احتفاليّة يوم المعلّم والمربي العربي الحيفاويّ
نايف خوري
تصوير: وائل عوض
نظّمت جمعيّة التّطوير الاجتماعي في حيفا ولجان أولياء الأمور في المدارس العربيّة ومجالس الطّلّاب احتفاليّة يوم المعلّم والمربّي العربي الحيفاوي، وذلك يوم الثّلاثاء الفائت في مسرح “الميدان”، بحضور حشد كبير من رجالات التّربية والتّعليم سابقًا وحاضرًا. وتأتي هذه الاحتفاليّة تقديرًا لعطاء المعلّمين وتضحياتهم في البناء الاجتماعيّ عبر المسيرة التّربويّة.
افتتحت الأمسيّة التي تولّت عرافتها فيحاء عوض، مركّزة الفعّاليّات التّربويّة في جمعيّة التّطوير الاجتماعي، بكلمة قالت فيها: ” قيل إنّ الأوطان تقوم على كاهل ثلاثة: فلاّح يغذّيه، جندي يحميه ومعلّم يربّيه. كما قيل: يا أيّها المعلّم الزّارع الأغراس في وطني قد سابقت في العُلا أغراسك الشُهُبا”.
نلتقي اليوم تحت سقف واحد من كافّة شرائح مجتمعنا الحيفاوي، وأطيافه وفئاته المختلفة، تلبيةً لنداء الواجب لتكريم المعطائين من أبناء وبنات المجتمع معلّمين ومربّين في مدارسنا العربيّة في مدينتنا الحبيبة حيفا.
ومضت تقول: “يحدث في خضّم الحياة وزحمتها أن ننسى موعدًا أو قضيّة أو أحدًا ما، لكن لئلّا تنسينا مشاغل الحياة ما ينبغي أن نتذكّره، استحدثنا في جمعيّة التّطوير الاجتماعي احتفاليّة المعلّم موعدًا لنا جميعًا. كي نتذكّر المعلّم والمربّي، وما تصنعه يداه يوميًّا في مضمار تربية أولادنا وتنشئتهم وتهيئتهم للحياة.
وها نحن نحني هاماتنا احترامًا لكم أيّها المعلّمون والمربّون، وفي هذه المناسبة التي نخصّصها للإعلان عن تقديرنا لتضحياتكم على مدار السّنة، ونؤكّد من هذا المنبر وعينا التّام لعطائكم المتجدّد في كلّ يوم، لعمليّة البناء الاجتماعيّ عبر المسيرة التربويّة. وكونكم السّراج الذي يستضيء به الجيل الجديد، فأنتم سَدَنة هيكل التربية وركيزة عمليّة التنشئة، ونحن مدينون لكم على ما تقدّمونه”.
ثمّ تحدّثت المحامية جمانة اغباريّة – همّام، التي انتخبت لرئاسة الجمعيّة خلفًا للمرحوم والدها، الأستاذ حسين اغباريّة، وقالت في كلمتها: “ها نحن نضيء الشّمعة السّادسة لاحتفاليّة المعلّم، تأكيدًا منّا على دوره ورسالته الاجتماعيّة المفصليّة، في تنشئة الأجيال وغرس القيم النبيلة في النّفوس. هذه الاحتفاليّة بدأت تحديدًا على يد المبادر والمصمّم لهذا الحدث التّربوي المدير المرحوم لجمعية التّطوير الاجتماعي الأستاذ حسين اغباريّة، كجزء من فعّاليّات الجمعيّة، والذي أشار إلى واجبنا كهيئات ومؤسّسات أهليّة، أن نستثمر ما لدينا من موارد محدودة، للفت النّظر إلى الدّور الحسّاس والمفصلي للمعلّم، من خلال الاحتفاء به سنويًّا”.
وأضافت: “سنواصل في جمعيّة التّطوير الاجتماعيي انا وزملائي في الدأب على تنظيم هذا اليوم سنويًّا، وفاءً لمُحدثي التّأثير وزارعي الأمل، حاملين القناعة بأهميّة الذكرى والدّور الهام للمربّين”.
وقدّم الدكتور ماجد خمرة، مدير وحدة النّهوض بالتّعليم العربي في بلديّة حيفا، تهنئة خاصّة للمعلّمين، قال فيها: “أضمّ صوتي لكلّ ما قيل من كلام وشكر، وخاصّةً انتخاب مديرة جديدة للجمعيّة. وكأنّي أرى حسينًا جالسًا أمامي كما في الأيّام التي خلتَ. ما زلتَ هنا يا صديقي..”
وأضاف: “اختلفت التّواريخ لاحتفاليّة يوم المعلّم وتنوّعت من بلد إلى بلد. إلّا أنّ الجوهر واحد يتجلّى في هذه الدّعوة “احتفاليّة يوم المعلّم والمربّي الحيفاوي”، والحيفاوي هنا ليس بالضّرورة ساكن حيفا (حيفا تسكن فينا). حيفا هنا المثال والنّموذج لكلّ معلّماتنا ومعلّمينا، مربّياتنا ومربّينا. حيفا هنا أيضًا لا نعرف المعلّم دون المعلّمة، المربي دون المربّية، فهي ازدواجيّة الواحد الموّحد. ولكي لا أدخل في دوّامة التّذكير والتّأنيث.. لنجعلها معلّمةً جميلةً كلغّتنا العربيّة الجميلة، لغة الأم”.
وتابع الدّكتور خمرة قائلًا: “قيل الكثير في المعلّمة، شُحذت الأذهان، نضحت البلاغة من إنائها، لتأتي بأرقى وأسمى التّعابير والأوصاف، إكرامًا وإجلالًا للمعلًمة ورسالتها المتفانية. وكلًما تعمّقنا في جوهر الرّسالة وكينونة معلّمتها، لن نجد التّعبير الأدقّ والأمثل. فهي ليست في نهاية المطاف، بل في المطاف ذاته، هي الإنسان الّذي يحبّ وربما يكره، يعطي ويأخذ، يصيب ويخطئ (حركة بسيطة من المربي قد تقرر مصير الطّالب)، يأكل، ينام، يبرد، يسخن، يرقص (وكم استغربنا ونحن صغار حين رأينا معلّمًا يرقص)، يحزن، يطرب، يمشي، يسبح و.. و.. و.. الكثير الكثير.”
“إذن فهو الذّات الإنسانيّة التي تتيح لنا تعلّم فنّ المهارات في الحياة. فهنيئًا لكم ولكنّ في يومكم ويومكنّ”.
وقدّمت المربّية حاني ليدور، رئيسة نقابة المعلّمين في حيفا، تحيّةً خاصّة جاء فيها: “جئت أحييكم أنتم الّذين تقومون بعملكم اليومي، هذا العمل الشّاق وغير البسيط، ويجب أن نكرّم المعلّم ليس فقط في يوم واحد، بل كلّ يوم وكلّ ساعة. وأعتقد بأنّنا لو نقلنا هذه الرّسالة إلى الجمهور كافّة، وخاصّة لأولياء الأمور، لأنّنا نحن كمعلّمين نعرف ماذا نقدّم وماذا نعطي، لكن يجب تعزيز هذا في أوساط الجمهور”.
ثم ألقى مدرّب التّنمية البشريّة أشرف قرطام محاضرة حول هدف ورسالة التّربية والتّعليم.
أمّا الدكتور جوني منصور، رئيس جمعيّة التّطوير الاجتماعيّ، فقال: “نلتقي تكريمًا للمعلّم العربي في هذه المدينة، وإن أردتم في كلّ قرية ومدينة، في وطننا الغالي. لأنّ المعلّم ليس محدودًا في الإطار الجغرافي، بل هو فوق هذا الإطار بكونه مربيًا أوّلًا ومعلّمًا أوّلًا وأبدًا. نحتفل بيوم المعلّم في ظروف صعبة مرّت وتمرّ على مدينتنا الحبيبة، جرّاء الحرائق والتّحريض الرسمي والإعلامي، من بعض وسائل الإعلام والشّخصيّات الرّسمية. إلّا أنّنا أقوى من هذه النيران، لأنّنا نحب وطننا، وشجر وطننا ونحبّ هذه الأرض الغالية. كم كنّا نتمنّى أن يكون بيننا الراحل حسين اغباريّة، مدير الجمعيّة ومؤسّسها، وواضع أسس وفكرة هذه الاحتفاليّة، لكنّنا نقف عاجزين أمام قدرة الطّبيعة. نحتفل لأوّل مرّة بيوم المعلّم بغيابه الجسدي، لكن روحه وابنته ترافقنا”.
ومضى الدكتور منصور يقول: “المعلّم في أيّامنا يتعرّض إلى التّهميش والإقصاء عن فعل التأثير في المجتمع لدرجة أنّ وزارة التّربية والتّعليم، وتتبعها مؤسّسات تربويّة كثيرة، تريده أن يلتزم بأنظمة عمل صارمة، وأن يقوم بأداء واجبه وفقًا لوقت وظيفيّ ليس أكثر”.
ثمّ جرى تكريم المربّي والشّاعر والأديب حنّا أبو حنّا، بتقديم لوحة فنيّة له من تصميم فنّان الحروفيّة كميل ضو. وقال الشّاعر أبو حنا: “إنّ الأستاذ حسين حيّ معنا، في المشروع الذي بدأه وهو في أوج رسالته. رسالتنا كمعلّمين كبيرة جدًا وعالية جدًا وتطلب تضحيات كثيرة، ولكنّها أهمّ رسالة لأنّها هي التي تبني الأجيال الجديدة، تثقّفها، وتبني طريقًا جديدًا لأجيال جديدة. ونأمل دائمًا أن تحقّقوا هذا الواجب”.
وجاء في اللّوحة التّكريميّة من قصيدة للشّاعر أبو حنّا:
“هو ذا عهدي لشعبي
أن أغذّي بدمي خفق سراج
في متاه الكهف ما زال يضيء
أملًا.. عزمًا.. وأجراس ربيع
فاشهدوا: أنّا سرينا
في عروق الجذر جذوة
أنّنا الكف التي تلطُم مخرز
أنّنا الجُرح الذي ينزف قوة”.
وقدّم كلّ من الفنّانين نانسي حوّا وإياد خوري وفؤاد هلّون وصلة غنائيّة، واختتم بإلقاء مجموعة مشوّقة من القصائد للشّاعر المبدع مروان مخّول.
تكريم للمعلّمين ولشيخهم حنّا أبو حنّا
مراسل حيفا نت | 02/12/2016