تصوير: وائل عوض
التحق لاعب كرة القدم علاء إيهاب جعفر بنادي مكابي حيفا الرّياضي منذ سن العاشرة، ولا يزال يتقدّم في صفوف النّادي حتّى بلغ الآن مرحلة الشّباب.
ويقول إيهاب جعفر (والد علاء): إنّ علاء تعلّم الابتدائيّة في مدرسة راهبات النّاصرة، ثمّ الثّانويّة في الكليّة العربيّة الأرثوذكسيّة. واستطاع أن يوفّق بين دروسه ونجاحه في الامتحانات، وبين هوايته الّتي اكتسبها وتلقى تشجيع العائلة كلّها، وهي لعب كرة القدم. وقد تلقى الإرشاد والتّوجيه من أختي المعلّمة سوزان، الّتي تخرّجت من معهد «ڤينچِت» وهو قد يلتحق في المستقبل بهذا المعهد، كما يطمح الآن لكي يلعب في صفوف فريق الكبار.
التقيت بعلاء مع والده إيهاب جعفر الّذي أكّد أنّ الوقوف إلى جانب علاء جاء لأنّه يستحقّ الدّعم، ولأنّه كان مجتهدًا وناجحًا ومثابرًا في دروسه الابتدائيّة والثّانويّة، وتمكّن من التقدّم من امتحانات البچروت والنّجاح فيها بامتياز، إلى جانب تميّزه بالرياضة وحبّ المدرّبين له وسائر أعضاء الفريق.
ومضى إيهاب يقول إنّ علاء جعلني شخصيّـًا والعائلة كلّها نلبّي رغباته وهوايته الرياضيّة، وكنّا على استعداد لتقديم ما يلزم لكي ينجح في كلّ ما يسعى إليه. وأدركنا أنّه يحب دروسه ومدرسته وهوايته، وأحبّه الجميع نظرًا لأخلاقه الحميدة وإخلاصه في تطبيق وتنفيذ ما يفعل. والحمد للّه جاءت تربيته بالنتيجة المرجوّة، ولم يرافق أصدقاء السّوء، أو يعاشر رفاق الجنوح أو الجريمة، كما لم يجنح إلى آفة المخدّرات والسّكّر والعربَدة، بل حافظ على جسمه وصحّته ولياقته وأدبه وأخلاقه.. وهذا يظهر في سلوكه الشّخصيّ ومعاملته مع العائلة والأصدقاء والرّفاق والمجتمع بأسره.
ثم سألت علاء عن التحاقه بنادي مكابي حيفا والصّعوبة الّتي يواجهها هناك، فقال إنّه لا يواجه أيّ صعوبات أو مشاكل أو تفرقة أو تمييز بين لاعب ولاعب، لأنّ النّادي ينظر إلى كلّ لاعب نظرة موضوعيّة، وترى الإدارة كلّ لاعب وتقيّم مهارته وقدرته وأخلاقه في اللعب والتّدريب في الملعب وخارج الملعب؛ ولذا لا بدّ من الإشارة إلى الدّور الهام الذي يقوم به المدرّبون والإدارة، والجهود الّتي يبذلونها لكي يحافظ اللّاعب على لياقته البدنيّة وصحّته الجسمانيّة. ومن ثمّ يستطيع مجاراة سائر اللاعبين المحترفين، ولذا نشترك في كلّ عام في مخيّمات تدريبيّة داخل البلاد وخارجها. إضافة إلى التّدريبات المتواصلة الّتي نقوم بها يوميّـًا في على أرض الملعب في حيفا. وعلى سبيل المثال فقد شارك النّادي بمخيم التّدريب في پراغ العاصمة التشيكيّة، وفي ألمانيا، وكذلك في الولايات المتّحدة.
يطمح كلّ لاعب لكرة القدم لكي يسطع نجمه وينطلق إلى العالميّة ويقتدي بكبار اللّاعبين، وكذلك علاء الّذي يعتبر لاعب برشلونة داني ألڤيس مثاله الأعلى في كرة القدم، خاصّة أنّ ألڤيس يلعب في الدّفاع الأيمن، وذلك كما يحب علاء أن يلعب. ويقول إنّ بلوغ اللاعب درجة العالميّة أو النّجوميّة على الصّعيد المحلي أوّلًا يحتاج إلى كثير من الجهد واللّياقة والتّدريب، فكم بالحري إذا تطلّع اللّاعب إلى المستوى العالمي؟ ولذا ينبغي بذل الجهود والتّضحية الفائقة ولفت أنظار المدرّبين واللاعبين وكسب محبتهم ومودّتهم، وهذا ليس بالأمر السّهل. وقد برهن اللّاعبون العالميّون لياقتهم في الملعب حتى استحقوا اللعب مع الفرق المشهورة والعالميّة. ولذا تعجبني الفرق العالميّة الّتي يقف اللاعبون فيها صفّـًا واحدًا ويتّفقون على خطط اللّعب والتّدريب والنّجاح، مثل الفرق الإنچليزيّة والألمانيّة والإسپانيّة.
وعلى الصّعيد المحليّ، يضيف علاء قائلًا، نحن نرى فريق أبناء سخنين أنّه أفضل الفرق العربيّة اليوم، وهو يحافظ على مكانته في الدّوري، وقد انتقل عدد من لاعبي مكابي حيفا للعب في سخنين، وهذا يشجّع كافّة اللّاعبين للانضمام إلى هذه الفرق والوصول إلى القمّة. وقد أثبت اللاعبون العرب جدارتهم في المجالات الرياضيّة، مما يؤكّد على قدراتهم للانخراط في أيّ مضمار رياضيّ، إن كان كرة القدم أو كرة السّلة أو الكرة الطّائرة أو غيرها من مجالات الرياضة المختلفة.
وسألت علاء عن ظاهرة العنف في الملعب وخاصّة العنف الكلاميّ، كما نشاهد من مشجّعي فريق بيتار القدس، وغيرهم من المشجّعين، فقال إنّي أهتم باللعب والملعب إذا سمعت أصوات الانتقاد للفريق أو لأحد اللاعبين، وأحاول التّركيز بما تدرّبت عليه. وإذا كان هتاف الجمهور للتشجيع فإن هذا يرفع من المعنويّات ويبعث على شدّ الهمم لمزيد من العطاء في الملعب. ومن ناحية عامّة فإن الجمهور في حيفا قلّما يتفوّه بعبارات بذيئة أو يوجّه الشّتائم لي شخصيّـًا أو يطلق هتافات وعبارات عنصريّة أو غيرها، مع أنّ هذا غير مستبعد على عالم التّشجيع، وكثيرًا ما شاهدنا الخصومات والمشادات الكلاميّة والشّجارات، وحتّى الاعتداءات على الفرق الرياضيّة أو على الرياضيّين أنفسهم، فهذا جزء من المشهد العام لكرة القدم، إن كان في أوروپا أو آسيا أو أي مكان آخر، وكأنّ الخصومات والاعتداءات هي جزء لا بدّ منه بعد كلّ مباراة. ولذا ينصبّ اهتمامي باللعب والملعب وزملائي اللاعبين. وهكذا فإنّ نادي مكابي حيفا يستقبل اللّاعبين العرب واليهود بدون أي تفرقة أو تمييز بل بموجب قدرات اللّاعب وحبّه لكرة القدم، ولتجاوبه مع المدرّب.
ومضى علاء يقول، من الطّبيعي أن أكون بحاجة إلى مزيد من التّدريب، وأنا لم أبلغ بعد تلك الدّرجات، ولكن الطّريق قد تكون مفتوحة نحو التقدّم إلى الأمام. وهذا لا يعني أنّ الطريق مرصوفة بالورود، بل قد نضطرّ للتغلّب على الأشواك والعراقيل.
ومن ناحية التّدريب فإنّ مدرّبنا يبذل جهوده، وينقل إلينا المعرفة والإلمام لكي نقدّم اللعب الصحيح على أرض الملعب، ولكي نكسب في كلّ مباراة نخوضها. والحمد للّه فأنا من اللّاعبين المطيعين الّذين يلعبون كما يطلب منهم المدرّب، فعلاقتنا سليمة وجيّدة، ونحن نتفاهم قدر الإمكان لكي أقوم بواجبي مع سائر اللّاعبين.
ولفت علاء إلى بعض القوانين الجديدة الّتي يتعامل بموجبها حكّام الملعب، وقال إنّ مسألة التّحكيم أصبحت أكثر دقّة حيث وضعوا حكمين آخرين في الملعب، إضافةً إلى الحكم الرئيسي وإلى الحكمين الجانبيين، وزاد الانتباه في الملعب والقرارات أكثر دقّة وموضوعيّة.
من الطّبيعي ألا يدوم لاعب كرة القدم في أي فريق حتى سن الشيخوخة، ولا حتّى سن متقدّمة، فكيف ترى مستقبلك وضمان معيشتك كمهنة تعتاش منها، سألت علاء. فأجاب إنّ ميولي الرياضيّة تطغى الآن على اهتماماتي، وصحيح أنّه لا بدّ من النّظر إلى المستقبل البعيد أيضًا، وهنا أعتقد بأنّي سألتحق بالمعهد الرياضي «ڤينچِت» لكي أصبح معلّمًا أو مدرّبًا رياضيّـًا في المستقبل، ونحن نرى كثيرًا من معلّمي الرياضة والمدربين في مجالات الكرة المختلفة الّذين تخرّجوا من هذا المعهد وقد انخرطوا في سلك التّعليم والتّدريب في المدارس والمراكز الرياضيّة.
وطلبت من علاء أن يصف لنا يومه العادي كلاعب كرة قدم وما هو جدول أعماله اليوميّ في حياته العاديّة، فأشار إلى أنّه تنازل عن أشياء كثيرة من أجل أن يصبح لاعبًا محترمًا ومحترفًا، ومن هذه الأمور والمجالات حياة اللهو والتّرف والسّهر الشّبابيّة، وتقسيم أوقات يومه بصورة صحيحة ما بين التّعليم في المدرسة، طبعًا قبل التخرّج، وبين الدروس والوظائف البيتيّة واجتياز الامتحانات بنجاح، لا بل بامتياز، ثمّ الاستراحات القصيرة بعد الدّرس والانطلاق إلى الملعب في الوقت المحدّد للتدرّب مع الفريق، والعودة لتناول الطّعام الخاص باللاعبين، الّذين يرغبون بالمحافظة على صحّتهم ولياقتهم البدنيّة اللّازمة، ومتابعة الدّرس حتّى ساعة متأخّرة نوعًا، وعدم السّهر طويلًا والنّهوض المبكّر من النّوم في اليوم التّالي بكامل اليقظة والنّشاط.
شكرت إيهاب جعفر على هذه الفرصة الّتي كشفنا فيها عن ابنه كلاعب يتقدّم في صفوف فريقه، وشجّعت علاء على المضيّ قدمًا باتباع الأخلاق الحميدة والتّواضع والإخلاص في اللّعب والتّدريب، وتمنيّت له النّجاح وتحقيق طموحاته.
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/78648746720140303042338"]