غنيّ عن القول أن عنصريّة الشرطة ليست إلا وجها من الأوجه العديدة لسياسة الدولة ضد مواطنيها العرب. لقد يئست من الخوف من الشرطة، وهو خوف يلازمني على مدى حياتي، حتّى أني أحيانًا أتمنى أن أعيش في دولة مثل انجلترا، حيث تفهم الشرطة أن واجباتها تشمل مساعدة المواطن وليس الاعتداء عليه، هذا بعكس شرطة إسرائيل التي تستحقّ لقب دكتوراه على خبرتها في قمع وإذلال المواطن العربي.
بالإمكان تشبيه الشارع الإسرائيلي بالغابة، حيث يسيطر الخوف من الحيوانات القويّة والمفترسة. على المجتمع الحضاري أن يتجاوز هذه الحالة، فأنا لا أريد أن أسير في شوارع تحكمها قوانين الغاب وتقوم فيها مجموعة من الناس، ممن يلبسون الأزرق ويحملون أجهزة القتل، بملاحقة المواطنين العزّل. لقد تعرفنا على وحشيّة الشرطة في تعاملها مع العرب خلال أحداث أكتوبر، كما وفي مرات عديدة اعتدت فيها الشرطة بقسوة غير مبررة على مواطنين عرب. وفي الحقيقة، فإن وضعنا لا يختلف كثيرًا عن وضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة، فبدلا من الجيش، لدينا الشرطة التي تحوم في الحارات باحثة عن ضحية لعنفها الغير مبرّر، تماما مثلما تبحث الحيوانات المفترسة عن حيوان ضعيف لتفترسه. هذه الأوضاع جعلتني، مثل الكثير غيري، أكره الشرطة وأكره حتى اللون الأزرق!.
حين فتحت الحاسوب قبل فترة، قرأت في ال"فيس-بوك" عن اجتماع شعبي ضد عنف الشرطة في تعاملها مع سكان حيّ "مسادا" في حيفا. إنها مبادرة حسنة، إذ علينا أن لا نسكت على سياسة القمع التي تنفذها الشرطة وأن نُسمع صرخة مجلجلة ضدها. يجب وضع منفذي هذه السياسة أخلاقيًَا في الزاوية وإفهامهم أننا مواطنون ذوو حقوق وأن عليهم أن يوقفوا مسلسل القمع والاضطهاد وأن يعاملونا باحترام كما يليق ببني البشر.