نظمت جمعيّة الثقافة العربيّة، يوم الجمعة، حدث إطلاق برنامِج المنحة السّنوي لطلّاب منحة روضَة بشارة- عطا الله، للعام التاسع عشر على التوالي، وذلك في قاعة “نيو غراند بالاس” في مدينة الناصرة، بحضور الطلبة الجامعيين الحاصلين على المنحة من مختلف الجامعات والمعاهد العليا في البلاد.
وبعد انقطاع دام عامين بسبب الحرب على الأهل في قطاع غزة، عادت جمعية الثقافة العربية لتحيي تقليدها السنوي بإطلاق برنامج المنح، لِتعطي أملًا جديدًا لطلابها، ولتجمع طلابها تحت سقف واحد وشعار واحد “رحلة أمل”، وهي رحلة أكاديمية ووطنية لمدة 3 سنوات، تقدم مساحة ثقافية وفعالة لطلبة الجامعات في البلاد، وتُكون هذه الفرصة لهم محطة أمان أمام التحديات التي يمرون فيها خلال فترة دراستهم.
وتعمل منحة روضة بشارة- عطا الله، منذ انطلاقها عام 2007 بدعم من مؤسسة الجليل- لندن، على دعم الطلاب والطالبات الجامعيين العرب في مناطق الـ48. وخلال هذه المسيرة، رافق البرنامج آلاف الطلبة ضمن برنامج دعم متكامل، يجمع بين المساندة المادية، وبرنامج تثقيفي توعوي مكثف يسعى إلى تمكين الفرد، وتعزيز دوره المجتمعي، وترسيخ القيم الإنسانية والوطنية.
قدّم البرنامج ، للعام الدراسي 2025/2026، دعمه لأكثر من 200 طالب وطالبة من مختلف البلدات، الملتحقين بمختلف الجامعات والمؤسسات والمعاهد التعليمية في البلاد، ويشارك في البرنامج هذا العام 60 طالبًا وطالبة في عامهم الأول، حيث يشكّل هذا اللقاء الأول لهم مع باقي طلبة المنحة، للتعرّف على الإطار الطلابي الموسّع الذي يعمل، ضمن مسار المنحة، على مفاهيم التطوّع والمبادرات الثقافية والمجتمعية.
استهل البرنامج باستقبال وتسجيل وتعارف بين الطّلاب، ثم تم تعريف الطلاب على المنحة ومسيرة حياة الراحلة روضة بشارة- عطا الله، من خلال عرض فيلم قصير عن مسيرتها التي تكللت بالعطاء اللا محدود وبذل كل جهد من أجل الحفاظ على اللغة العربية والموروث الثقافي وتشجيع الطلاب على التعليم، بالإضافة إلى طرح البرنامج التثقيفي السّنوي المخطّط للطلاب لهذه السّنة، ومن ثم عرض كلمة مؤسسة الجليل- لندن الداعم والممول للبرنامج، وعرض فيلم قصير يحفزهم على المشاركة في برامج الجمعية التطوعية، وتخللت البرنامج فقرة فنية موسيقية مع الفنان علاء عزام، قدم من خلالها عددًا من الأغاني الوطنية المعبرة عن ضرورة العطاء والانتماء للبلد والشعب وقضايا الناس.
افتُتح البرنامج وأُدير من قبل الطالبة مريم عوّاد، التي استهلّت اللقاء بالنشيد الوطني، ثم قدّمت نبذة عن البرنامج وعن قصتها الشخصية فيه، مشيرةً إلى الدور الذي تؤدّيه النشاطات المكثفة فيه، في تحويل الطلبة الحاصلين على المنحة إلى عائلة واحدة تحتضنها جمعية الثقافة العربية.
وفي كلمته خلال البرنامج، شدد مدير جمعية الثقافة العربية، مصطفى ريناوي، على أن هذا البرنامج وما خطاه من تقدم وتطور وانتشار خلال السنوات الماضية جاء تحقيقًا لحلم الراحلة روضة بشارة- عطا الله، مؤسسة برنامج المنحة، وانطلاقًا من إيمانها العميق بدور هذا الجيل في قيادة المبادرات والانتماء للهوية من خلال اللغة والثقافة والعلم والتطلع للعمل وللتغيير، مستندًا إلى برنامج داعم ومؤسِّس يعمل وفق بوصلة واضحة نحو بناء مجتمع وطني متعاون، يحترم التعددية وحقوق الإنسان.
وأكد ريناوي على أهمية التزام الطلبة في فعاليات البرنامج السنوية، إضافةً إلى الأمانة والمسؤولية التي تقع على عاتق الطلبة في مسيرتهم الأكاديمية وخدمتهم لمجتمعهم.
وأضاف ريناوي أنّ المنحة “ستعلّم الطلبة معنى الشراكة بدل الفردانية، والعمل كعائلة واحدة في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وكرامتهم، ليشكّلوا معًا سدًّا وطنيًا تجاه الأزمات والعوائق والشعور بالاغتراب خاصة في الجامعات الاسرائيلية”.
وكانت الكلمة الثانية لمنسّقة مشروع المنح، لورين كنعان، التي سترافق الطلبة في بداية مسيرتهم التعليمية والمهنية، حيث أشارت إلى أنّ وجودها في هذا الموقع يعيدها إلى ذكريات ما قبل أربع سنوات، ودعت الطلبة إلى استثمار هذا الإطار للتعبير عن أنفسهم، والاستفادة من مساحة الانتماء التي توفّرها المنحة، والعمل على صقل شخصياتهم وهويتهم، وحملها بثقة وقوّة ودون خوف.
وخاطبت كنعان الحضور وصلتم إلى العنوان الصحيح لبناء جيل واعد يقود مسيرة العطاء”، متمنّيةً للطلبة عامًا دراسيًا مثمرًا.
ويعمل طاقم مشروع المنح في جمعية الثقافة العربية, ممثلا بمنسقي المشروع, لورين كنعان وعز عودة, على مرافقة الطلبة وبناء برنامج متكامل يهدف تمكينهم وتعزيز روح العطاء والاستثمار في طاقاتهم الأكاديمية والمجتمعية.
وقال رئيس الهيئة الإدارية لجمعية الثقافة العربية، أنطوان شلحت، إن ما يحكم هذه المنحة معايير كثيرة، أبرزها: أن التعليم وسيلة مهمة للغاية من أجل العمل والتطوّر الحياتي وفي الوقت نفسه من أجل التطوّر المجتمعيّ، والتوجّه نحو الحفاظ على الهوية واللغة، وجمعية الثقافة العربيّة من أولى المؤسسات التي التفتت إلى هذه المسألة وأولتها أهمية قصوى. وقد ثبت على مر الأعوام أنها مسألة مهمة للغاية إن لم تكن الأهم في سيرورة الفلسطينيين هنا.
وأضاف شلحت أنه لا بُدّ من أن نتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى مؤسسة الجليل والقيمين عليها، مؤكدًا أن أي كلمات أو تعابير ستظل عاجزة عن أن تفيهم حقكم. كما تتوجه الجمعية بالاحترام والتقدير لمن تحمل هذه المنحة اسمها، د. روضة بشارة عطا الله منوهًا بما ألهمته بشأن الاستثمار في الثقافة وفي الطلاب الجامعيين باعتباره استثمارًا صافيًا بكل المقاييس في المستقبل.







