي يشير إلى أفسس- نعود إلى الحجارة المقدسة التي ليست أطلالاً نبكي عليها بل إشارات لمرور الرب وشهود صامتة ثابتة كالصخر في الصخر! وفي القرن الثاني الميلادي وثيقة عنوانها "نقل الطوباوية مريم البتول". وان لم تكن قانونية ملهمة موحى بها غير أنها توحي بالعقيدة السائدة، ويثبّتها قبر للسيدة العذراء فارغ، في كنيسة "سيدتنا مريم". في النص السرياني حول "نياحة السيدة" البتول يقرأ المرء وصفاً للمكان مطابقاً للموقع بقرب بستان الزيتون: "خذوا جثمان السيدة مريم واخرجوا خارج أورشالم إلى أول الوادي بعد جبل الزيتون. هنالك ثلاث مغائر…". وفي القرن السابع يشير مار صفرونيوس (+ 638) بطريرك القدس إلى "الصخرة التي استراحت عليها والدة الفادي قُبَيل وفاتها".
أسس هذه العقيدة الراسخة التي لم يذكرها العهد الجديد – موجودة في الوصية الرابعة: "أكرم أباك وأمّك": نقل الوالدة إلى الأمجاد السماوية نفساً وجسداً احترام من الابن يسوع لأمّه المحبّة المحبوبة وإكرام منه – له المجد – للجسد الطاهر الذي حمله جنيناً. ومع أن نص المزمور السادس عشر (15) الآية 10 – يعلن أن الرب "لا يدع قدّوسه أو وليّه يرى فساداً" – والقدّوس المقصود هو يسوع، يمكن لتقوانا، بشكل خشوعي غير علمي، أن توسّع الإنعام فيشمل السيدة البتول كاملة القداسة المنزهة عن كل عيب، بحيث أن المباركة في النساء – المتألقة بينهن تألق "السوسن بين الشوك" – التي ما عرفت فساد الخطيئة – ما عرفت فساد الضريح. فهي السيدة الجميلة الاثيلة "الملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر" (عن رؤيا 12: 1)، إنها "أم النور" – كما تسمّيها تقوانا العربية – التي لا يُمكن أن تقبع في ظلمة القبور.




